في ساحة مسجد عتيق. بعد صلاة العصر انبرى رجل من بين الجماعة. كأنه انبعث من تحت الأرض، عليه مسحة من الوقار والمهابة. صاح بكل قواه. اهتز المكان، لامست صيحته جدران البيوت.
تسلل الصوت عبر الأبواب والنوافذ. فزعت النساء، أغلقن هواتفهن، أطفأت البنات التلفاز، بكى الأطفال. امتد الصوت في اللانهائي.
تجمع خلق كثير حوله. يتصفح مذكرة بين يديه، يقلب الصفحات، بالترتيب يدقق النظر في كل وجه، يسأل ويسأل ... كشف أسرارهم بين أيديهم. أسقطوا أجفانهم على أعينهم. أعاد السؤال، سكتوا ..
شكوا في أنفسهم، في غرف نومهم، في أسرتهم الملوثة... تنبهوا أنهم لا يغلقون أبواب منازلهم ليلا بالمفاتيح... تبادلوا النظرات والصمت يشنق ألسنتهم. أصابتهم خفة في عقولهم، أصبحت قلوبهم شتى.
تراشقوا بالكلمات النابية، تشابكوا بالأيادي.
أطلت الفتنة برأسها بينهم. سال دم كثير من رؤوسهم. من أعلى التل كان يراقبهم وهو يبتسم.