|
أراكَ فأَسمــو في قداســـةِ ما أَرَى |
كـــأنَّ الليالي جدَّدَتْ فيكَ (حيدرَا) |
كأنَّ الليالي في صـــــدَى عُنْفُوَانِها |
أَرَادَتْ لِذاكَ الوِتْرِ أنْ يتكـــــرَّرَا |
فَأَلْقَتْكَ في أتُّـــونِ دُنْيَاهُ خَـــامَةً |
وصاغَتْكَ من أسمى معــــانيهِ جوهرَا |
وَخَطَّتْ لكَ المضمارَ عبر جــــراحِهِ |
لِتجري على سيفِ المنايا كما جَــرَى |
وبَيْنَكُمَا التاريخُ نَهْــــــرٌ مُدَلَّلٌ |
أَسَالَتْهُ أعنـــــاقُ المحبِّينَ أحمــرَا |
وشَدَّتْكُمَا شريــانَ عشــقٍ تَدَفَّقَتْ |
دماءُ الأضاحي في أقاصيهِ مَحْشَــــرَا |
فَكُلُّ خـــلاصٍ في الحـــياةِ قيامةٌ |
تهزُّ الثرى الغافي فَيَسْتَيْقِــــظُ الثرَى |
سلاماً (أبا الهـــادي) على قلبِكَ الذي |
تَنَاثَرَ في الوادي طـــــيوراً وأَنْهُرَا |
سلاماً على السِنِّ الضَحوكِ إذا اخْتَفَـتْ |
وراءَ التحدِّي تشعلُ الحرفَ مجمـــرَا |
سلاماً على رُؤْيَاكَ في كلِّ فكــــرةٍ |
دَحَوْتَ بِها في (دَبْشَةٍ) بــابَ (خيبرَا) |
مؤامرةُ الأصفـــــارِ ضدَّكَ لم تَلِدْ |
سوى الصفـرِ.. يا رَقْماً من الدهرِ أكبرَا |
تَنَاسَخْتَ في صُلْبِ الجمــاهيرِ ، هازئاً |
بِمنْ حَسِبوا صُلْبَ الجمــــاهيرِ أبترَا |
تُحَرِّضُ في المـــــاءِ الأجنَّةَ زارعاً |
( فلسطينَ ) في الأصلابِ عهداً مُطَهَّـرَا |
فَتَنْمُو بطونُ الأُمَّهــــــاتِ بِبَيْعَةٍ |
على العهدِ .. تَجْنِيهَا سلاحاً وعسكـرَا |
أُعيذُكَ منِّي .. من هوىَ كـلِّ عــاشقٍ |
يعيشُكَ شكلاً لا يعيشُكَ مخـــــبرَا |
فما حبَسَ الأبطـــــالَ مثلُ حكايةٍ |
تُشَيِّدُ من أسطــورةِ العشــقِ مَخْفَرَا |
أُعيذُكَ من ( غرناطةٍ ) بعدَ ( طــارقٍ ) |
فأمجادُهُ صــــارتْ رخاماً ومَرْمَرَا!! |
غداً يرصـــدُ التاريخُ ذكراكَ شاهـراً |
يراعتَهُ يجلو الســــــؤالَ المُشَمِّرَا: |
ومَنْ هُوَ ( نَصْرُ اللهِ ) .. هَلْ هُوَ فـاتـحٌ |
أضافَ إلى طــــولِ المجرَّةِ خُنْصُرَا ؟! |
أَمِ البَطَلُ الشعبيُّ في قَصَــــصِ الهوى |
قديماً – بأعمــاقِ الغواني تَجَذَّرَا ؟! |
بِماذَا يجيبُ العاشقــــونَ إذا انْتَهَى |
بِكَ العشقُ رمزاً في الأساطيرِ مُبْحِـــرَا |
أَقَامَتْ حكـايـاتُ البطولــةِ سورَها |
عليكَ فلا ألقاكَ إلاَّ مُسَــــــوَّرَا |
قفزتُ على ســــورِ الحكاياتِ علَّني |
أراكَ طليقاً من هواها ، مُحَـــــرَّرَا |
وجئتُكَ بالنخلِ المقــــــاومِ مالئاً |
مساحةَ روحي عنفواناً ومفخَــــرَا |
معي قُبُــــــلاتٌ باتِّساعِ مَجَرَّةٍ |
من الشــوقِ .. فَامْنَحْني جبينَكَ محورَا |
وفي كلِّ سطرٍ من عروقيَ جمــــرةٌ |
من الحبِّ فَاقْرَأْني جحيماً مُسَطَّــــرَا |
تَسَمَّرْتُ للنجـــــوى كأنّيَ عاشقٌ |
فَتِيٌّ لميعادِ الهــــــوى قد تَسَمَّرَا |
أطـوفُ بأحـداقي طـوافاً مُقَــدّساً |
على كلِّ حقلٍ فوقَ هامكَ أزهــــرَا |
تجلَّيْتَ لي في وجــــهِ ( آذارَ ) سنبلاً |
وفاجَأْتَني في كفِّ ( أَيَّــــارَ ) بيدرَا |
وكوَّرْتَ آلافَ المواســــــمِ عِمَّةً |
على الرأسِ ، فارتاحتْ على زندِكَ القُرَى |
وحَفَّتْــــكَ من كلِّ النواحي مهابةٌ |
تناثرَ منها العــزُّ ورداً وعنــــبرَا |
إذا سَقَطَتْ في هُوَّةِ الجــــوعِ قريةٌ |
مَدَدْتَ لها كفَّيكَ خُـــبزاً وزعــترَا |
فَقَامَتْ تُصَلّي فجـــــرَها مُطْمَئِنَّةً |
وتتلو على الأرضِ الأمــــانَ المُطَهَّرَا |
وتشعلُ تنَّورَ الصبـــــــاحِ تحيّةً |
تكادُ من الإشـــــراقِ أنْ تَتَجَوْهَرَا |
أُحَدِّقُ في التقويمِ .. والحــزنُ شاخصٌ |
على كلِّ يومٍ صـــــارَ عيداً مُزَوّرَا |
تزاحَمَتِ الأعيادُ في عُمْـــــرِ أُمَّةٍ |
هيَ الحزنُ .. بلْ أشقى من الحزنِ عُنصرَا |
ألَمْ تَرَها منقوعــــــةً في دمائِها |
قروناً .. أَلَمْ تُمْطِرْ عليها التحسُّــرَا ؟؟ |
أَلَمْ تُعْطِها عهداً على السيــفِ ، قاطعاً |
رقابَ الخياناتِ التي تملأُ الثــــرَى؟ |
أتيتَ .. وكانَ الشـــوطُ يهفو لِفارسٍ |
يشدُّ بِيُمْنَاهُ الصهيلَ المُكَسَّــــــرَا |
تَمَخَّطَتِ الدنيا فســـــالَ مُخَاطُها |
بـ ( صهيونَ ) ســيلاً في الليالي تبعثرَا |
و ( لبنانُ ) سـربٌ من خيوطٍ تَشَاجَرَتْ |
لِتَنْسِجَ للأعــــــرابِ بُرْداً ومئزرَا |
و ( بيروتُ ) .. ليلى الحُبِّ .. ما عادَ إسمُه |
تحجُّ إليهِ الأبجديَّاتُ ، مشعــــــرَا |
وكانتْ ليالي الوصـــلِ في كلِّ خلوةٍ |
مزاداً بهِ ( ليلى ) تُــــباعُ وتُشْتَرَى |
وثَمَّةَ طوفانٌ من القهرِ واقـــــفٌ |
على صمتــــهِ الرسميِّ حتّى تَحَجّرَا |
إذا همَّ أنْ يجري أعاقَتْهُ صخـــــرةٌ |
من الذكرياتِ السُــــودِ فارتدَّ لِلْوَرَا |
أتيتَ .. وفجــرُ التضحياتِ مُدَجَّنٌ .. |
هزيلٌ .. بأوراقِ الخــــيانةِ حُوصِرَا |
وحينَ تَشَرَّبْتَ الحقيقةَ مُــــــرَّةً |
جريتَ بعنقودِ الحقيقةِ سُكَّـــــرَا |
وآمنــــــــتَ أنَّ البندقيَّةَ سُلَّمٌ |
إلى الغيبِ تختطُّ المصـــــيرَ المُقَدَّرَا |
فما هِيَ إلاَّ وثبةٌ عبقــــــــريّةٌ |
وأومأتَ للطوفانِ أنْ يَتَفَجَّــــــرَا |
هناكَ سُراةُ الليلِ شَدُّوا ركــــابَهُمْ |
بقافلةِ الأحرارِ واستأنفوا السُــــرَى |
وأهــــداكَ ( صِنِّينُ ) المعظّمُ رُكْبةً |
إلهيَّةَ المســــــرى ، وزنداً مُظَفَّرَا |
وسِرْتَ .. فما ألقى ( البراقُ ) رحــالَهُ |
ولا كــــانَ عن إرْثِ النبوّاتِ مُدْبِرَا |
صعدتَ جبالَ الصَمْتِ .. والصَمْتُ شاهقٌ |
لِتَبْني عليها بالقنابلِ منـــــــبرَا |
إذا أشْعَلَتْ صـــــوتَ المُؤَذِّنِ بحَّةٌ |
قَبَسْتَ الصدى برقاً من الـهــديِ نَيِّرَا |
وإنْ تَعِبَ الدربُ الطــــويلُ حملتَهُ |
على قَدَمَيْكَ الماردينِ ، مُكَـــــوَّرَا |
فصاحتْ جهاتُ الأرضِ : يا سيّدَ المدى |
تَنَبَّهْ .. فقد أضحى زمانُكَ أَعْــــورَا |
لكَ الشمــــسُ خيطٌ والحقيقةُ إبرةٌ |
فَفَصِّلْ على عينِ الخريطــــةِ محجرَا |
هيَ الأرضُ للمستضعفينَ هــــديّةٌ |
من الله.. ضاعتْ بينَ (كسرَى) و(قيصرَا) |
فلا جِهَةٌ إلاَّ أعَــــــارَتْكَ رِجْلَها |
لِتَنْقَضَّ من كلِّ الجهــــاتِ غضنفَرَا |
عباءتُكَ امتدَّتْ سهـــــولاً شريدةً |
وجُبَّتُكَ التفَّتْ ترابــــــاً مُهَجّرَا |
وأنتَ مع الطـــوفانِ .. تُرخي عنانَهُ |
فَيجري ، وتلوي بالعنانِ فَيُقْصِــــرَا |
وتَبْلُو السرايا : موجةً بعدَ موجــــةٍ |
تُقَـــــــوِّمُ من تيّارِها ما تعثَّرَا |
مَشَتْ خلفَكَ الوديانُ ممشــوقةَ الخُطى |
صعوداً على متنِ ( الجنوبِ ) إلى الـذُرَى |
وكانَ صدى كعبيكَ في كلِّ خطـــوةٍ |
يُطَيِّر ( للأقصَى ) حمامـــــاً مُبَشِّرَا |
فَفَاضَتْ من الأجداثِ كلُّ حضـــارةٍ |
مُعَتَّقَةً في قلبِ ( لبنانَ ) أَعْصُـــــرَا |
بَدَا حائراً ( باخوسُ ) من طعمِ خمــرةٍ |
بِها سَكِرَ الرمــــلُ المُعَنّى ، وأَسْكَرَا |
رآكَ وراءَ الغيبِ تجلُـــــو كرومَهَا |
شهيداً شهيداً : ( هادياً ) بعـدَ ( أشمرَا ) |
عناقيدُكَ الثُـــــوَّارُ ما زالَ وَحْيُهُمْ |
بِخَابِيَةِ التاريــــــخِ يشتاقُ سُمَّرَا |
عناقيدُ في دَنِّ المنايَا عَصَــــــرْتَها |
وَرَوَّيْتَ شريـــــانَ الترابِ التَحَرُّرَا |
هُنا بَرِئَتْ ( عشــتارُ ) من كلِّ عاشقٍ |
سِواكَ ، وأهدَتْكَ الجمــــالَ المُصَوَّرَا |
فَيَا سادناً دَيْرَ الفــــداءِ ، تَخَمَّرَتْ |
قرابينُهُ مجداً كريماً ، ومَفْخَــــــرَا |
أتيتُكَ لم أثملْ بكــــــأسِ كرامةٍ |
مدى العُمْرِ .. فاسكبْ لي شهيداً مُخَمَّرَا |
هُنا اللغةُ الفُصحى تجاهــــدُ في يدي |
إذَا لَمعتْ في إصبعٍ صــــارَ خنجرَا |
خذُوا أَيُّها الأحــــرارُ كلَّ أصابعي |
فقدْ صغتُ منها للخناجــــرِ متجَرَا |
ويا أَهْلَ وِدِّي .. أجِّـــروني عذابَكُمْ |
دعوا الوِدَّ يحيا لَوْ عـــذاباً مُؤجَّرَا !! |
أريدُ لِقلبي أنْ يُؤدّي جهــــــادَهُ |
إذا شَدَّ قوساً من هـــواكمْ ، وأَوْتَرَا |
مَتَى الحبُّ يهديني .. لَعَلَّ قصيــــدةً |
أُصوّبُها تفتضُّ للحقدِ منحــــــرَا |
أُرابطُ لو تُجـــــدي مرابطتي على |
( ثغورِ ) القوافي .. أملأُ الشعرَ عسكـرَا |
وأَقْذِفُ بالإيمانِ كلَّ خرافــــــةٍ |
تشقُّ لها في جبهةِ الفكـــــرِ مَعْبَرَا |
تُوَجِّهُني ناري .. وناري ضــــريرةٌ |
فما أرهنُ الأشياءَ إلاَّ لِأَخْسَـــــرَا |
وقد عَلَّقَتْني في عُرَى الليلِ يقظــــةٌ |
تكادُ بِثِقْلِ الصَحْوِ أنْ تفصمَ العُـــرَى |
ذَرَعْتُ المدَى ( خمسينَ ) عاماً ولم أجـدْ |
صباحاً على أُفْقِ العـــــروبةِ نَوَّرَا |
قِطارٌ من الضِحْكاتِ يجتاحُ قـــامتي |
حزيناً إذا الدُورِيُّ بالصُبْحِ بَشَّــــرَا |
لِماذَا ( أذَانُ ) الفجرِ يعلو .. أَمَا استحَى |
المـــــؤذِّنُ أنْ يُعْلي أَذَاناً مُزَوَّرَا؟!! |
يُغَلِّفُ أيامي ظـــــــلامُ عُروبتي |
إذَا ما ظـــــلامُ الليلِ عنِّي تَقَشَّرَا |
أنا لَمْ أُصَلِّ الفجـــــرَ حتّى رَأَيْتُهُ |
على أُمّتي من وجهكَ السَمْـــحِ أَسْفَرَا |
أَشِعَّتُهُ كانتْ ســـــــراياَ بَنَادِقٍ |
تُرَتِّلُ في الأُفْقِ الرصـــــاصَ المُنَوَّرَا |
إذا ( كَبَّرَ ) البارودُ في ثَغْــــرِ طَلْقَةٍ |
أعادَ ( بلالاً ) في الأعـــالي ( مُكَبِّرَا ) |
فَيَا قَادِماً يحدُو ركـــــابَ غمامةٍ |
تفيضُ عصافيراً وقمحـــــاً وكوثَرَا |
رَأَتْكَ بساتينُ ( الجنوبِ ) فأَيْقَظَـــتْ |
هديلَ السواقي شاحبَ الصـوتِ ، أصفَرَا |
بكى كلُّ بستانٍ تحرَّاكَ ســـــاهراً |
يُقَلِّمُ من أغصانهِ شهـــــوةَ الكَرَى |
وهَبَّتْ سِلاَلُ الفجــــرِ بعدَ صيامِها |
على القحطِ تشتاقُ القطـــافَ لِتُفْطُرَا |
وأنفاسُكَ الخضـــراءُ تنسابُ في الرُبَى |
ملائكــــــةً تذرو النسيمَ المُعَطَّرَا |
وعيناكَ مجــــدافانِ في الأُفْقِ ، كُلّما |
هَمَزْتَهُمَا شَقَّا عن الغَـــــيْمِ مِئْزَرَا |
وسالَتْ على الأبعادِ شهــــوةُ غيمةٍ |
تَزَوَّجَها الوادي زواجاً مُبَكِّـــــرَا |
فَفَرَّ الجفافُ الوحــــشُ حين رَجَمْتَهُ |
بِرائحةِ الليمونِ ، والقحــــطُ أدبرَا |
كَسَوْتَ شفاهَ الأرضِ فستانَ ضحكــةٍ |
تهادَى على أطــــــرافِها وتَبَخْتَرَا |
ومِلْتَ على الألوانِ ترفــــعُ عرشَها |
من السفحِ مُمْتَدّاً إلى هـــامةِ الذُرَى |
وحـــــولَ ذِرَاعَيْ كلِّ زيتونةٍ نَمَا |
شهيدانَ من قَبْرَيْهِمَا ، وتَشَجَّــــرَا |
فيا أَيُّها الزيتونُ : هلْ أنتَ غاضـــبٌ |
غداةَ الضحـــايا أصبحُوا منكَ أكثَرَا؟ |
هذه كنية الإمام علي |
|