|
تشيخُ فَوْقَ شِفاهي عُذْرةُ النَّجْـوى |
فأُسْدِلُ الصَّمْتَ أسْتاراً على الشَّكوى |
يا دَهْـرُ فيمَ من الأكْـدارِ تُنْذِرُنـي ؟ |
جُـرْحٌ أنا و شِفائـي حيـنما أُكْوى |
أَوْدِعْ خـناجِرَكَ الغرثـى مـغامدَها |
لِطعْـنِها بفؤادي لـم يعُـدْ مأوى |
ألِفْتُ حُزنـي فأضحى لا يُبارِحُنـي |
حتّى وَجَدْتُ بِهِ ( لا بالهنا ) السَّلوى |
مُنْذُ الصِّبا و سـماواتـي مُـلبّدةٌ |
بالغيمِ ـ أكدرِهِ ـ لم تعرفِ الصَّحْوا |
رُزِئْتُ بالأهْلِ ، ماذا أدَّري حَذَراً ؟ |
مِنْ بَعْدَ رُزْئهُمُ ، ما أهْونَ البلوى ! |
قدْ خلّفوني كسيرَ القلبِ مُفْتَجعاً |
و قد غزا مِفْرقي شيْبُ النوى غَزْوا |
بَعْـضُ الأنامِ يُميطُ النارَ عنْ دَمِهِ |
إذا تـذكَّرَ يـوماً أمْـسَهُ الحُلْوا |
أمّـا أنـا فبِماذا أشتفـي و أنا |
من سييّءٍ سِرْنَ أيّامـي إلى أسوا |
يُتْمٌ ، و كرْبٌ يهدُّ الراسياتِ ، فَهَلْ |
تقَرُّ عيـنُ شَجٍ فـي هذهِ الأجوا |
مُنذُ الطّفولةِ أتْـقَنْتُ البكاءَ بلا |
دمْعٍ فَلمْ أعرفِ الإرواحَ و اللهوا |
أرى عُيونَ أبـي في دُمْيتي جَدلاً |
أرى ابْتِسامَ أبـي في علْبةِ الحلوى |
وَقارةُ الشيخِ بـي ما مرَّ بـي نَزَقٌ |
يحْدو بيَ العقْلُ لا النَّزْواتُ و الأهوا |
إليكِ عـنّيَ يا دُنـياً أُنـافِـرُها |
و يا زُلَيْخَةُ كيدي لـمْ و لَنْ أُغْوى |
و لنْ أبوحَ لِماذا ، كيفَ ، أينَ ، متى |
رُزِئْتُ فالمُبْتغى في (( جُمْلةٍ )) يُحْوى |
تُغْني عنِ الشرْحِ إجمالاً بِوَمْضَتِها |
و رُبَّ شرْحٍ وفيرٍ ما بهِ فَحْوى |
((من العراقِ أنا )) منْ موْطنٍ دمُهُ |
بِهِ الصّحارى اليبيساتِ اللمى تُروى |
((من العراقِ أنا )) منْ موْطنٍ يدُهُ |
لَوَتْ أياديَ بطْشٍ دونَ أنْ تُلوى |
حتّى إذا ما تراخى الصَّمتُ منسدلاً |
بِمَسْمعِ الدَّهْرُ صوتٌ هادِرٌ دوّى |
روَّى مسامعيَ العطشى بِصَيْحَتِهِ |
و لاسْتِغاثةِ صادي القلبِ ما روّى |
صاحَ العـراق ورُبَّ اسْمٍ أرَدِّدُهُ |
فلمْ أَجِدْ بيـنَ أسـماهُمْ لهُ كُفْوا |
يرنُّ في أُذُنـي مُنْذُ الصِّبا شَجَناً |
و كُلَّما مـرَّ عامٌ خِـلْتُـهُ تَـوّا |
يا من إذا ما قصى عنّي دَنَوْتُ وَ لمْ |
أزَلْ على الجمْرِ أحبو نحْوَهُ حَبْوا |
إنْ بِعْتني لمْ أَبِعْ فارْتَحْ وَ نَمْ رَغَداً |
لمْ أهوَ غيرَكَ في يوْمٍ وَ لنْ أهوى |
أبْصَرْتُ لَحْمَكَ و الغرْبانُ تَنْهَشُهُ |
و أخْوةٌ قـدْ أباحـوا أكلَهُ عنْوا |
فصاحَ في الصَّدْرِ بُرْكانٌ يفوحُ لظىً: |
أيّانَ عَنْكَ ـ و أنْتَ الروحُ بي ـ أُزْوى |
لو قطّعوني و صارَ الطّعْنُ مِدْرعتـي |
و الشلْوُ مِنْ جَسَدي لا يعْرِفُ الشلوا |
ما اخْتَرْتُ هَجْرَكَ لا و اللهِ يا وطني |
فالموتُ فيكَ شهيداً غايتي القُصْوى |
فجنَّةُ البُعْـدِ عـنْ عينيكَ أنبذُها |
و نارُ حُبِّكَ أسْتَـتْلي لـها الخطْوا |
سَديرُ غيْرِكَ كوخٌ أوْ خَوَرْنَـقُهُ |
و فيكَ يا موطني ما أرحبَ القبْوا ! |
فإنْ ضرى الدَّهْرُ و اسْتَضْرى بِنا و غدا |
مـن الكـلابِ دمُ الآسادِ مَـحْسُوّا |
فَـهذهِ ساعـةٌ لا ريْـبَ واعِـدةٌ |
و الموْتُ في مُقْتَضاهـا خيـرُ ما يُنْوى |
فاحْملْ على راحتيْكَ الرّوْحَ مِنْكَ وَ كُنْ |
للعرْسِ لا لشفيـرِ الـموتِ مَدْعُـوّا |
فـإنْ طُـوِيْتَ عـنِ الدُّنْيا و زيْنتِها |
فـصَفْحَةُ الأجْرِ عِنْدَ اللهِ لنْ تُطْوى |
و مـنْ أبـلَّ دمُ الأحـرارِ هامـتَهُ |
لأخْـمُصيْهِ دمـاً لا يـرْهَبُ الأنوا |
وها أنا رغْمَ ما أضرى ضرامُكَ ، لنْ |
أُهَزَّ ، لن أنثني ، و الله لنْ أُضوى |
على مهاوي الرَّدى روحي أُهَدْهِدُها |
فَصَحْوةُ الموْتِ أسْهى وَقْعُها السَّهْوا |
أسْطو على الموتِ رِئبالاً وَ لسْتُ كمنْ |
منَ الرَّدى ـ كسقيمٍ ـ يرقبُ السَّطْوا |
فـإنْ حَيِيْتُ فـثاوٍ فـيَّ أنْتَ و إنْ |
متُّ اتَّخَذْتُكَ يا أرْضَ النَّدى مثوى |
صِنْوانِ نحنُ أنا و الموتَ فيكَ هوىً |
و الصِّنْوُ من عِنْدِنا ما فارقَ الصِّنْوا |
رَضَعْتُ عِشْقَكَ نوراً في دُجايَ فما |
عَـرَفْتُ للبدْرِ في عـليائهِ خـبْوا |
فمنْ يُترْجِمُ عِشْقي للأُلى مَـعَهُمْ |
يا موْطني يسْتوي العِصْيانُ و التَّقْوى |
لا غَرْوَ أنْ يُعْرِضَ السُّذَّاجُ عنْ كَلِمي |
فـلنْ يطالوا جناهُ الثرَّ ، لا غَرْوا |
و لنْ يعوهُ ، يـميناً بالـذي رَفَعَ الـ |
ـسبْعَ الطِّباقَ العُلى رَفْعاً ، و منْ سوّى |
فديْدنُ الضِّلْعِ محنيٌّ و يُكْـسرُ إنْ |
قوَّمتَ ـ يا آمِلَ الصفصافةِ ـ الحِنْوا |
لذا حجبْتُ شموسي عنْ ظلامِهُمُ |
فكمْ أضأنَ لهم من غيرِما جدوى |
فهلْ يجورُ زماني كي يرى شَجني |
قصائداً تبْعثُ الآهاتِ و الشَجْوا |
فالعنْدليبُ سجينٌ لا ذُنوبَ لهُ |
و ذنْبُه أنَّـهُ قدْ أتْـقَنَ الشَّدْوا |
أنْشَدْتُكَ الشِّعْرُ يعرو غَيْثُهُ فَـعَسى |
يُميْطُ بَعْضَ الأسى عنْ روحيَ الأسوى |
ومنطقَ الشمسِ إنْ أرْختْ جدائلَها |
على الغياهبِ تذوي دونَها الأضوا |
فإنْ وَفيتُ بأشعاري فذا شَرفٌ |
لقافياتي و إنْ لا أطلبُ العفْوا |
أتيـتُ بغْدادَ و العينانِ في هَطَلٍ |
و كادَ يـمحوهُما دمْعُ الأسى مَـحْوا |
سـألْتُها يا ربيعـي ، يا رفيفَ دمـي |
حزينةٌ أنتِ يـا بـغْـدادُ أمْ نَـشْوى ؟ |
منْ لوَّثَ الكُحْلَ في عينيـكِ سيّدتي ؟ |
من بثَّ فيكَ الشجى ؟ منْ كدَّرَ الصَّفْوا ؟ |
مَـدَدْتُ كـفّي لـعينيها لإمْسَحَ ما |
خطَّ البُكا من أخـاديدٍ فـلمْ أقـوَا |
قد حـقَّ لـي حـينَ ألقاها مُسلّبةً |
و لمْ تهنْ ـ رغْمَ ذا ـ أنْ أمتلي زهْوا |
فهل رأيـتمْ عروساً وَجْـهُـها بدمٍ |
يـبـيـتُ لا ببِراجِ العرْسِ مكْسوّا |
تـظلُّ أسْطـورةً بـغداد خـالدةً |
لِكُلِّ جيلٍ و جيـلٍ مَجْدُها يُـرْوى |