|
ماذا أُحدِّثُ للأبناءِ يا جَدِّي |
لو ساءلوني غدًا في فُسْحةِ الوُدِّ ؟ |
شمائلٌ مُزَّقَتْ ، أم أدبرتْ شيَمٌ |
عنْ قلبِ مَوْطنِها ، تشكو من الصَّدِّ ؟ |
وَأنفُسٌ حُرِّقتْ تبكي مَذاهبَها |
وناطحاتُ الأسى مالتْ بلا عَدِّ |
ضمائرٌ نَفَقَتْ من هَوْلِ ما ارتكبَتْ |
فما اعتراها سوى همْسٍ من السُّهْدِ |
كانَ الأذانُ يُناجي بالصَّدى هِمَمًا |
واليوم تُقتَطعُ الآذانُ عن عَمْدِ |
تاللهِ ما فقِهَتْ شيئًا مَسَامِعُنا |
سِوى نَشيجٍ عَلا من ناعيَ الوَرْدِ |
كان الأصيلُ يُغنّي دفءَ روعتهِ |
والآن تحبسُهُ الأنَّاتُ عن بُعدِ |
كان المساءُ ، وأنسُ القلبِ مقصدُهُ |
يُربي الزَّواهرَ مشتاقًا إلى الوَعدِ |
واليوم عَتْمَةُ " هولاكو " تطوِّقُهُ |
لَمَّا تآمَرَ أهلُ الحَلِّ والعَقْدِ |
تناثرتْ أسَرٌ من دونما جهةٍ |
فالعِقدُ منفرطٌ ، لم يبقَ من عِقْدِ |
تبغي الخلاصَ ، وَتلغي المَجْدَ هاربةً |
مَبْنى هويَّتها ما عاد بالمُجْدِ |
فلا شواطيءُ " روما " أطفأتْ حُرَقًا |
ولا " الشّيوعيُّ " يومًا جادَ بالرَّنْدِ ! |
همْ هدَّموا عُمُدَ الأوطانِ ، واختلفوا |
مَن ذا يُعَمِّدُ لُطفًا طائرَ السَّعدِ ؟! |
وَيحَ الملوك ، وَجَلَّ الحَقُّ خالقُهم |
وَيْحَ الأمير ، وَمَن باعوا حمى المُهدي ! |
وَيْحَ الأسافل ساسونا بلا شرفٍ |
وَضيَّعوا الحُسْنَ بينَ الجَزرِ وَالمَدِّ ! |
بلْ رَوَّعوا منطقَ التأريخِ ما اعتَنَقُوا |
سوى الغوايةِ ، وَاستَبْقَوا شَفا البُعدِ |
عَفا الزَّمانُ ، متى يصحو ، وَغفلتُنا |
شَاهَ الرَّبيعُ بها جَرْيًا بلا قَصْدِ |
هذا يُمَرّغُ كأسًا بالترابِ عسى |
تنسى الأناجيلُ وَحي البرقِ وَالرَّعدِ |
وذاك يلهو فما عَفَّتْ سريرتُهُ |
يبيعُ دجلتَهُ بالأخضر النَّقدي ! |
شعارُهم أينما حلتْ مَطيَّهُمُ |
أنْ لا عليَّ ، ولا منّي ، ولا عندي |
إذا الفسادُ أتاهم أذعنوا فَرَحًا |
فما لهم عن جحود الفكر من بُدِّ |
وَشّوَّهوا أضربَ الأيتامِ من سفَهٍ |
حتَّى الأعاريضُ تهجو رِبْقَةَ اللَّحْدِ |
دارَ المَكانُ فلا مَنْجىً لذي أدَبٍ |
أيّانَ تُسْعفُهُ صَيْحاتُ ذي وَعْدِ |
لِحَدِّ أنْ وُئدَتْ أشواقُ أفئدَةٍ |
لِحَدِ أنْ ضاقتِ الآماقُ بالخَدِّ ! |
قَوْميَّةٌ أشغلونا عندها زَمَنًا |
كَأنَّ بُهرجَها شَطرٌ من الخُلدِ |
فَضَيَّعوا الدينَ والدنيا يُشاطرُهم |
هناكَ حَجْلُ غرابٍ راحَ يسْتجْدي |
أهلي تناءوْا غثاءَ السَّيْلِ ما ربحوا |
غيرَ المآسي ، وَأعلامًا بلا جندِ ! |
إذا تدَنَّوْا أقاموا الحَيْفَ مأدُبَةً |
وإنْ تَدلَّوا أهانوا جَنَّةَ الأزدِ ! |
قل للسَّماديرِ كفِّي ، شَفَّني عبثٌ |
فليسَ يُنقذُ غُفْلاً بائعُ الشَّهدِ |
وَسَاور الشَّكُّ تبياني فَضَيَّعني |
كما أضاع المعاني ذائعُ الجهدِ ! |