حمار دخل مزرعة رجل ، وبدأ يأكل من زرعه ، الذي تعب في حرثه وبذره وسقيه .
فكر الرجل كيف يخرج هذا المتوحش ، ويبعده عن محصول وجب حصاده بيديه .... وليس بيد هذا الحمار الأرعن الطائش
كيف يخرج الحمار؟
سؤال محير ؟
فأسرع إلى البيت وجاء بعدَّةِ الشغل ، فالقضية أصبحت لا تحتمل التهاون والتأخير .
أحضر عصا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوى
كتب عليها .. (يا حمار أخرج من مزرعتي) ، ثبت الكرتون بالعصا الطويلة
وبالمطرقة والمسمار ، ذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة
ورفع اللوحة عالياً .
ووقف رافعًا اللوحة منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس
والحمار لم يخرج !!
غلبت الحيرة الرجل وقال في نفسه : ـ
"ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحة"
فرجع إلى البيت ونام ، وفي الصباح التالي ،صنع عددًا كبيرًا من اللوحات
ونادى أولاده وجيرانه ، واستنفر أهل القرية، صف الناس في صفوف
يحملون لوحات مكتوبه
(أخرج يا حمار من المزرعة)
(الموت للحمير)
(يا ويلك يا حمار من راعي الدار)
وتحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار
وبدأوا يهتفون بأصوات تهز المعمورة
أخرج يا حمار. أخرج أفضل لك
والحمار حمار ... يأكل ولا يهتم بما يحدث حوله
غربت الشمس وتعب الناس من الصراخ والهتاف وبحت أصواتهم
فلما رأوا الحمار غير مبالي بهم رجعوا إلى بيوتهم يفكرون في طريقة أخرى وفي صباح اليوم الثالث
جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر ، خطة جديدة لإخراج الحمار ، فالزرع أوشك على النهاية .
خرج الرجل باختراعه الجديد ، نموذج مجسم لحمار يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي .
ولما جاء إلى حيث الحمار وهو يأكل في المزرعة
وأمام ناظر يه وحشود القرية المنددة والمنادية بخروج الحمار
سكب البنزين على النموذج وأحرقه ؛ فكبر الحشد ...
نظر الحمار إلى حيث النار ، ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مبالاة .
يا له من حمار عنيد ، لا يفهم .
فأرسلوا وفدًا ليتفاوض مع الحمار
قالوا له: صاحب المزرعة يريدك أن تخرج وهو صاحب الحق وعليك أن تخرج
الحمار ينظر إليهم
ثم يعود ليأكل ... لا يكترث بهم
وبعد عدة محاولات ، أرسل الرجل وسيط آخر
قال للحمار : ـ صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحته
والحمار ما زال يأكل ولا يرد
ثلثه ...
نصفه ...
والحمار لا يرد
إذن
حدد المساحة التي تريدها ؛ دون أن تتجاوزها .
رفع الحمار رأسه ، وقد شبع من الأكل ، ومشى قليلاً إلى طرف الحقل
وهو ينظر إلى الجمع ويفكر
(لم أرَ في حياتي أطيب من أهل هذه القرية ، يدعوني آكل من مزارعهم ولا يطردوني ولا يضربوني كما يفعل الناس في القرى الأخرى) .
فرح الناس فلقد وافق الحمار أخيرًا
أحضر صاحب المزرعة الأخشاب ، وسيَّج المزرعة وقسمها إلى نصفين
ترك للحمار النصف الذي هو واقف عليه .
وفي صباح اليوم التالي ...
كانت المفاجأة لصاحب المزرعة
لقد ترك الحمار نصيبه ودخل في نصيب صاحب المزرعة ؛ وأخذ يأكل ...
رجع صاحبنا مرة أخرى إلى اللوحات والمظاهرات
بدون أي فائدة ، فهذا الحمار لا يفهم ، إنه ليس من حمير المنطقة ، لقد جاء من قرية أخرى .
بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار
والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى
وأمام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم
حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضر ليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار المحتل العنيد المتكبر المتسلط المؤذي
جاء طفل صغير
خرج من بين الصفوف
دخل إلى الحقل
تقدم إلى الحمار
وضربه بعصا صغيرة
فإذا به يركض خارج الحقل .
منقول