الضَّعفُ الجميل
***
لم يَعُــد بَعْــدُ بيننا ما يُقالُ
أَرْهَقَ القولُ شِعْرَنا والخيالُ
أَيَّ شيءٍ ولم نقُـلْهُ أَجـيـبي
نحنُ قلنا وأَينَ مِنَّا المقالُ
شَرْقُهُ غَرْبُنا ونحنُ حيارَى
هَـدَّنا السَّيْرُ واعْـترانا الكَلالُ
كلَّما نحنُ في الطَّريقِ مَــضيْـنا
سَخِرَتْ من مُضِيِّنا الأَهْــوالُ
أَنا أَهــواكِ.. قلتُ أَلْـفاً ولكن
عَذَّبَتْني بِــدَربِكِ الأَقــوال
لم أَجِـدْ مصْغِـيَاً سوايَ وعـفـواً
ما أَرَدْتُ الملامَ وهْــوَ المُحالُ
كيفَ لَوْميكِ يا نَجــيَّةَ قــلبي
وهْوَ في اللَّومِ زاهِدٌ ما يزالُ
إِنَّما رُمتُ أَن أُبَرِّرَ بُعْدي
عن أَمانٍ عَصيَّةٍ لا تُنالُ
عشْتُ من أَجلها أُراقبُ نَجماً
في سماءٍ قريبُها لا يُطالُ
خَدعتْني النُّجومُ واحتارَ طَرفي
واسْتَبَدَّتْ بهِ اللَّيالي الطِّوالُ
كلَّما لاحَ في دُجاها بَريقٌ
قلتُ هذا .. وخابت الآمالُ
واستَثارَتْ دموعُ عينيَّ لَحْناً
أَرْهَفَتْهُ ضَراعَةٌ وابْتهَالُ
ثمَّ لا شيءَ بعدَ ذاكَ وأَمْضي
في دُروبٍ يموتُ فيها السؤَالُ
كم تهاويتُ في قرارِ جحيمي
تَتحَدَّى إِرادَتي الأَغْلالُ
لاهِثُ النَّبْضِ بين جنبيَّ يُصْغي
لِصَدَى الصَّمتِ كثَّفَتْهُ الظِّلالُ
أنا أَهواك والمنى لا تزالُ
وأَخافَ الفُؤَاد منِّي المَلالُ
بِتُّ أَخشاهُ حين طالَ لقائِي
بكِ دَهْراً وغابَ عنَّا الوصالُ
فاعْذريني إِذا نأَيتُ فإِنِّي
شاعِرٌ في دمائِهِ الارتِحالُ
نحوَ آفاقِ عالَمٍ فيهِ أَفْنَى
أَنا وحدي وللجِراحِ انْدمالُ
أَرتوي بالسَّرابِ يُفعِمُ كأْسي
وأُنادي ويَسْتجيبُ الجمالُ
وأُغَنِّي إِذا تأَجَّجَ وجْدي
أَيُّها الحُبُّ إِنَّني لا أَزالُ
مثلما كنتُ في القديمِ مُحِبَّاً
وقُصوري كما علِمْتَ الرِّمالُ
أَبْتَنيها وتَهدمُ الريحُ منها
ثمَّ تَبقى وحَسْبيَ الأَطلالُ
بينَ أَنحائِها أَجوسُ حَفيَّاً
بِضَياعي وتَنْتَشي الأَوصَالُ
هكذا يا حبيبتي علَّمتْني
قصَّةُ الـشِّعْـرِ أَنَّهُ يَغْتالُ
ليسَ يَنجو أَسيرُهُ أَو يُفادَى
وهْوَ راضٍ وقد رَمتهُ النِّبالُ
فاعْذُريني يظَلُّ يهواكِ قلبي
وعلى البُعدِ فيكِ يحلو المقال
ليس لي عنكِ مهرَبٌ يا حياتي
أَنتِ دُنيايَ والهوى والمآلُ
أَنتِ أُنْشودتي وفيكِ بياني
حين يُروى بِحسْنِهِ يَخْتالُ
فاعْذُريني إِذا تطاولَ يوماَ
بعضُ شعري كما رأَيتِ خَبالُ
كلُّ ما جاءَ في القصيدةِ لَغْـوٌ
كيفَ أَنْأَى وهل لَديَّ احتمالُ ؟؟
أَنا أَهواكِ والمُنى لا تزالُ
وعلى الدَّهـــرِ بيننا ما يُـقـالُ .