حدث اليوم امر غريب في جدة ...
لقد امطرت !!
لا تستغربي فرحتي بهذا المطر .. فهو اكثر ندرة من كسوف الشمس.
مر وقت طويل لم تمطر فيه .. وقت جعل حبيبات التراب تتشاحن متنافرة لفرط جفافها وظمئها ..
وكأن كل واحدة تتبرم من وجود الأخرى ,, وصارت الحياة بينها لا تطاق ..
عندها جاءت قطرات المطر تصلح ذات البين فتلين النفوس وتذيبها في جسد واحد , ولتفوح رائحة الطين اعلانا بعودة الحياة .
..
الحنين إلى الطين .. حنين إلى الفطرة .. حنين الى الأصل .. وكلما شممته اشعر انني اشم جسدا حيا .
..
جدة مدينة غريبة .. تجمع اهم التناقضات .. واكثرها .. فالمطر فيها لا يأتي الا ليقال أتى ..
وإن جاء جاء لرفع العتب بلا برد ولا مقدمة كأمطار الافلام .. تهطل في مشهد واحد ..
فيعيش ترابها اغلب الوقت متفتتا لشدة شوقه للمطر .
وأنا اشتاق اليكِ شوق تراب جدة لمطرها .. ويتفتت قلبي لفرط ظمئها اليك.. كما يتفتت .
وأتذكرك .. فأشم رائحة التراب المبلل ,, فتغمرني رائحتك التي تختصر الأرض , وتفوح بالحياة ..
أيتها الجالسة على الشاطئ الاخر من الجزيرة :
تحية شوق .. من تراب جدة .
.