خلف أسوار الصمت تراكضت أحرفي لتعلن عن خيبات الأمل التي رافقتها منذ عهد الحب الأوّل ،ومنذ ذلك الحين كان لابد للكلامِ من نهاية، وللذكرى من ذبول، وللشوق من وجع عقيم ،
في كلّ تعبيرٍ عن هويّة المحبّ صرختُ بشدّة الطوفان أحبّكِ ، وهتفتُ للسماء كي تسقط علينا رحمة وألفة
وركضتُ كثيراً خلف دروب أوجاعي أستجديها أملاً بمستقبلٍ معها ،
أنا أحبّها يا أيها الوجعْ ، فلا تكن عنيداً وتكثر من ضرباتك القاسية على معصميّ ، وكفّ عن اتهامي بأنني فاشلٌ حقيقيٌّ في تربيةِ العشقِ وتعليمِ الثورةِ على المشاعر ،
كفّ عن ملاحقتي اليوميّة بأطنانٍ من الحبر وأميالٍ من الفقد ، وأحزانٍ بمسيراتٍ مليونيّة ! كفّ عن رفع لافتاتكَ المطالبة بخلعي وأنا أراها من بين مخاريط المياه وتدافع المحتشدين خلف أسوار صمتي ،
الكلّ ثائرٌ إلا أنا ، أضعُ سمّاعاتِ "السي دي" على أذنيّ وأحاول أن أسيطر على ما يدور حولي بسماع هرطقاتٍ لا أفهمها ولا تفهمني ، وبيدي كتبٌ آشورية المذهب ، تتحدث عن مراسلاتِ الصديقين (كلكامش وأنكيدو) ولا أقرأ منها ولا تقرأ مني ،
لا يريدُ الهدوء أن يتعثّر بصباحاتِ الوجع ،ولا بكِ ، ولا بأيّ شيء قد يخلُّ بتوازني المختلِّ مِن الأساس ،
قبل يومين تكدّرت صحوتي وعشتُ تدهوراتٍ صحيّة إثر صباحٍ أعلن عن مدّة لا أعرف كم تكون من اللانوم ،!
صباحاتٌ مليئةٌ بحروفي الهاربةِ إليكِ ولا مِن مكان يستوعب كلّ تلكَ الأهازيج التي أبثها عبر أوردتي لتصل الورقة بلونٍ زهريٍّ قاتمْ ،
يا أيتها الممتزجة بعنفوان الشروق وزهرةِ النرجس البابليّة ، إعطني صمتاً جديداً يُسكتُ صمتي هذا عن هلوساتهِ التي لا تنتهي ،
وقفي ودّعي مسخَ العاشقِ السريع الهطول
واتركي ألمي بعيداً عن ابتسامكِ المشرقة
ولا تذكري منّي شيئاً
ولا تأتي إليّ
دعيني أصمتُ بسلام
***