حين يشرق النور!
يا لها من لحظة تتوق إليها كل نفس مؤمنة بالله تعالى، هذه اللحظة الفريدة التي تتقطع إليها النفوس شوقًا ورجاء وعملا، هذه اللحظة التي يبزغ فيها نور الفجر على ربوع العالمين، وترتفع فيها راية الإسلام عالية خفاقة فتمطر الأرضَ رحمة وبركة.
من سنن الله تعالى وحكمته في هذا الكون الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر بين الهدى والضلال، بين النور والظلام ولكن الله قضى برحمته وحكمته أن تكون الغلبة في هذا الصراع لأهل الحق والهدى والنور، مهما طال أمد الصراع ومهما اشتد بطش أهل الباطل بأهل الحق ولم لا وأهل الحق هم أهل الله وخاصته، وهم جند الله يأتمرون بأمره ويحتمون بحمايته ويلتجؤون إليه حين تضيق بهم الأرض وحين تنقطع عنهم أسباب الدنيا يتصلون بحبل السماء فيأتيهم النصر حينها من فوقهم وتتنزل عليهم رحمة الله.
{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} هذا هو وعد ربنا الذي لا يخلف وعده، وإنما هو يمتحن عباده ليبلوهم أيهم أحسن عملا ليميز الخبيث من الطيب وليهلك من هلك عن بينه ويحيا من حي عن بينه ولولا هذه المحن التي تمر بها أمتنا ما كنا لنعرف الصادقين الذين يريدون الخير لأمتهم من أدعياء الخير المنتفعين من كل حادثة تنزل بالأمة وهذه المحن تكشف وجوها كثيرة وتميز الصف المؤمن من كثير من المندسين فيه ويظهر الحق وتتضح معالمه للجميع، وهكذا المحن.
ثم المحن مرقاة كثيرين إلى الدرجات العلى ممن اصطفاهم الله واختارهم عنده من الشهداء وممن ابتلاهم الله فصبروا على هذه البلايا الجسام في النفس والعرض والمال فكتب الله لهم بذلك عظيم الأجر ورفيع الدرجات.
حين يشد الظلام اشتدادًا تيأس منه النفوس وتظن أن لا نجاة من هذا الظلام وحين تنقطع الأنفس حزنًا وكمدًا وأسى من طول هذا الليل حينما تكون تباشير الصباح وصحو النفوس من رقدتها فإذا بأنوار الصبح قد لاحت في الأفق لينير الطريق للسالكين وساعتها يكون العمل والنشاط فرحًا بنصر الله لعباده المؤمنين وحينها يكون استخلاف الله لعباده المؤمنين في الأرض لينظر كيف يعملون.
يا أمتى صبرًا، فليلُك كاد يُسفِر عن صَباح
لا بدَّ للكابوس أن يَنزاح عنا أو يُزاح
والليل إن تشتدَّ ظُلمته نقول: الفَجر لاح
والفجرُ إن يُشرِق فلا نومٌ وحيَّ على الفلاح