حوار الأجيال في العالم العربي
الشيوخ :
أيها الشباب : لا تنتظروا شيئا منا وأغلبنا أحوج ما يكون منكم، وقد ذبلت خلايا أجسادنا، وجفت تحت شمس الزمن وظروفه الباردة، ولم تعد تقوى على نسمة رياح إذا هبت مذكرة بعنفوان استوطننا لفترة عاشها أغلبنا زهوا ومرحا ثم رحل تاركا إيانا في ضرار..
ولا تنتظروا شيئا أيضا من علماء ومشايخ الدنيا فينا فلن يصرخوا وإياكم رافضين لواقع دام ومعاش، وأوضاعا مزرية وصورة بائسة أمام عيون العالمين. لن يطلقوا صرخة الحق لما يرونه من ذل وهوان لأمة الإسلام، كونهم لم ينطقوها أيام كانوا في عنفوانهم حتى يقومون بها الآن وقد ذهبت منهم القوى ولم يعد فيهم قدرة على العناية بأرواحهم حتى..
ولا تنتظروا شيئا كذلك من النافذين في السلطة منا والمتحكمين بالقرارات الفاعلة، فهم منقطعون تماما عن الواقع، وقد تجاوزوه والقلوب منهم صلبة جامدة، لا تألم للصور الدامية ولا للثكلى الباكية أعينهن، ولا للأطفال الذابلة براءتهم المغتصبة على يد أحلامهم القديمة والعديمة النفع. ورغم ملايينهم، ومشاريعهم وأسهمهم المرتفعة في بورصة أنشئت من أجلهم وكذا حقائبهم الدبلوماسية، فهم مثلنا ومثلكم في خطر..
لهذا لا تنتظروا منا ومنهم شيئا.. لكننا نتمنى مساعدتكم في هذه السن والحال، فلا تتركوننا أوراقا ذابلة تتلقفها رياح الزمن لتطوح بها في كل اتجاه..
الشباب :
أيها الأطفال : ماذا تنتظرون منا وأغلبنا منبهري العقول بأضواء الدنيا الساطعة في حضارة الغرب اللامعة، وما يمكن أن تجود علينا به من قشور صرنا نرى فيها الحلم الضائع والمستقبل الواعد. ولا يتطلب الأمر منا سوى نسيان لغتنا الأم، ومعرفة بعض من كلماتهم، وارتداء ملابس مشابهة لما يضعونه عليهم من ثياب مزركشة ومنقطة وأخرى تظهر ما لا يجب أن يرى بالعين المجردة لنعيد نصف الحلم حتى، ونعيش الحياة بنغمة غربية لنا فيها متطلعات وأماني كانت مستحيلة أمام صور واقعنا الذابلة بدون ألوان..
ماذا تنتظرون منا وقد قدمنا عقولنا قرابين لإعلام يجمع كل العاهات المستديمة ليجود علينا بكل ما تتفتح عليه الأعين المغمضة من صور مفبركة لنساء ورجال صنعتهم الموضة لتعرية أجسادنا وإزالة ما تركه الماضي الشريف فينا من حياء.. وكذا ما ينعش أرواحنا من طرب وأفلام لفنانين وفنانات يتكاثرون كل يوم كالحشرات السامة ليعرضوا علينا ما لا يجدونه في حياتهم من مشاعر عاطفية مصحوبة بموسيقى عذبة ومقدمة في كليبات وأفلام ملونة بكل ما يوهم قلوبنا الخالية من مشاعر حب لأنفسنا حتى..
ماذا تنتظرون ممن أرادوا العودة منا إلى بداية الطريق فسلكوا ممرات أودت بهم إلى السقوط في أيدي جماعات تخريبية مقنّعة شكلت لهدم متن العلاقات الإنسانية فيما تبقى للشعوب من صلات مودة وثقة فيما بينها خدمة لذوي المصالح الدنيوية وتحكما أكثر في السلطة والمال..
وحتى من أرادوا منا لأوضاعهم الكئيبة إصلاحا وجدوا في طريقهم كل ما يعرقل مسيرتهم الإصلاحية متجليا في قوانين وضعت أساسا لسلب حريات المواطنين وتجريدهم من كل ما يضمن لهم العيش السليم فكرا وجسدا..
نحن نأسف لما نراه من إجحاف وتشريد لبراءتكم المغتصبة وتيتيم لطفولتكم لكن كل واحد منا غارق في ما يرى فيه مخرجا من ضيق أو كبث أو قلة حيلة..
الأطفال :
اللهم لا تكـــــــــــلنــا إلـــى قومـــنا فقد جحـــدوك فيــــنا..