تسلل عبر أزقة عتيقة، دس يديه داخل جاكيت رمادي يشابه ليلته، تذكر أيام كان صبيا يركض في تلك الحارة قبل أكثر من نصف قرن , لم يكن وقتها لديه ما يجلب النكد لعواصم ومدن ! , يُحاول أن يُسرع الخُطى دون جدوى، الأرض مبللة اسفل قدميه، يدوس بعض من ذكريات ، يتهاوى على الأرض، لا يستطيع أن يخرج يديه من جيوبه، فيرتطم جبينه بالطين، يلملم جسده ويكمل المسير، بعد أن تحسس وجهه وأزال بعض أوساخ , أخيرا وصل، يُخرج مفتاح أطول من أنفه، يقاوم صدأ القفل، يسحب الباب للأمام يتنفس الصعداء , يدفع الباب .. بعض من جبل حدث صوتا لم يفهم إن كان عتابا أم فرح ! يبحث عن مفاتيح الكهرباء، يتذكر أن سنين مرت دون أن يأتي أحد , يلامس السلم الخشبي، يشعر بتراب عازل للخشب يصعد قليلا فجأة يسمع أصوات غريبة تأتي من غرف أرضية يتردد، يصعد دون العودة للتأكد، يستمر في الصعود، ترتعد مفاصله حين يصطدم وجهه بخيوط العنكبوت الهابطة من ثُريا تدلت وسط السلم يزيح عن وجهه بعنف وهلع، يكمل الصعود، يُخرج مفتاح أخر هذه المرة بحجم إصبع يده، يفتح الغرفة، يشعل ثقاب لا يكترث بالساتر الترابي ولا بزحف الثعابين يرتمي على سرير نساه سنيين عدة تتطاير الفئران يخشى أن يكون قد أزعجها فيعتذر منها ويغط في نوم ثقيل !