هوَ منْبَرٌ للعلمِ نعْمَ الْمنْبَرُ ** هوَ قلعةٌ للحقِّ تُدْعَى الأَزْهَـرُ
وَمَنارَةٌ للنُّور في عَلْـيائِها** ظلَّتْ تُطِلُّ علَى الرُّبَا وَ تُكَبِّرُ
كَمْ مَرَّ مِن قَرْنٍ وساحَةُ عِلْمه** شهدَتْ لها عبْرَالزَّمَانِ الْأَعْصُرُ
في كلِّ شِبْرٍ فيهِ ألْفُ حِكَايَةٍ**ظلَّتْ يُرَدِّدُهَا الزَّمَانُ ويُخْبِرُ
رَمْزٌ لِمِصْرَ فَمِصْرُ زَاهِرَةٌ بِهِ**وَرُبُوعُهَا بِعَبِيرِهِ تَتَعَطَّرُ
هوَ قلْعةٌ للضَّادِ علْياءُ البِنَا ** عَزَّتْ إذَا رَامَ الرُّبَا مُسْتَعْمِرُ
نَبْعٌ تَفَجَّر بالفَصَاحَةِ مَاؤُهُ **فَجَرَى اللسَانُ بِعَذْبِهِ يَتََقَطَّرُ
عَرَبِيَّةٌ فُصْحَى مَتِينَةُ أَحْرُفٍ** مَحْفُوظَةٌ مَهْمَا الأَجَانِبُ أَضْمَرُوا
فَلِسَانُ مِصْرَ فَصِيحَةٌ نَغمَاتُهُ** حتََّى وَلَوْ حَكَمَ الكِنَانَةَ بَرْبَرُ
طُلاَّبُهُ حَمَلُوا مَشَاعِلَ نُورِهِ**وَسَرَوا بِهَا بَيْنَ الظَّلاَمِ وَنَوَّرُوا
نَهْرُ العُلُومِ وَمِنْهُ كَمْ مِنْ جَدْوَلٍ **شَقَّ الفَيَافِي فَهْيَ مِنْهُ تَنَضَّرُ
رَدَّ الْغُزَاةَ عَرِينُهُ فَكَأنَّمَا** طُلَّابُهُ أُسْدٌ تَصِيحُ وَتَزْأَرُ
فَاسْأَلْ جُنُودَ فَرَنْسَةٍ لَمَّا أَتَوْا ** بِخُيُولِهِمْ في سُوحِهِ وَتَجَبَّرُوا:
هَلْ لَانَ يَوْمًا أَهْلُهُ أَمْ أَشْعَلُوا ** فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَوْرَةً تَتَفَجَّرُ؟!
غَرَسَ الكَرَامَةَ في الْقُلُوبِ فَأَثمرَتْ **حُرِّيَّةً فِي كُلِّ صَوْبٍ تَجْهَرُ
هَذَا الْفَتَى الْحَلَبِيُّ يَنْصُرُ أُمَّةً** لَمَّا دَعَاهُ إِلَى الْجِهَادِ الْأَزْهَرُ
فَكَأَنَّمَا تِلْكَ العمَامَةُ بَيْضَةٌ ** والْجبَّةُ السَّمْرَاءُ دِرْعٌ أَسْمَرُ
وَيَرَاعُهُ الْبَتَّارُ هَاجَ عَلَى الْعِدَا **وَكَأَنَّهُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ عَنْتَرُ
تَتَسَاقَطُ الأَعْدَاءُ حِينَ وُثُوبِهِ** وِبِكَفِّهِ الْبَتَّارِ يَصْرُخُ خِنْجَرُ
جَلَسَ الْمَشَايِخُ كَالْبُدُورِ وَحَوْلَهُمْ**طُلاَّبُ عِلْمٍ كَالنُّجُومِ تَنَثَّرُوا
يَتَنَافَسُونَ عَلى الْعُلُومِ كَأنَّهُمْ**جُرْدٌ عِتَاقٌ مِنْ عَلٍ تَتَحَدَّرُ
وَتَرَى الْمَشَايِخَ مِثْلَمَا أُسْد الشَّرَى**تَمْشِي الْهُوَيْنَى فَهْيَ لَا تَتَكَبَّرُ
والليْلُ ذِكْرٌ والنَّهَارُ مَلاَحِمٌ** فِي كُلِّ وَقْتٍ مَشْهَدٌ يَتَكَرَّرُ
وَأَمَامَهُمْ يَمْضِي إِمَامٌ "طَيِّبٌ"** مُسْتَمْسِكٌ بِالْحَقِّ فَهْوَ مُظَفَّرُ
لَمَّا رَأَيْتُ اللَيْثَ فِي أَشْبَالِهِ** قُلْتُ: انْظُرُوا هَذَا الْإِمَامُ الْأَكْبَرُ
سُنِّيَّةٌ خُطوَاتُهُ عَبْرَ السِّنِيَـن فَلَيْسَ فِيهَا للتَّشَيُّعِ مَـظْهَرُ
وَمَنارَة تَرْنُو بِرَأْسَيْهَا كَمَا ** يَرْنُو إِلَى الآَفَاقِ نَخْلٌ مُثْمِرُ
فَكَأَنَّهَا الْوُسْطَى لِكَفٍّ مُغْدِقٍ**مِنْ حَوْلِهَا سَبَّابَةٌ أوٍ خِنْصَرُ
وَسَطِيَّةُ الإِسْلَامِ عُنْوَانٌ لَهُ **حَتَّى وَلَوْ أَهْلُ التَّشَدُّدِ عَسَّرُوا
وَدُعَاتُهُ عَبْرَ البِلاَدِ كَأنَّهُمْ**غَيْثٌ يَتُوقُ إِلَيْهِ رَبْعٌ مُقْفِرُ
.نِعْمَ الرِّجَالُ شُيُوخُهُ فَتَخَالُهُمْ**نَحْلَ الْخَلِيَّةِ شَهْدُهُ يَتَقَطَّرُ
مِثْلُ القَلَائِدِ في اجْتِمَاعِ عُقُودِهِمْ **فالْهَدْيُ حَبْلٌ والْمَشَايِخُ جَوْهَرُ