الجسر المعلّق
ناءٍ عن الصّحبِ مشغولٌ بأوراقي
ومهجتي ذاتُ إرعادٍ وإبراق ِ
تطوفُ بي نزوات الفكر هائمةً
في غابة ٍ من سراديبٍ وأنفاقِ
وعقربُ الساعة الكسلانُ مشيتُهُ:
كالسلْحفاةِ إذا همّت ْ بإعناقِ
تمرّ بي أمسياتُ الصيف ظامئةً
غرثى، فأُطعمها سهدي وإطراقي
وإن توهّمتُ أن الوصل باكرني
ضحىً، تولّتْ سياطُ القيظ إحراقي
أُعانقُ البثّ مبيضّاً به بصري
كأنّما أنَاْ يعقوبُ بن إسحاقِ
فلو تراني وطرفي غير مغتمضٍ
أغفو كمضطجعٍ في بيتِ سُرَّاقِ
لخلتَ أني طريح "الرّبعِ*" تَصْرَعُه
أو كاللديغِ بلا راقٍ ولا ساقِي
**
تغزو الشوارعُ أسماعي بأغنيةٍ
تهذي بها عرباتٌ ذاتُ أبواقِ
تهذي، وأعمدة الأنوار تُمْطِرُها
ضياءَها بعيونٍ مثل أشداقِ
ويجثم الشجر الظمآن محتضراً
يُلقي الظلالَ بإعتامٍ كإشراقِ
**
إذا تسكّعتُ لم أعرفْ مدى قدمي
صوبَ الحدائقِ؟ أم تلقاءَ أسواقِ؟
وإن تمشّيتُ نحو الغرب معتلياً
"جسرَ العريجاءِ*" كان الوجدُ سَوّاقي
هذي المدينة كالمحرابِ تحضنني
فكيف تنكِرُ ذات الخِدرِ أعراقي؟
وما لكفّكِ لا تمتدّ تنقذني
من لجّة اليمّ إلا بعد إغراقي؟
**
سفائني في بحار الحبّ مُشرِعةٌ
ولا أكون خليّا بين عشّاقِ
فلا تمدّي بثغر غير مشتعلٍ
لقُـبـلـةٍ تتلظى بين أعماقي
وفي البلاد أُلاقي ألفَ غانيةٍ
ترنو إليّ بطرفٍ غيرِ أفّاقِ
ذبحتهنّ بلا سيف أجرّدهُ
إلا الوفاءَ ونُبلاً بين أحداقي
فإن تريْني وجنح الليل معتكرٌ
أجثو أمامكِ في أغلال أشواقي
فهل بذلك من عارٍ يطاردني
وقد بذلتُ له أصداف أعماقي؟
**
18/7/2007
هامش:
*"الربع": حُمّى تعاود كل رابع يوم.
قال الشنفرى الأزدي:
وإلفُ هموم ما تزال تعودهُ///عيادًا كحُمى الرّبع أو هي أثقلُ.
* "جسر العريجاء": معلم معماري من معالم مدينة الرياض.