رسالة إخوانيةإليك أنت وحدك أيها النقي
أطلق خطاي هذه المرة، فربما أجمّع حلما في كياني قد تكسّر على أعتاب انتظار نقاء كنقائك...ربما نرحل معا عبر الأماني القادمات، وصوت أمواج الخليج تفتش عنّا ، وعن دليل يحفر في جدران الذاكرة قصة رجل كبير بخلقه وأدبه ونقائه ،تذوب حروفه خلف قصص يرسمها بريشة فنان... عشت معها حين يدعوني داعي التذوق والسمو (بدون لون، و الحصار،و الحطام ، و لكنه حي ، وعملية جراحية ،و مرايا ،و نفس ما أرادوا ...)..
نعم إنه هو الذي يهز كياني بلباقته، وحنوّه، وسمو مشاعره، ويبقى شهيق البحر في رئتي، وأرتدي الواقع الجميل، بعد أن حالت بيني وبينه صرخات عالم مبحوح ومسترخ ومتثائب...
كنت أخيط حبي له من وراء صمته الطويل ، فهو صامت معظم الوقت ، وبعد أن كنت أحترق في لظى انتظار القادم، أيقنت أن الصمت ربما يكون بردا وسلاما إذا ألقينا أعباءنا في أتونه، فقد اختنقت المسامع بزفير عالم مأفون ...
هو رجل يدمن النزف كتابة، وتحط على عتبات عينيه أطياف من عالم لا يحد... إذا أمعنت النظر في ملامحه تقرأ سورة الإخلاص، وإذا ما حدقت في صمته تراه يغتال النجوم، وتتسلق روحُه إلى مزارات تهزّ عرش الشفافية..
يبدو لي أننا نتقاسم الحرف، ونسافر في فضاءات عالم واحد ؛ لننهي أسطورة الاغتراب، ولتبدأ بيننا قيامات هطول الجمال، فهو مبلل بالأحلام ، ومعطر برائحة زمن جميل تكتشفه في ملامحه...
كنت أشعر معه أننا نضيع في تضاريس الأسئلة المستحيلة؛ بحثا عن عالم يجمعنا ، وأراه مثلي يحاصره حياء الرجال ... نعم لا تستغربوا فالحياء ميعاد القلوب الطاهرة حين تتقاسم مواسم ربيع قادم...
يبدو لي – يا صاحبي – أننا من مواليد لقاء... نعم من مواليد لقاء جمعنا، حين سال الكلام من أضلعنا... من عيون حالمة بعالم آخر يحاول إتلاف ذاكرة الزمن الحزين...
كنت لا أومن بالمقولة التي تتداولها الألسنة ( لكل امرئ من اسمه نصيب ) ؛ لأنها لا تنطبق علي ّ، ولكنني وجدت في اسمك ما يعيدني إلى جادة الصواب ، فأنت (السيف) الذي يرعى ( العدالة ) .. و الأجمل أن يجتمع السيف مع العدالة بصمت المخلصين !!!
حين تلفظنا المسارب – يا صاحبي- يسطو المساء على مدننا ، وتدق نواقيس الغربة في عالمنا، وحين نشعر بأن أقلامنا صديقة أحلامنا بجانبنا يعود الدفء ليستقر في صفحاتنا البيضاء، ونتوغل في مرافئ الجمال، لنتجاوز الطقوس السقيمة، وينسلخ الربيع عن قشرة الحزن، ونرشف الأمل من كأس القلوب الطاهرة...
أما لقاءاتنا على شاطئ الخليج فإننا نخلو بها إلى أنفسنا ، ونحلم أن نصطاد فيها فرحة قادمة من عالم البحار، ويمر بنا شريط دافئ الألوان، ونغرق في لحظات تغادر فيها نفوسنا مرافئ الأحزان شوقا إلى كلمة نطوق بها أعناق نصوصنا، فربما يقرأ نصوصنا ذات يوم طفل يحفر بيديه الناعمتين طريقه نحو عالم بريء لا تحكمه قوانين عالمنا هذا !!!
عندها نشعر أننا قدمنا شيئا يستحق المحاولة...
يبدو لي – يا صاحبي – أنني لا أريد التوقف، ولكن لابد أن أنهي هذه الكليمات فقد دقت ساعة الرحيل، وجمع النادل فناجين قهوتنا، وصوت قادم من بعيد يستدعيني !!!
إليك وحدك أيها النقي أتوجه بالتحية ..
لأنك تستحق
فهل أكون قد وفيت؟؟
كن بخير أيها النقي
يا حسام القاضي
أخوك الذي يحبك ويقدرك
سلطان الحريري