أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: على هامش كتاب «فسيروا.. نحو سياحة من منظور حضاري إسلامي»

  1. #1
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي على هامش كتاب «فسيروا.. نحو سياحة من منظور حضاري إسلامي»

    على هامش كتاب «فسيروا.. نحو سياحة من منظور حضاري إسلامي»..
    أفكار مبعثرة

    وقد تقع الفكرة على الفكرة، والرؤية على الرؤية، وهذا الكتاب أثار عندي بعض الأفكار التي تراودني منذ وقت، منها:
    تطوير الفقه الاسلامي:
    فأبواب الفقه ثابتة جامدة منذ مئات السنين، ولم تتطور، وبما أن الفقه هو إجابة واستجابة لأسئلة العصر ومشكلاته وتحدياته، والقدماء بوّبوا هذا الفقه حسب حاجة عصرهم، فيمكن لنا أن نضيف أبواباً جديدة حسب حاجة عصرنا وأسئلته وتطوره.
    إن الفقه ليس شيئاً مقفلاً مغلقاً، وإنما هو ديناميكي متحرك.
    والآن عندنا مواضيع جديدة عديدة يمكن إضافتها إلى الفقه من خلال استحداث أبواب جديدة.
    فمثلاً يمكن إضافة:
    باب الإعلام: ويتناول الحكم في القضايا المتعلقة بالإعلام، كالأفلام والمسلسلات والتمثيل والسينما والصحافة، والسوشيال ميديا، وما أنتجها من مسميّات مثل (يوتيوبر.. موديل.. ترند.. إلخ)
    متجاوزاً النظرة السطحية للأمور، باحثاً بحثاً جاداً في هذه القضايا التي أضحت من صميم واقعنا وتحدياتنا العقدية والأخلاقية والفكرية والسلوكية.
    باب السياحة: فالسياحة لم تعد مثل قبل، يركب أحدهم ناقة أو حمار أو حصان، ثم ينزل في خان!
    اليوم باتت السياحة عالماً خاصاً، لها أصولها وقواعدها، وكل جزء منها يحتاج فقهياً واعياً للتعامل معه وتوجيهه، من وسائل النقل المتعددة إلى الفنادق وما فيها ما فيها، إلى الأماكن السياحية والأثرية، والعلمية.. إلخ..
    وبهذا الصدد يمكن لفقهاء المذاهب تفعيل مذهبهم في تناول هذه المستجدّات، فيأتي الفقيه ويبني الباب المعاصر على أصول مذهبه وقواعده، ويجتهد في المسائل المندرجة تحت هذا الباب.
    ويفعل صاحب مذهب آخر كقِرنه في المذاهب الأخرى، فيجتهد، وقد تتوافق الآراء والاجتهادات وقد تختلف، فنكون أمام ثراء فقهي، لو فقهنا!
    في تأريخ التاريخ:
    يركز تاريخنا في الأغلب على السياسي والعسكري، فلانٌ انقلب على فلان، وفلانٌ دقَّ رمحاً في فلان!
    وقلّما ننتبه إلى تاريخنا الحضاري، ومنجزاته العلمية التجريبية والفنيّة والعمرانية والإنسانية..
    وكثيراً ما يؤكد أستاذنا الدكتور عمادالدين خليل على هذه المسألة، وأنه لا بدّ من إعادة كتابة تاريخنا من منظور تكاملي حضاري.
    ومن ضمن الجوانب الحضارية جانب السياحة، محور الكتاب الذي بين أيدينا:
    «فسيروا.. نحو سياحة من منظور حضاري إسلامي» للأستاذ محمود فائز كداوي
    فهو كتاب يهتم بالسياحة من منظور إسلامي حضاري، ويؤكد تميّز هوية الإسلام الفكرية والأخلاقية، هذه الهوية التي تستفيد من الآخر ولا تذوب فيه، والتي تتفرّد بقيم وذوق وفنّ يضيف إلى المادي الروحي.. وإلى الشكل المضمون.. وإلى الترفيه الفائدة.
    قيمٌ وفنٌ يفتقر إليه الآخر، ويبحث عنه، وخاصة في هذا العصر الذي طغى عليه المادة وجاذبية الجسد، وثقافة التفاهة والسطحية!
    فيؤكد الكتاب على ثراء وغنى الإنسان المسلم، فهو يمتلك هوية وثقافة وتراثاً خاصاً يمكن أن يقدمها من خلال السياحة للعالم، ويضيف له الجديد والمميّز، دون الانسحاق الثقافي الذي يعيشه.
    والغريب أن الغربي وغير المسلم عندما يأتي إلى بلادنا، يبحث عن شيء مختلف، فنقدّم له ما هرب منه!
    فما الجديد لغير المسلم في مشاهد العري والخمر، وأماكن العري وأنهر الخمر عنده من حيث جاء، ويكأنّنا نبيع الماء في سوق السقّائين!
    ففي حين يهرب الآخر من سلبيات ثقافته، ويبحث عن الجديد الجميل، نركض نحن وراء هذا الآخر، تقليداً بليداً لثقافته وسلوكه المنحرف!
    ومن جميل الكتاب ربط القرآن الكريم بالفعل الحضاري، فالقرآن منهج حياة كامل، كتاب بناء للفرد والأمة، تصوراً وفكراً وسلوكاً، ومع الأسف بات القرآن مختزلاً ببعض الآيات حسب الاهواء والاشتهاء، فمن جانح للعنف، ومن مستسلم للجبن، كلٌّ يسرق منه ما يهوى، بينما الحق أن القرآن يُقرأ كله، وأن الإسلام يستغرق الحياة بتفاصيلها، يقول المؤلف: «فلو عدنا إلى القرآن الكريم وأصول ديننا لوجدنا مقاصد أخرى وراء السير في الأرض كالتأمل في خلق الله والاطلاع على سير من قبلنا والتغيير ورحلات البداية الجديدة، كقصة الرجل الذي قتل مئة نفس فنصحه الرجل العالم بالسفر إلى بلد آخر، ناهيك عن المقاصد الأخرى كطلب الرزق والدعوة والعلم والجهاد والتعارف وصلة الأرحام والترويح عن النفس وأداء الفرائض».
    فالسياحة وسيلة عظيمة للتعرّف على العالم، وتعريف العالم بديننا وقيما، وكذلك لفتح أعيننا وبصائرنا على الجديد في عالم الأفكار والأشياء.
    ويدفعنا القرآن الكريم في غير ما آية إلى السير والتأمل والاعتبار من مشاهد هذه الأرض، وتلك السماء، وما في الأرض من مخلوقات وأمم وحضارات قائمة أو بائدة.
    ومع أن القرآن الكريم كثيراً ما يتحدث عن السماء والقمر والكواكب، فإننا أبعد الناس اليوم عن هذه السماء التي باتت جزءاً مهماً في البناء والتنافس الحضاري!
    يقول الله تعالى «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ».
    وقد فُسّرت السياحة بالصوم، والصوم سياحة في «عالم جَلال الله، المنتقلين من مقام إلى مقام، ومن درجة إلى درجة، فيحصل له سياحة في عالم الرّوحانيات»، كما يقول الرازي في تفسيره.
    «قيل: هم الجائلون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه»، كما يقول الشوكاني في تفسيره.
    وفسّرت بالجهاد، وبالمسافرين في طلب العلم.
    فهي دعوة إلى السياحة على الأصعدة كافّة.. سياحة روحية، وسياحة بدنية، وسياحة علمية، وسياحة دعوة وجهاد.
    ومن الأفكار الجيدة في الكتاب «تفعيل السياحة إلى الدول الإسلامية المنسية، كدول آسيا الوسطى والاختلاط بتلك الشعوب والتفاعل معهم والتأثير فيهم وتقوية اقتصادهم وتذكيرهم بالصلاة والحجاب ونشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية، فقد تعرضت تلك المجتمعات لمحاولات تغيير ممنهج لعقود من قبل الشيوعية».
    كذلك تفعيل الوقف، فقد «كان للأوقاف على مرّ العصور أثراً كبيراً في تحريك عجلة الحياة وإثراء الحضارة الإسلامية، قبل أن ينتقل مفهوم الوقف إلى الغرب لنرى اليوم أرقى جامعات العالم كهارفارد وأوكسفورد وكامبردج تعتمد على الأوقاف».
    كتاب ماتع أنصح بقراءته، والسياحة في معانيه وأفكاره.
    وكذلك أرجو أن يصل الكتاب إلى كليات ومعاهد السياحة لاعتماده منهجاً في المرحلة الأولى، ليكون مدخلاً عقدياً وفكرياً وسلوكياً لهم، وليدخلوا في اختصاصهم على بيّنة من أمر دينهم ورسالتهم ومغزى وجودهم.

    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,140
    المواضيع : 318
    الردود : 21140
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    أن في السياحة المحمود النافع وفيها المنبوذ الضار، فإذا انضبطت الأعمال والمعاملات السياحيةبأحكام الشريعة الإسلامية تحولت إلي عبادة، ويكون فيها الخير والنفع
    والسياحة في نظر الإسلام هي التنقل من مكان إلى آخر بهدف التدبر والتأمل والتفكر في خلق االله وفي ملكوته وصنعه جل وعلا أ
    و التعارف بين الناس، أو طلب العلم المحمود، أو الدعوة إلى االله، أو الجهاد في سبيل االله، أو الترويح عن النفس،
    أو أداء الفرائض والواجبات الدينية وما في حكم ذلك.
    قال تعالى: {التائبون العابدون الحامدون السائحون4 الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود االله وبشر المؤمنين}.
    وقال تعالى أيضا: {مسلمات مؤمنات5 قانتات تائبات عابدات سائحات}.
    وورد لفظ السياحة في قوله تعالى: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير6 معجزي االله وأن االله مخزي الكافرين}.
    معنى السياحة من هذه الآيات الكريمة سياحة العبد إما للتقرب من خالقه بالصلاة والصوم والجهاد، أو تجولا في الأرض للتعبد والتدبر
    والتأمل في ملكوت الخالق وآياته في خلقه والموعظة.
    قال الرسول صل الله عليه وسلم: (إن سياحة أمتي الجهاد7 في سبيل االله تعالى).
    وقيل، السائحون هم المهاجرون الذين غادروا بلدانهم سعيا لكسب الرزق والعمل في بلدان أخرى.
    يبدو إن كتابك رائع وسأبحث عنه لأقرأه بإذن الله
    بارك الله فيك لتعريفنا بالمفيد وجزاك الله الخير كله.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية ياسرحباب قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2013
    الدولة : دمشق
    المشاركات : 578
    المواضيع : 90
    الردود : 578
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    مقال ناضج ومهم ،
    لطالما طالبنا بتجديد الفكر الديني بما يتناسب مع روح العصر ، لكن كنا نواجه معارضة شرسة ،
    ويسعدني ان ارى ان الكثير من المفكرين و الكتاب بدأوا بطرح افكار تحديثية تتناسب مع روح الاسلام وقيمه السامية،
    كل الشكر للاستاذ الفاضل بهجت عبد العني
    ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور