هاهي عقارب الساعة تشير في هذه الليلة الى الثانية عشرة, والتي يقطع سكونها أنين هذا الشيخ الراقد على فراش المرض في أحد مخيمات الشتات في لبنان او الأردن او العراق او او او ..............
هذا الشيخ الذي لا يجد مصاريف علاجه من الأمراض المزمنةالتي استقرت في جسده المنهك أثناء رحلة هذا العمر الذي بدأ في مسقط رأسه في حيفا او يافا أو صفد او عسقلان , وانتهى به مهاجرا ولاجئا في غرفة معتمة مظلمة.
والأن تقترب هذه الساعة اللئيمة البطيئة السلحفاتية التي ما تزال تمر ببطء منذ العام ثمانية وأربعين الى الأن . تقترب عقاربها من الثالثة صباحا ولا يشق صوت صمت الحي الا بكاء ذلك الطفل الذي يرتجف من البرد والصقيع بسبب سقف الزينكو المرقع فلا يحق لعائلة هذا الطفل الا أن تلتحف السماء وتنعم طبعا بمنظر النجوم والكواكب السيارة وذلك بأمر من حراس هذا المخيم من أجل أن تنعم هذه العائلة بجو رومانسي شاعري مع النجوم وبعض زخات المطر وقليلا من حبات البرد والثلج لتطفئ بذلك حرارة ولهب شوقهم الى ارض الاباء والأجداد.
ومع اقتراب هذه الساعة من أذان الفجر وطلوع الشمس تستيقظ بذلك في بيت أخر من هذه البيوت الاما مخفية كانت مستقرة تحت قفص صدري لهذا الشاب الذي لا يوجد في جيوبه الفارغة الا كومة من مناديل ورقية لتجفيف الدموع التي تتساقط خلسة والتي يحاول اخفاؤها نهارا أما ليلا فالوسادة مستقرها . فقميصه الذي يرتديه وبنطاله وحذائه الذي ينتعله تقترب من أن تلعن الساعة التي أصبحت فيها ملكا لهذا الشاب .
مع اقتراب عقارب تلك الساعة من السابعة صباحا تبدأ عقارب الثواني والدقائق بالرجوع الى الخلف خمسة عشرةسنة من حياة هذه الصبيةالتي ذاقت مرارةالاغتصاب والعنف الجسدي من قبل حثالةمقيتة كانت تستمتع بهتك الأعراض لتوقظ هذه الدقائق يوميا في صدرها حقدا يمتنع ان يزول او ينتهي بمرور الزمان.
وفي تمام الواحدة ظهرا أي بعد صلاة الظهر تشيع الجماهير الغفيرة قوافل الشهداء الذين سقطوا في جباليا ورفح وجنين ونابلس وحوالي الرابعة عصرا يبدأ النساء والشيوخ والاطفال بأعمال الانقاذ بين ركام البيوت المهدمة للبحث عن اغطية أو ما تبقى من الاغراض التي تسمى اغراضهم الشخصية.
وفي نهاية اليوم وفي السابعة مساءا سيتم التوقيع على شيكات بملايين النقود لصرفها لهؤلاء جميعهم من قبل الدول المانحة , بدلا من صرفها في مراكز التسوق الأوروبية والفرنسية.