قد لا يبدو للإنسان العادي والغير العادي حقيقة ما يجري في الوطن العربي
و الإسلامي المترامي الأطراف ، و قد يتجلى له الأمر حقيقة لا ريبة ، لأن الإنسان العادي و الغير عادي صار بتعقيدات السياسة العربية محللا سياسيا ، النقيض موجود
و كلما أردت أن تفهم أكثر ازددت غباء و قلّ حظك من الذكاء على رأي و ليام جيمس ، الإنسان العادي و الغير عادي ينخرط في الحزب الواحد ثم يكون وقود المظاهرات ليصير فيما بعد مشاغبا ، يسير مع اليمين ضد اليسار
و الوسط ثم يرجع مع اليسار ليكون ضد الإسلاميين ، ثم يسار اليسار و ليكون راديكاليا في نظر الآخرين ، ثم أصوليا في نظر آخرين ، مشهورون نحن و متفقون في إلقاء اللوم على الآخر و تحميل بعضنا أوزارنا و أوزار الذين من قبلنا
و بعدنا ؟ هذا الأخير يحفظ مصطلحات و أسماء و مفاهيم كثيرة لا يعي فحواها ، " الماوية ، الماركسية ، اللينينية ، الليبرالية الأفقية و العمودية ..." تشيكوف ، تروتسكي ، خون ، ماكسيم جوركي ، ماياكوفسكي و قد يقرأ عليك حتى قصيدته المشهورة غيمه في السروال التي تنبأ فيها بالثورة و فتحت للشاعر باب العالمية ، ثم ما يلبث أن يرفع لافتة أخرى بألوان جذابة عن الحداثة و العولمة و السوق الحرة و التجارة العالمية ، و عن نظرية دعه يعمل دعه يمر ، و الغاية تبرر الوسيلة و عن المسارات و العلاقات التي تحدث عنها ابادواي وعن الفضاء السريع لجامسون و عن نهاية التاريخ لفوكو ياما ، ما يلبث أن يعود من جديد في ثوب الوفاء القديم للحب القديم للحزب الواحد الأحد ، للسلطة التي لم تلد و لم تولد تغييرا و لا نمطا جديدا في تسيير دواليب الحكم أو خلق تقاليد سياسية تتماشى و فق العالم الآخر ، عالم الجنة للغرب ؟ لبرغسون وواط ، الإنسان العادي و الغير عادي في الوطن العربي يصدق سلطته السياسية حين تجعل إشهارها مستهلكا ...." أنها لا يمكنها إلا أن تكون تابعة للشرعية الدولية و هي تتغير حسب المتغيرات للدول العظمى ، تسير في فلك أمريكا و تتبع ما يملى عليها ، الفرد العادي و الغير عادي يصدّق المسرحية و التمثيلية ليعيد لعبة الخروج و المعارضة ثم يمضي يعلن في المحافل و من نوافد الإعلام المتعددة ، أنه يدافع عن مصداقية الحق و العدل و المساواة خدمة لحقوق الإنسان المسلوبة من فوق ، انطلاقا من الفكر الحداثي النوراني في التغيير و ممارسة الحرية الفردية و الجماعية و الطموح الجامح للإستلاء على الحكم يوما ما ، الغرب يدعو لهذا وهو ينقل هذا حرفيا و كما يملى عليه ...السلطة تهمس في أذنه و هو يهمس في أذنها و الكلام الغريب هو وحي أمريكا و هيمنة خطاب الغرب ، تارة : الحكام ليسوا ديمقراطيين ، سلبيون و مستبدون ، و تارة : الشعوب ليست في مستوى حكامها لذا لا يجب ترك مكان الديمقراطية للخفافيش المخيفة ، هناك حقا ما يخيف أمريكا و الغرب ؟ في كل دعواتها هي الساحرة ، في اليوم تسقط ألف قناع ثم ترتدي ألفا ، لكن أمريكا لا تقرر مصير شعوبها بل الشعوب هي التي تقرر مستقبل حكامها ، لكن الأقنعة المرسلة و المهدية للحكومات العربية تواتي الحكام هنا، ليصير الواقع مسرح أقنعة لا تدري من تخاطب و لا تعرف إن كان من تسدي له النصيحة و المشورة هو أو شخص آخر ، يعجز شكسبير على حل لغز شخصه و عقدته ، الحقيقة أن الحكومات العربية هي مقررة مصير شعوبها و الشعوب لا تصنع غير الشغب و الجعجعة لأنها ما كانت يوما على موقف فالريح الآتية هي معها ، و ذيل السردوك كما تحركه الرياح تتحرك معه ،يتوبون من الحكومات صباحا ، و يمسون على موائدها و سياطها يتنافسون ، الفرد العادي و الغير عادي في الوطن العربي يعرف أحزاب السلطة كما يعرف الأحزاب المعارضة للمعارضة لا للسلطة ، لأن المعارضة غير موجودة و لا تملك تصريح لأنها ليست مقاولة سياسية فيها الربح و تتخذها مهنة و حرفة لتعيش بها هي و تابعيها ، الشيء الذي ربما يعرفه أو لا يعرفه المواطن العادي و الغير عادي أن العلة انتقلت لكل ما هو مرتبط به و دائر من حوله ، قد انتقل للدين ، للشيء المقدس الذي وجد من أجله العالم و الإنسان ، المتدين أو الإسلامي أو الإسلاماوي سني كان أو أشعري ، شيعي أو إباضي ، معتدل أو أصولي وسطي أو سلفي ، قد صار دمية تحركها أصابع تعرف كيف تضفر الخيوط، و تعرف كيف تملأ السجون به إذا اقتضى الأمر و كيف تفرغها لتملأ به الشوارع و في ذلك ذكرى للذاكرين و نسيانا لحقبة كانت إسرائيل تطالب الحكام العرب بوقف خطبه و تسلله لأراضي الجهاد و الشهادة كما يسميها ، و لأن التطبيع صار كحليب الصباح و الكل راضي على الماء المقتسم بيننا و بين إخواننا اليهود فلا ضرر أن نقضي على الليبراليين أو الأمميين الذين ينافسون السلطة و يهددون استقرارها و لا بد من عظم كبير يوضع في فم الكتاب ليكفوا عن نقدهم ...
تلك مهمة الإسلاميين" العلم الغير شرعي ربما لا يجوز و إن اجازته فئة حرمته أخرى ، الإنسان العادي و الذي لا علم له في الكتاب هو من كفّر الغزالي و على مسمعي شتم القرضاوي و أتهم بالظلال مالك بن نبي ، و فهد العودة و سفر الحوالي و بن جبرين
و عائض القرني بأنهم خرجوا عن المنهج و أبدعوا البدعة ، الحكومات العربية في سياستها لا تعي دروس الأمس إلا حينما يأتيها الشلل النصفي من فوقها و من تحتها ، و المواطن العادي و الغير عادي لا يفقه أن السيماء العربية أو أنسياء العربية أو الكونية العربية أو الطوبى العربية كلها تحدد فضاء واحد معروف و جلي على منوال قول عبد الله العروي ، إن ابن تيمية أو محمد عبده أو حسن البنا أو رشيد رضا أو محمد عبد الوهاب كلهم كان سنيا وفق فهمه لواقع زمانه لكن اختلاف هؤلاء اليوم هو موجّه للفرقة المتفرقة ، أريد قول شيء واحد للمواطن العادي و الغير عادي أن الصراع بين الحكومات العربية و نخبة الشعب و الطرف الغربي هو إنما على : الحصول على المال و الخيرات ، و شرف السلطة و ثقافة التباهي و الخداع و التأويل الغيبي لكي لا ترد تهمة و لا يناقش حكم و يكون الولاء أبدي ...و كما تقول أمي اشرب فنجان القهوة لكي تظل مستيقضا ، فمن يقوى على وضع الجرس....