الحقد داء دفين :
ليس أروح للمرء ولا أطرد لهمومه ولا أقر لعينه
من أن يعيش سليم القلب مبرأ من وساوس الضغينة
وثوران الأحقاد إذا رأى نعمة تنساق إلى أحد رضي بها
وإذا رأى أذى يلحق أحداً رثى له ورجا تفريج كربته
ففساد القلب داء عضال ومرض قتال من سلمه الله منه سعد
وإن الشيطان قد يعجز عن أيقاع الإنسان في الشرك
ولكن لا يعجز عن إيقاد نار العدواة في القلوب
التي تلتهم الأخضر واليابس في عالم الفضائل والمناقب .
إن جمهور الحاقدين عندما تغلي مراجل الحقد في قلوبهم
لا يدرون أنهم يكونون بذلك خلفاء للإبليس
فمن عرف قصة خلق آدم وما جرى من إبليس عرف أن هذه الخصلة المقيتة
من خصال إبليس
وذلك إن الشيطان لما طُرد من الجنة امتلأ غِلاً وبُغضاً لآدم وذريته
وأخذ عهداً على نفسه بإغوائهم وإشقائهم
ومِن أعظم وسائله في ذلك زرعُ الغلِّ والبغضاء في النفوس
وقد كان ذلك أوَّل ذنب عُصي الله تعالى به في الأرض
وأدّى إلى قتل ابن آدم الأوّل لأخيه
فتأمل يا رعاك الله كيف أن أمراض القلوب من حسد وغل
هي أول ذنب عصيي الله به في الأرض والسماء
وهي من أعظم أسباب الفساد في قديم الزمان وحديثه .
إن من أجل العبادات وأفضل القربات وأعظم الطاعات
سلامة الصدر على المؤمنين والمؤمنات
ولعمر الله إنها لحلة الكرماء وحلية العظماء
وهي باب من أبواب التوفيق وزاوية من زوايا القبول عند الله وعند خلقه
وهي حلة الناس في كل زمان بأمس ما تكون الحاجة إليها
وبخاصة في زماننا الذي كثرت فيه النزاعات
واستحكمت فيه الماديات
اللهم طهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد
اللهم أجعل قلوبنا نقية تقية صافية يارب العالمين