عـلى أيِّ شـيءٍ يـا أخا الفُلكِ تَندُبُ
ومِــن أيِّ كـاسـاتِ الـمـنيَّةِ تَـهرُبُ؟!
وهـلْ فـي انسكابِ الدمعِ بُرءٌ لنازفٍ
وفي جسمِهِ المهدودِ نابٌ ومخلبُ؟!
وهـلْ يـبعثُ الـحرفُ الموات،َ ويتَّقي
رصــاصَ الـمـنايا مـا بـنزفيَ أكـتُبُ؟!
لأجـلكَ أزجـي الحرفَ رغمَ مواجعي
وأسـتـمطرُ الـشـعرَ الـحياةَ وأسـكبُ
وأنـقـشُ فـي الألـواحِ مـا فـيهِ عـبرةٌ
تـقـي واردَ الأجـيالِ مـا مـنهُ تـشرَبُ
فـمِـن أيـنَ أبـتدئُ الـحكايةَ والـمَدى
طــويـلٌ، وأيُّ الآهِ أبــدي وأحـجُـبُ؟
*** *** ***
سأبدأُ مُذْ في البحرِ تاهتْ سفينتي
ولـوَّحـتُ: هـذا الـدربُ لـلشَّطِّ أقـربُ
وحـمقاً مضى بالفُلكِ عكسَ اتجاهِهِا
شـقـيٌّ، بـهِ مـازلتَ تـشقى وتـتعَبُ
نـصـحتَ ولــم تُـجـدِ الـنصيحةُ مـترفاً
وآذانُـــهُ لِـلـمَدحِ تُـصـغي وتَـطـرَبُ !!
تـمادى، فـضجَّ الـشعبُ يـهتفُ ضـدَّهُ
فـأوشـكتِ الـحـربُ الـلـعينةُ تـنشبُ
وحــاورتَ مِــن أجـلِ الـسلامِ عـدوَّهُ
فـشـرَّقَ مَـن صـاغوا الـحوارَ وغـرَّبوا
تَـقَاسَمَ قومي الفُلكَ، بعضٌ بِقِسمِهِ
لِـيَبلُغَ فـاهُ الـماءَ، فـي الـفلكِ يَـثقُبُ
وكُــنـتُ إذا غَـنَّـيتُ بـالـحُبِّ مـخـلصاً
عـلى صـارياتِ الـفُلكِ بـالظنِّ أُصـلَبُ
**** **** ****
ولـمَّـا طـغـى الـباغي وبـاتَ انـقلابُهُ
يـعـيـثُ فـسـاداًفـي الـبـلادِ ويـلـعبُ
أفـقتَ عـلى وقـعِ الـرصاصِ وجيشهُ
عـلـى كــلِّ حــيٍّ بـالـقذائفِ يَـضرِبُ
بــكـلِّ عـتـادِ الـحـربِ يـزحـفُ نـاقـماً
يُـرِيقُ الـدَّمَ الـغالي كـذئبٍ ويـشربُ
أعـادَ إلـى الأذهانِ - حقداً وخسَّةً -
جـرائمَ "هـولاكو"، ولـم يـنسَ يَـعرُبُ
أشــدّ مِــن "ابــنِ الـعلقمي"ِّ خـيانةً
وأقـبـح مِــن "نـيـرونَ" فـعـلاً وأغـربُ
يـصُبُّ عـلى الـشعبِ الجحيمَ وكالةً
ويـبكي عـلى ظـلمِ الحسين ِويندبُ
ولـــو يـبـعـثُ اللهُ الـحـسـينَ رأيــتَـهُ
عـلى أدعـياءِ (الـحقِّ) يدعو ويغضبُ
يـثـورُ عـلى الـطغيانِ مـن أجـلِ أمَّـةٍ
بـما جـاءَ فـي الـقرآنِ تـرقى وتـغلِبُ
ويُـثبِتُ أنَّ الـحُكمَ (شـورى) كـمنهجٍ
يُــبَـدِّدُ أوهــامَ (الـغـديرِ)، ويـشـطبُ
وحـاشـا كـتابَ اللهِ أنْ يـحصرَ الـهدى
بــعــرقٍ، وحــاشـا الآل أنْ يـتـنـكَّبوا
**** **** ****
ألا أيـها الـشعبُ المسافرُ في دَمِي
لـفـجرِكَ مُـذْ نـادى الـنذيرُ أنِ اركـبوا
كــأنَّــكَ والــفُـلـكَ الــغـريـقَ بـأهـلِـهِ
عـلى كـاهلي الـمهدودِ بـالهمِّ تدأبُ
أصـارعُ حـولي الـموجَ من كُلِّ جانبٍ
فـأدنـو ويـنـأى الـيـأسُ حـيـنا ويـقرُبُ
أبـيـتُ ونــارُ الـحربِ مـا بـينَ إخـوتي
تـزلـزلُ هــذا الـقـلبَ حـزنـا وتـرهـبُ
أمُـدُّ حـبالَ الـوصلِ، أسـكبُ مهجتي
حـروفـا بـهـا أبـكي وأشـدو وأخـطبُ
وأبـسـطُ كـفِّـي بـالـسلامِ وأنـحـني
كــأنْ لـيسَ بـينَ الـقومِ إلايَ مُـذنِبُ
ولـكـنَّ بـاغـي الـشرِّ أعـرضَ مـوغلاً
بـحـقدٍ، كـأنَّ الـحربَ نـصرٌ ومـكسبُ
يــرى أنَّ حُــبَّ الـسلمِ ضـعفاً، وأنَّـهُ
بـإرهـابِهِ لـلـشعبِ حـتماً سَـيَغلِبُ!!
**** **** ****
ألا أيـهـا الـشـعبُ الـشـقيُّ بـبعضِهِ
عـلـيكَ أصــبُّ الـلـومَ حـرصا وأعـتبُ
ظُـلِـمـتَ ولــم تـغـضبْ زمـانـاً وإنَّـمـا
سَـكَتَّ فـعاشَ الـظلمُ ينمو ويُعشِبُ
وأذعــنـتَ لـلـطاغي فـأغـرى ذئـابَـهُ
بـمـن بــاتَ مـظـلوما يـئـنُّ ويـشجبُ
أزاحَ رجــالَ الـحكمِ مِـن كُـلِّ مَـنصِبٍ
ومــكَّـنَ مَــن يـغـويهِ مــالٌ ومـنـصبُ
ورشَّــحَ مــن مـوتـى الـضمائرِ نـخبةً
تــبــرئُ أربــــابَ الـفـسـادِ وتـنـهـبُ
وتــزعـمُ أنَّ الـظـلـمَ عــدلٌ، وأنَّ مــا
تـعـانـيـهِ وهــــمٌ لـلـحـقـائقِ يَـقـلِـبُ
وتـبني عـلى الأشـلاءِ عـرشاً لظالمٍ
وتـفـتـيكَ أنَّ الـصـبـرَ ديــنٌ ومـذهـبُ
بُـليتَ بـهمْ يـا شـعبُ دهـراً، فـكبَّروا
عـلى حقِّكَ المسلوبِ خمسا وثوّبوا
وأقـسمُ لـولا الـضعفُ مـا أهرقوا دَمَاً
ومــا سـلـبوا حـقَّـا ولا ضــاعَ مـطلبُ
فــقـاومْ ولا تـخـضـعْ لــطـاغٍ وفـاسـدٍ
فــإنَّـكَ أقـــوى إنْ وثــبـتَ وأصــلَـبُ
وإنْ لــم تـجـدْ غـيرَ الـسلاحِ وسـيلةً
تـصـدُّ بــهِ الـطـاغي، فـذلـك أصــوَبُ
بـوعيكَ تـنجو الـفلكُ مـن كـلِّ مـحنةٍ
وتـأمـنُ أجـيـالٌ إلــى الـمـجدِ تـركبُ
يـــــاســـــيــــن عـــبـــدالـــعـــزيــز