|
أَعِــدْ مِنْ مَعَانِي الحَدْبِ مَا سَلَبَ الْحَزْبُ |
وَضَعْ عَنْ مَثَانِي الْحُبِّ مَا صَلَبَ الْحَوْبُ |
وَجُــبْ فِــي رِحَــابِ الْقَلْبِ مِحْرَاثَ آمِلٍ |
فَــمِنْ شَــرْنَقِيِّ الــجَدْبِ يَــنْبَثِقُ الْخصْبُ |
وَإِنَّ الْأَبِـــيَّ الْــحُرَّ لَا يُــوجِسُ الْأَسَــى |
بِــهَــجْسٍ وَلَا يـــزْرِي بِــهِمَّتِهِ الْــكَرْبُ |
وَهَـــلْ يَــسْتَخِفُّ الْــيَأْسُ فِــينِيقَ مَــاجِدٍ |
إِذَا اسْــتَنْكَفَ الْمَنْشُودُ وَاسْتَنْزَفَ الدَّرْبُ؟ |
إِذَا خَـــذَلَ الْــمِــجْدَافُ فِــي الْــيَمِّ قَــارِبًا |
فَــلَــنْ يَــبْــلُغَ الــشُّطْآنَ إِلَّا الَّــذِي يَــشْبُو |
وَإِنْ خَــالَفَ الْإِنْــصَافَ بِــالْحِقْدِ جَــاهِلٌ |
فَــسِــيَّانِ عِــنْدَ الْــعَاقِلِ الــنَّأْيُ وَالْــقُرْبُ |
بَــلَــى أَنْــكَــرَتْنِي سُــنْــبُلَاتِي وأُعْــجَفَتْ |
سِــنِــينِي وَآذَتْــنِــي الْــدَّيَــاجِرُ وَالــشُّهْبُ |
أَهُـــزُّ نَــخِيلَ الــرُّوحِ فِــي بِــيْدِ غُــرْبَةٍ |
وَسَــرْجُ فُــؤَادِي لَا سَــرَابٌ وَلَا سِــرْبُ |
وَكَـــانَ حَــصَــادُ الْــعُمْرِ مِــنْجَلَ حَــاقِدٍ |
وَعَــصْفَ حَــسُودِ الــفَضْلِ أَلَّــبَهُ الْــحَبُّ |
سَــكَــبْتُ لَــهُــمْ صَــفْوَ الْــوِدَادِ وَكَــدَّرُوا |
وَمِــثْلِي حَــرِيٌّ أَنْ يُــطَابَ لَــهُ الــسَّكْبُ |
أَلُـــمُّ شَــتَــاتِ الْــعُمْرِ جِــسْرًا لِــيَعْبُرُوا |
فَــيَحْطِمُهُ قَــبْلَ الْــعِدَى الْأَهْلُ وَالصَّحْبُ |
وَأَمْـــلَأُ مِـــنْ حُــبِّــي أَبَــارِيقَ أُنْــسِهِمْ |
فَــيَــسْكُبُهُ الــنُّــكْرَانُ مُــهْلًا بِــمَا صَــبُّوا |
سِــرَاجًا بِــزَيْتِ الْــعَفْوِ أَوْقَــدْتُ هِــمَّتِي |
فَــكُــلُّ نَــبِــيلٍ مِـــنْ زُجَــاجَــتِهَا يَــرْبُو |
مَــحَضْتُ فُــؤَادِي يَــنْضَحُ الــرَّأْمَ فِــطْنَةً |
يَــــبَــشُّ لَـــهُ حِـــبٌّ وَيَــرْهَــبُهُ خِـــبُّ |
يُــفَتِّشُ جَــيْبَ الْــغَيْبِ عَــنْ صَــكِّ أُوْبَةٍ |
وَيُــسْرِجُ قَــبْوَ الــرُّوحِ مِــنْ مُهْجَةٍ تَخْبُو |
يُــمَارِسُ طَــقْسَ الــشَّوْقِ حُــزْنًا مُؤَجَّلًا |
وَيَــعْزِفُ نَــايَ الْــوَجْدِ فِي شَطْئِهَ الهُدْبُ |
هَــزَارًا سَــبَاهُ الــشَّدْوُ فِــي بَــهْوِ خِــرْبَةٍ |
وَبُـــومٌ بِــبَــابِ الْــقَصْرِ شَــنَّفَهُ الــنَّعْبُ |
وَإِنِّـــي وَإِنْ كُــنْــتُ ابْـــنَ قَــوْمٍ أَكَــابِرٍ |
لَأَدْرَى الْوَرَى أَنْ لَيْسَ فِي حَسَبٍ حَسْبُ |
فَــمَا زِلْــتُ أُمْــضِي الْعَزْمَ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ |
لِأَبْــلُــغَ قَــبْــلَ الْــقَوْمِ مَــا يَــبْلُغُ الــدَّأْبُ |
أَجُــوبُ فَــيَافِي الْــفِكْرِ وَالــشِّعْرِ طَــاوِيًا |
فَــلَيْثُ الْــمَعَانِي لَا يَــطِيبُ لَــهُ الْــعُشْبُ |
وَأَنْــقُشُ خَــالَ الْــحُسْنِ فِــي خَدِّ صَخْرَةٍ |
لِــتُسْقَى شِــفَاهُ الْــمَاءِ مَــا ظَــمِئَ الثَّغْبُ |
عَــذَارَى مَــعَانٍ فِــي فــرَادِيسِ أَحْــرُفٍ |
وَبَــحْــرَ خَــيَــالٍ لَا يُــسَــاوِرُهُ الْــنَّضْبُ |
وَنَــهْرًا مِــنَ الــشَّهْدِ الْمُصَفَّى مِنَ الشَّذَى |
يَــطِــيبُ لِــرِيقِ الــذَّوْقِ بَــارِدُهُ الْــعَذْبُ |
وَمَــا هِــجْتُ عَــنِّي الــشِّعْرَ إِلَّا وَعَادَ لِي |
يَــتِيمًا مَــهِيضَ الــطَّرْفِ أَخْــبَتَهُ الْأَوْبُ |
قَــصِيدِي كَــمَا الــصَّبَّارُ لَــمْ يُرْعَ مِنْ يَدٍ |
وَلَــمْ تَــسْقِهِ الْأَرْضُ الــيَبَابُ وَلَا السُّحْبُ |
وَلَــكِــنَّهُ كَــالْــمِسْكِ فِـــي نَــسْكِ رَبْــوَةِ |
تُــلَاطِمُهُ الْأَنْــوَاءُ وَهْــوَ الــنَّدَى الصَّلْبُ |
وَمَــا عَــابَنِي إِنْ عَزَّ حَرْفِي عَلَى النُّهَى |
سِوَى أَنْ يَعِيبَ النّجْبَ فِي الْحُجَّةِ الوَجْبُ |
وَمَـــا صَــابْنِي خَــسْفًا تَــشْمُّتُ ضَــاغِنٍ |
وَكَــيْفَ تَــرَانِي الْــعَيْنُ إِنْ أَظْــلَمَ الْقَلْبُ؟ |
وَلَــوْ عَــادَ بِــي دَهْرِي إِلَى حَيْثُ أَرْتَقِي |
مَــقَــامَ مَــدِيــحٍ مَــا يَــرُوحُ بِــهَا كَــعْبُ |
وَفِـــي أُفُـــقِ الْإِبْـــدَاعِ بَــدْرٌ وَكَــوْكَبٌ |
وَلَــكِنَّ نَــجْمِي فِــي الْــبُرُوجِ هُوَ الْقُطْبُ |
تَــجَــلَّى عَــلَــى الْــغَاوِينَ فَــذًّا فَــكُبْكِبُوا |
وَجَــلَّــى إِلَــى الْــعَالِينَ مَــا لَــذَّ فَــانْكَبُّوا |
وَإِنْ أُزْلِــفَتْ جَــنَّاتُ حَــرْفِي لِذِي النُّهَى |
فَــفَــاكِــهَةٌ أَمَّــــا الــمُــخَــاتِلِ فَـــالْأَبُّ |
وَمَــنْ غَــاظَهُ فِــي الــشِّعْرِ فَــخْرِي فَإِنَّهُ |
لَــئِــيمٌ سَــقِــيمٌ قَــاسِــطٌ سَــاقِــطٌ لَــغْــبُ |
سَــأَهْــجُرُكُمْ وَالــشِّــعْرَ هَــجْــرًا مُــؤَثَّلًا |
إِلَـــى حَــيْثُ لَا أَلْــبٌ يَــقُضُّ وَلَا رَيْــبُ |
أَنَـــامُ وَفِـــي الْــوِجْدَانِ فَــحْوَى بَــرَاءَةٍ |
وَأَصْــحُو وَفِــي الْإِنْــسَانِ قَدْ أَيْنَعَ الْحُبُّ |
وَأَحْــنُو أُنَاغِي الطَّيْرَ وَالزَّهْرَ فِي الرُّبَى |
وَأَدْنُو أُنَاجِي الرَّحْبَ فِي ضِيقِ مَنْ جَبُّوا |
أَرَى سَــبْــتَ بِــنْتِ الْــفِكْرِ يَــفْتِنُ رَبَّــهَا |
كَــمَــا فُــتِنَتْ شَــمْطَاءُ لَانَ لَــهَا الْــجَنْبُ |
وَكُـــلُّ حَــكِيمٍ يَــعْرُشُ الــرَّأْيَ بِــالْهُدَى |
فَــإِنْ جَــاشَ فِــيهِ الْــقَلْبُ طَاشَ بِهِ اللُّبُّ |
وَلَـــمْ أَرَ مِــثْــلَ الــسَّــعْيِ طِــبًّا لــقَانِطٍ |
وَلَا مِــثْلَ كَــيِّ الْــوَعْيِ إِنْ عَجَزَ الطِّبُّ |
وَهَـــذَا زَمَـــانٌ أَلْــبَــسَ الْــفِسْقَ عِــمَّةً |
فَــلَــيْسَ عَــجِــيبًا أَنْ يَــفُوزَ بِــهِ الــقَحْبُ |
جُــنُــوحًا إِلَـــى الــلَّذَّاتِ وَالــلَّيْلُ عَــاهِرٌ |
يُــعَاقِرُ كَــأْسَ الــذَّاتِ مِــمَّا سَــقَى الْجُبُّ |
وَقَــوْمٌ أَضَــلُّوا الــرَّأْيَ بِــالمَيْنِ وَالْــمُنَى |
لَــهُــمْ غَــيْــمُ عِــلْمٍ بِــالسَّفَاسِفِ يَــنْصَبُّ |
إِذَا كَـــالَ صَـــاعُ الْــعَدْلِ فِــيهِمْ مَــوَدَّةً |
يَــكِــيلُ لَــهُــمْ جَـــوْرَ الــضَّغِينَةِ إِرْدَبُّ |
فَــمَنْ كَــوَّرُوا الْأَحْــلَامَ فِي عَتْمَةِ الرُّؤَى |
يَــحُــضُّهُمُ الــرَّغْبُ الْــمُخَنَّثُ وَالــرَّهْبُ |
وَمَـــنْ تَــخِذُوا الــدِّينَ الْــحَنِيفَ مَــطِيَّةً |
يُــلَاحُونَ بِــالذَّنْبِ الْــوَرَى وَهُــمُ الــذَّنْبُ |
وَمَـــنْ كَــذَّبُوا بِــالْحَقِّ وَاتَّــبِعُوا الْــهَوَى |
فَــحَــاقَ بِــهِمْ دُبٌّ وَضَــاقَ بِــهِمْ ضَــبُّ |
فَـــأَيُّ الْــفَــرِيقَيْنِ انْــثَــنَى؟ أَيُّ سَـــادِرٍ |
أَفَـــاقَ؟ وَأَيُّ الْــعَــيْبِ سَــتَّرَهُ الْــذِرْبُ؟ |
وَهَـــلْ يَــسْتَعِيذُ الْــبَرُّ بِــالْيَأْسِ وَالْأَسَــى |
لُــوَاذًا؟ وَهَــلْ يُــنْجِي اللَّجَاجَةُ وَالْعُجْبُ؟ |
وَكَــيْفَ يُــمَارِي الْــحُرُّ مَــنْ بَاءَ بِالْأَذَى |
وَفِــيــهِ بَــكَى الــتِّمْسَاحُ وَابْــتَسَمَ الــذِّئْبُ |
وَإِنِّــي أَعَــافُ الْخَوْضَ فِي جَدَلِ الْوَرَى |
فَــكُــلُّ عُـــزُوفٍ عَــنْ مُــجَادَلَةٍ كَــسْبُ |
وَلِــي مَــا يَــحُثُّ الــدَّهْرَ مِــنْ نُوحِ هِمَّةٍ |
لِأَحْــمِــلَ فِــي فُــلْكِ الــتَّفَاؤُلِ مَــنْ أَبُّــوا |
أَنَـــا مِـــنْ بِــلَادٍ بَــارَكَ اللَّهُ أَرْضَــهَا |
وَأَحْــنَى لَــهَا الــتَّارِيخَ مِــنْ عِــزَّةٍ شَعْبُ |
بِــلَادٌ كَــأَنَّ الْــكَوْنَ فِــي الْحِضْنِ ضَمَّهَا |
فَــلَــيْسَ لَــهَــا شَــرْقَ يَــشُـدُّ وَلَا غَــرْبُ |
يَــطُــوفُ عَــلَــيْهَا الــنَّــاكِبُونَ وَنَــخَــلُهَا |
يُــحَــابِي جِــيَــاعَ الْــعَــابِرِينَ وَلَا يَــحْبُو |
وَفِــي الــدَّهْرِ تَــجْرِي نَهْرَ ذِكْرٍ وَقُدْسُهَا |
تُــطِــلُّ عَــلَــى الْأَرْوَاحِ يَــكْلَؤُهَا الــرَّبُّ |
هَــرِمْنَا شُــيُوخَ الــذَّوْدِ وَالْــعَهْدُ صَــامِدٌ |
هَــزَمْنَا جَــوَى الــدُّنْيَا وَمَا انْهَزَمَ الشَّيْبُ |
وَخُــضْنَا حُــتُوفَ الْــقَهْرِ أُخْــدُودَ وَاثِــقٍ |
بِــأَنَّ قُــطُوفَ الــنَّصْرِ لِابْــنِ غَدٍ تَصْبُو |
وَهَــا أَرْجَــحَتْنَا الــعُرْجُ فِــي ذَيْــلِ ثَوْرَةٍ |
كَــأَنَّا رُفَــاتُ الــنَّفْجِ يَــلْهُو بِــهَا الْــكَلْبُ |
وَأُشْــهِــرَ سَــيْــفُ الــسَّفْكِ قُــرْبَانَ أُمَّــةٍ |
عَــلَى صَــدْرِهَا أَقْعَى الرُّوَيْبِضَةُ النَّخْبُ |
فَــلَــمْ تَــحْقِنِ الْأَوْطَــانُ دَمْــعًا وَلَا دَمًــا |
وَمِــنْ دَمْــعَةِ الْأَوْطَــانِ يهْصِرُنَا النَّحْبُ |
أَلَــمْ يَــعْلَمُوا أَنْ لَــيْسَ فِــي الْــمجْنِ جُنَّةٌ |
وَلَا فِــي وَثِيرِ الثَّوْبِ مَا يَرْتَجِي الْجُرْبُ |
يَــعُــوذُونَ بِــالــشَّجْبِ الــتَّلِيدِ وَمَــا دَرَوْا |
بِـــأَنَّ الْــمَــنَايَا لَــيْسَ يَــمْنَعُهَا الــشَّجْبُ |
وَفِــي الْــجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ سِدْرَةِ الْمُنَى |
مَــعَــاوِلُ مَــجْــدٍ لَا تَــنُــوبُ وَلَا تَــنْــبُو |
عَــلَــيْهَا جَـــلَالٌ مِـــنْ سِــجَــالٍ مُــمَرَّدٍ |
وَفِــيــهَا رِجَــالٌ لَا يَــؤُودُ بِــهِمْ خَــطْبُ |
إِذَا بَـــرَزُوا بِــالْحَزْمِ فِــي ذَاتِ عَــزْمِةٍ |
أَهَــابُــوا وَإِنْ مُــسَّــتْ مَــحَارِمُهُمْ هَــبُّوا |
سَــيَعْدُو جَــوَادُ الــبَذْلِ فِــي شَوْطِ نَهْضَةٍ |
مَــتَــى أَدْرَكَ الْــمِضْمَارُ أَنَّــا بِــنَا نَــكْبُو |
وَمَــهْــمَا تَــمَطَّى الــلَّيْلُ فَــالْفَجْرُ شَــاهِدٌ |
أَذَابُــــوا بِــنِــيرَانِ الْــبَــنَادِقِ أَمْ ذَبُّـــوَا |
وَمَـــا ثَـــمَّ إِلَّا وَالْــهُدَى يُــرْدِفُ الــنَّدَى |
وَيَــمْحُو قَــذَى جَهْلٍ عَنَ اْعْيُنِ مَنْ خَبُّوَا |
وَسَــوْفَ يُــدِرُّ الْــقَهْرُ مِــنْ بَــيْنِ فَــرْثِهِمْ |
ثَــقَــافَــةَ حُــــبٍّ لَا تُــرَتِّــلُــهَا حَـــرْبُ |
وَيُــــسْــرِجُ قِــنْــدِيلَ الــتَّــآلُفِ وَالْــتُّــقَى |
مُـــرُوءَةُ أَحْـــرَارٍ يُــعَــزُّ بِــهَا الــرَّكْبُ |
يُــنَــادِي مُــنَادٍ وَالْــمَدَى خَــاشِعُ الــحِجَا |
أَلَا تَـــبَّ مَـــنْ سَــبُّوا الــسَّنَاءَ أَلَا تَــبُّوا |