قريتى
شعور داخلى دفعنى أن أتفحص ملامحى بالمرآة لعلى أجدنى أفضل من ألأمس
حيث كان يوم أجازتى الأسبوعية وانا بداخل شقتى الصغيرة والتى حصلت عليها بعد جهد شاق حيث تركت قريتى منذ زمن.
حدقت فى عينى فوجدت الحزن يكسوهما وسقطت عيناى على تأثير الزمن الذى بدأ يتسرب إلى ملامحى فحاولت أن أبتسم لعل ذلك يعيد لى ذاك البريق السابق؟
ولم أجد ما يدفعنى الى الإبتسام من القلب.. قهقهت.. لكن نفس النتيجة.. جلست على سريرى فلم أسترح .. فاضجعت وأخذت أسترجع ذكريات الطفولة مع أبناء قريتى حيث كنا نختبىء من بعضنا خلف جدار .نتسلق النخيل فى رشاقة فنحضر التمر ونتقاسمه ولم يقلقنا رزق,كان طعام أمى العجوز ألذ من تشكيلة ألأطعمة التى تقدمها لى زوجتى فى المدينة وكأنها عروض أزياء,كانت كلمة أبى هى دستورنا,وكل كبير وجار موضع توقيرنا.
كنا نسمع عن المدينة,سحرها,جمالها,أضواؤ ا,فتنتها وكنت أرى أفضل الثمار فى قريتى,يأتى التاجر ليأخذها الى المدينة.
كان أبى يحدثنى عن جدى وكيف كانت راحتا يديه جافتين كساق النخيل وكيف كان يضرب بيمناه عدة أعواد من الخشب فيكسرهم.
كان أبى يتهمنى وإخوتى بأننا جئنا فى أيام الدلع,حيث كان ماضيهم مليئا" بالصبر والرضا والشجاعة.
بمرور الوقت قررت أن أسير الى المدينة وودعت ألأهل والجيران وألأصدقاء وهم ما بين الشفقة على والحسد لى.
واستقبلتنى المدينة وصدمنى زحامها ورأيت كل قصص الحياة بالشارع وصرت مندهشا حتى صار الإندهاش كابوسا
رأيت المدينة لا تعرف النوم العميق..لا تعرف الضيافة كل شيئ يباع ما دمت تملك الثمن.
تأقلمت على الحياة فى المدينة وعشت فى شقة كانت الصالة التى فى بيت أبى فى القرية أكبر منها,تسلل الحزن الى قلبى فنمت.. رأيت جدى ينظر إلى ويدعونى للعودة الى قريتى منزعجا صحوت أفكر..شعرت بانقباضة فى صدرى.
قررت أن أعود.. وصلت..لم أجدها .... صارت مدينة.
خالد ابراهيم محمد