اصدقائي هنا ..رغم قصر الزيارة ..فقد كانت عميقة جدا ..ربما يكون آخر نص أنزله هنا و في كل المنتديات ..أحس بمرارة الهزيمة ... .لذلك أغادركم ..
حزينون تماما ....
حزينون تماما ....
و ليس لنا في هذه الدائرة
سوى
رغوة الخمر على شفاهنا
غسيل فوضانا
بقايا التبغ على أظافرنا الممرغة بالحبر و الفجائع
و هذا الطفل الذي يخترع الأخضر في الحرائق
يغادر طفولته على نعش الكبرياء
حزينون تماما ....
حزينون تماما ....
باهتة علبة التلوين
في ذاكرة الطفل المسجى
حين يسيل منها دمه ...
و لون الشمس في دفتر الرسم
حزينون
و الجسد مكيدة الروح
بغداد
"سؤال الروح المطروح على الروح"
هكذا يختتم الوقت إذا! ....
بغداد التي أرضعت من قبل ذئاب الأساطير
و أينع الزعتر البري على أحراش أهوازها
هي
نفسها بغداد التي تعلم الآن جلجامش إمساك المسدس في
ساحة الدم
بغداد هذا الكوكب الذي انحرف عن مدار الهزيمة
يحصي أطفاله قبل النوم
و حين يتشعث ماء الفرات
ويخرج سمك دجلة إلى الطرقات
و تلقي العصافير بيانها من فوق سطح الإذاعة
:كفى هلاكا
: مزيدا من الثلج على اللحم الذي يلتصق بالحديد
:دعوا الطفل يفتش عن إناء الحليب تحت الركام
:دعوا زهرة القلب تنامُ
حزينون تماما ....
يزوغ نجمنا و يرفو ثغرة
في القلب الذي يتأرجح
و بغداد لا تتعرى تماما للغزاة
هنالك خلف الحقول ذراع نحيلة تحصد القمح و تحصد الطائرات
.....أنا لا أرثي العراق
إنما أرثي الطعنة
التي تفشي رائحة الشقيق
أنا لا أرثي العراق
إنما أرثي من فتح بوابة البحر
كي يمر لنخل العراق الحريق ...
تعب القتل
و لم يتعب القاتلون
فهل تقصفون و هل تقصفون ......
ضواحي الكلام الذي سوف نقول
و هل تقصفون ضواحي الكلام الذي
لا نقول ...........
و من نبض النخيل فينا
نعيد إلى بيتنا الكهرباء
فهل تقصفون المساء الذي يتنزه على لوحة في الجدار
و تقصفون قهوتنا في الصباح
و تقصفون سلسلة أفكارنا
دعونا إذن ...
نكتب قصائدنا في هدوء
حزينون تماما ...
حزينون تماما ...
من أي جهة سيأتي مساء بدون نواح
و كيف سنعرف في هذا الخراب
بأن الذي على الطاولة دمنا
أم قهوة للصباح
سيدتي بغداد
آخر ما تبقى من ملح الروح
على الجسد الملطخ بالوحل
و قبعات الجنود ....
سيدتي هل تسمعين صهيل الطائرات ؟
هل توقف القلب عن النبض؟
أم انحنى النبض
كي يمر ماء الفرات ...
حزينون تماما ...
تماما ...حزينون
أفريل 2003