الدنيا
تمرُّ كأنما لا شيء مر
ونشربُ حُلوَها فيكونُ مُر
يُسلمنا الشقاءُ إلى الشقاء
وما نلقاه منها لا يسرّ
وتُعطي السُم في كأسٍ جميلٍ
ولو أقسمتُ يوماً لن تضر
لها وجهٌ جميلٌ لو تراه
وخالص أمرها كرٌّ وفرّ
عجيبٌ أمرها نغفو قليلاً
فتسرق عمرنا دهراً فدهر
لها قلبٌ تجافى في غرورٍ
وإحساسٌ تلبَّد واكفهر
فكم وطيء الأنام على ثراها
فلم يبق لهم فيها أثر
نطاردها فتأبى في عنادٍ
وأصل الخير فيها كل شر
ونهجرها فتأتي دون قيدٍ
وتطلبنا ولا تخفيه سر
لها ظلٌّ كأن الشمس فيه
على الأشهاد تلفحنا بحر
غريبٌ سلم الاقدار فيها
فمن قدرٍ نسير إلى قدر
فيا مسكين فاهجرها قليلا
فخير الوصل لو قالوا هَجَرْ
فإن الفوز بِرٌّ ترتجيه
وخيرٌ جاء بابك واستقر
ستتركها مصاباً لا مصيباً
وذا فرضٌ عليك ولا مفر
فلا تركن إلى الدنيا أخيّا
فمن سفرٍ نسير إلى سفر
وكن فيها كطيفٍ مر سهواً
ولا تمعن بها يوماً نظر
ولا تترك من الاشواك شيئاً
ولا تفسد سهولاً بالحفر
فهذي الدور ما دامت لحيٍّ
وسل ما شئت جنّاً أو بشر
فكن منها على حذرٍ لأني
رأيت الدهر إن أوفى غدر
مختار إسماعيل بكير