أستاذي الراقي مأمون
تحية طيبة لمتابعتك الدقيقة ولمحاولة قراءة كل حيز وكل كلمة في ردي.
لا أحب أن أكرر ردود من سبقوني ولا أفتبس منها، لقد افرغ الكثير هنا كل مافي قلوبهم، سواءً كانوا طرف في حالة كهذه أو لم يكونوا..
أثرت عصبيتي لسببين، أنك مازلت تتحدث عن الحب بنقاء دنسه أهل الأرض وحفظته الملائكة، والثاني أنك توجه رسالة لقلوب صماء وعقول عمياء جعلها الوقت في حالة من الصدأ يرثى لها.
أجد لك عذراً في سبب إثارة عصبيتي الأول؛ حيث قلتها من قبل لك: " مأمون إنسي يسري في جسده نور الملائكة"، أما الثاني فلا أجد لك عذر وإنما أدعو لك بأن يسمع كلماتك من به صمم لتتجاوز حدود
الكتابة المجردة لبشر وجدت آذانهم للزينة فقط أو لتعليق الحلي..!!
لم أقل أنك تبني يوتوبيا، فهي مبنية منذ زمن في أسطر الفلاسفة والشعراء، ولكنك تنهج ذات النهج حين تكتب عن مثاليات قلما تكن موجودة، وإن وجدت في طرف ما، قام الآخر بوأدها وبقوة..!!
لا بأس أن نستقي من الخيال نهل يداوي الواقع، لكن أخبرني كم يبقى هذا الخيال، كم سيدوم، أندمنه كما أدمنا الحزن، أم نساعد أنفسنا لنُصاب بحالة معقدة من إنفصام الشخصية..
للأسف يا مأمون الحيوات الزوجية مليئة بمثل هذا الإنفصام، وتوجه كل منهما لجهة لا يعلمها الآخر، كيف يجمعهما سقف واحد ويبعدهما الآف الخيالات...!!
تحدث في الجزئيات وأقتحم أدق الخصوصيات، لتكن قائد مسيرة متمردة تعلن التمرد على رتابة الحياة الزوجية لدى الزوجين أو الحبيبين، وأنت وأنا والجميع يعلم أن جملتك تلك حقيقية حين قلت:" ولتعلمي يا سيدتي أن كل الأمراض يمكن استعمال الأدوية والمستحضرات لها ، إلا هذا الذي بين الحبيبين ، أو دعينا نقول الزوجين ، بل إن عاصفتهم القوية لا سياج يحدها ، في مقابل قصورهم الحصينة التي لا يمكن لأحد اقتحامها ."
هما الداء يا مأمون وهما الدواء، وهما من يقودان يحياتهما للفشل أو للنجاح، أحياناً تعرف المرأة بخيانة زوجها ويكتنفها الصمت لئلا تهدم حياتها الوهمية المبنية على أمل "أنه سيعود لبيته وأولاده".
أضحكتني صديقة حين قالت لي: " زوجي يخونني بكل ما أوتي من قدره، وحين شكوت لأمي قالت لي بالحرف: يكفي أنه يرجع ينام في حضنك"..!!؟
ماذا ينفع هذا الحضن الممتلئ بالشوك وكيف يستقبله، وكيف يبتسم له وجه خط الدمع أخاديده بقوة عليه، وإن سألته لماذا؟ أجاب "نوع من التغيير"...!!!
بينما لو رآها تفتح شباك غرفتها من دون ساتر لقامت الدنيا ولا قعدت، هي إذن مسألة فهم القوامة في الحياة الزوجية، التي قررها الله تعالى بقوله :" والرجال قوامون على النساء".
كم من رجل فهم معنى القوامة حقيقية بلا تنميق أدبي ولا تحيز ذكوري، أعلن حقيقة أنك وضعت تساؤل لتحقيق صحفي رائع "بأي عين تراها" وتساءلت وكنت أحن على المرأة هنا، ولكنك لم تقسو عليه كما يجب، إرث الذكور الذي حفظته عقولهم أن له مطلق الحرية ولهن مطلق القيد..
وتلك مصيبة أكبر يامأمون...
أنا هنا لا أشاكس ولا لأستعرض مقدرتي الأدبية ولا اللغوية ولكنه حوار جاد ومهم يضع نفسه عارياً أما ضمائرنا لنقول الحقيقة لغرض الحقيقة وليس لغرض تسجيل إسمي هنا والتفوه بالحماقات..
" إننا هنا نحاول عرض طرق للبناء ، ومن الجيد أن نبني على أسس ، ربما نستطيع من هنا أن نعيد صياغة أنفسنا ، لا لأن نغرق في الخيال كما تتهمينني يا صديقتي الطيبة ، ولكن لأن نهذب ذواتنا في الواقع ."
أخي مأمون، لا أتهمك حاشا لله، وإنما اشد على يدك لنعيد صياغة واقعنا وأنفسنا كما قلت، هيا لنفعل ولكن كيف ومازالت هذه المقالة حبيسة أسطر، لو كنت مكانك لنشرتها بكل حواراتها ونقاشها لأكبر منبر إعلامي وثقافي حر لننقذ مابقي من حيواتنا الزوجية ونسلم أولادنا من شر التبلد العاطفي والتفكك الأسري...
وللحديث بقية مادمت تنجح في استفزازي..
تقديري ومحبتي
أختك/ يُمنى