المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. سلطان الحريري
الفاضلة الأديبة حوراء آل بورنو:
بدأ الرافعي نصه: ( رسالة للتمزيق ) في أوراق الورد بأبيات شعرية يقول فيها:
|
وكم حار عشاق ولا مثل حيرتي |
إذا شئت يوما أن أسوء حبيبي |
وهل لي قلب غير قلبي يسوؤه |
ويأخذ لي في الكبرياء نصيبي؟ |
ألا ليت لي قلبين : قلب بحبه |
مريض، وقلب بعد ذاك طبيبي |
ويا ليت لي نفسين : من رئم روضة |
ألوف ، ومن ذي لبدتين غضوب |
وكيف بقلب واحد أحمل الهوى |
عجيبا على طبعي وغير عجيب |
فو الله إن الحب خير محاسني |
ووالله إن الحب شر عيوبي |
|
|
ببيته الأخير سأبدا ، فقد وضع يده على الحقيقة ، وهذا ينطبق على الأدباء الذين تربوا على نصوصه ، فالحب قد يعد من المحاسن ، وقد يعد من العيوب ، ولا أراهما يتعارضان .
إن الحب رائع وجميل إلا إذا تحول المحب إلى نسخة ثانية من الحبيب ، عندها سيكون الأمر غير محبب ، ويدخل حينها في حيز العيوب .
ولا أخفيك - أيتها المبدعة - أنني مغتبط بهذا النص التحولي الانقلابي ، فقد كان الرافعي نفسه مرحلة تحول وتطور في تاريخ النثر ، فالجميل أن نتربى على يدي نصوصه ، ولكن الأجمل أن ننطلق في عوالمنا الذاتية ، لنكون حلقة تطور جديدة في التاريخ الأدبي ، وقد مررت بهذه المرحلة ، إلى درجة أنني كنت أقول إنني عققت أستاذي ، وما قصدت بالعقوق هنا عقوق الابن لوالده ومعلمه ، بل هو السعي للاستقلال الذاتي ، وبناء الرؤية الخاصة التي لا تنفصل عن الأصل ، بمنطق التأصيل .
وقد لامني أحبتي في فرع الكويت يوما لاستخدامي كلمة ( عقوق)، ولكنني كنت أقصدها بما أسلفت ، بالإضافة إلى أنني يجب أن أنحي نصوصه جانبا ، لا تنحية الكاره ، بل تنحية من يريد أن يشق طريقا جديدة تعيش على الجذور لتغذيها ، وتنطلق في الآفاق لتجدد وتثمر ثمارا يانعات.
أما نصك - أيتها الفاضلة- فهو رسالة منك إليك ؛ تكتبينها اليوم لتقرئيها غدا في نصوصك . أليس هذا ما قاله الرافعي نفسه في أوراق الورد؟؟؟
سيبقى الرافعي معلمنا الأثير ، وسنكون- إن شاء المولى - تلامذته النجباء الذين يبنون على ما أسس بصورة بهية تتناسب وذواتنا.
سنعيش في ذاكرة الزمن المجازي ، كما عاش الرافعي وغيره من المبدعين ، حتى يصبح لنا نصوص منجزة ، ووجود منجز .
سأنتظر نصك القادم الذي سيكون مرحلة جديدة في تاريخك الأدبي الحافل بالجمال ، فقد كنت رائعة وأنت في حرم الرافعي ، وستكونين أروع وأنت تمتحين من أرضه لتعيشي الزمن الحلم، وما بين الترقب والانتظار والأدوات الموصلة إليه سيكون القادم أجمل!!! .
دومي أميرة من أميرات الكلمة الرؤية.