توجّعاتُ الفارسِ القديمِ
[ أَيُّهَا الأَشْقِيَاءْ
سَتَحْفِرُونَ
وَ سَتجِدُونَ الصَّخْرَة]
1- قَسَمٌ
لَنْ يَسْتَرِيحَ الجُرْحُ فِي سَقَمِي..
لَنْ تَسْتَرِيحَ الذَّكْرَيَاتُ الذَّاهِبَاتُ سُدًى
مِنْ غَيْرِ مَا مُدُنٍ
تَنْأَى
فَتَنْبُعُ مِنْ خُطَى قَدَمِي..
لَنْ يَسْتَرِيحَ دَمِي..
لَنْ تَسْتَرِيحَ الأَضْلُعُ الحَمْقَاءُ
فِي جَسَدٍ
أَنَّتْ لَهُ الأَوْطَانُ
وَ الأَحْزَانُ
وَ الأَجْرَاسُ تُقْرَعُ فِي لَظَى الجُرْحِ المُرَابِطِ
فِي صَدَى أَلَمِي..
لَنْ يَسْتَرِيحَ فَمِي..
مِمَّا تَقُولُ الرِّيحُ للصَّخْرِ الحَزِينِ
وَ مَا تَقُولُ الأُمَّهَاتُ
لِغِبْطَةِ النَّدَمِ..
لَنْ تَسْتَرِيحَ قَصَائِدِي العَصْمَاءُ
مِنْ قَلَمِي..
مِنْ حِبْرِ أَسْئِلَتِي
وَ مِنْ مَنْفَايَ
مِنْ وَقْتِي المُعَلَّقِ فِي صُرَاخِ الذِّكْرَيَاتِ
وَ فِي خُطُوطِ دَمِي..
2- نُبُوءَة
لاَ تَقُلْ لِي
صَدًى لِجَرِيدَهْ
لاَ تَقُلْ لِي
دَمٌ يَتَلَهَّى بِأَحْلاَمِنَا
وَ دُمىً تَشْتَرِينَا
وَ قُبَّرَةٌ تَتَبَاهَى بِأَحْفَادِنَا
فِي سِيَاقَاتِ بَحْرِ الشَّمَالْ..
لاَ تَقُلْ لِي
حُرُوفِي
التِي أَوْرَقَتْ غَابَةُ الحُزْنِ فِي رَمْلِهَا
وَ جُيُوشِي
التِي غَادَرَتْ حُرْقَتِي
بِاتِّجَاهِ القَصِيدَهْ
لاَ تَقُلْ لِي
صَدَى الجُرْحِ فِي أَعْيُنِ الأُمَّهَاتِ
وَ ذَاكِرَةُ الطِّفْلِ
فِي حَمْحَمَاتِ الخُيُولِ الشَّرِيدَهْ..
3- تَذَكُّرٌ
هَا أَنْتَ تَذْكُرُ هَذِي الأَسْمَاءَ
تَذْكُرُ مَا تَذَكَّرَهُ المُسَافِرُ فِي المَنََافِي..
هَا أَنْتَ تَذْكُرُ هَذِهِ الأَحْجَارَ
وَ الأَنْهَارَ تَذْكُرُهَا..
وَ تَذْكُرُ مَا تَبُوحُ بِهِ القَصَائِدُ
وَ الشَّدَائِدُ
وَ الكُرُومْ..
هَا أَنْتَ تَسْأَلُ عَنْ حَصِيدٍ
دَافِئِ الكَلِمَاتِ
لاَ تَنْدَاحُ مِنْ دَمِهِ الٌقَوَافِي..
هَا أَنْتَ تَذْكُرُ مَا تُخَبِّؤُهُ المَسَافَاتُ الحَزِينَةُ
فِي النُّجُومْ..
4- رُؤْيَا
فِي الطِّينَةِ الدّفِينَهْ
تُرَابِطُ الجُيُوشُ
مُنْذُ أَنْ رَأَيْتْ..
...
...
هَا أَنْتَ قَدْ أَتَيْتْ..
وَ هَا هِيَ الجُيُوشُ تَثْقُبُ الرِّيَاحَ
تَرْتَمِي عَلَى أَبْوَابِ هَذِهِ المدِينَهْ..
5- مُنَادَاةٌ
يَا أَنْتَ..
مَا أَدْنَاكَ
يَا أَقْصَايَ
مَا أَقْصَاكَ
يَا أَدْنَى.. الخُطَى
تَمْشِي..
وَ تَنْتَحِبُ..
يَا أَنْتَ..
يَا بَوَّابَةً
لِسَمَاءِ مَنْ كَانَتْ تَحِنُ لَهُ..
الأَلْوَاحُ
وَ الكُتُبُ..
يَا صَمْتَ حُزْنِي
يَا بُزُوغَ الوَقْتِ فِي رَحْلِ الفَقِيرِ..
وَ يَا.. أَحْزَانَ مَنْ نُكِبُوا..
يَا غَرْبَ مَنْ صُلِبُوا..
يَا أَنْتَ
يَا سِرَّ الطَّرِيقَةِ
يَا.. أَوْهَامَ مَنْ نَصَبُوا..
يَا شَرْقَ مَنْ غُلِبُوا..
يَا ظَهْرَ مَنْ مَرُّوا عَلَى جُثَثٍ..
يَا عَصْرَ مَنْ سُلِبُوا..
يَا لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ
فِي صَدْر الصَّبِيِّ إذَا مَرَّتْ عَلَى أجْسَادِهِ
الأَوْطَانُ
وَ الحِقَبُ...
6- وَعْدٌ
لِصَلاَحِ الدِّينِ مَنَاقِبُ عِدَّهْ..
آخِرُهَا..
صَدًّقَ مَا فِي القَلْبِ
وَ حَقَّقَ وَعْدَهْ..
7- مَصِير
لاَ أَحْتِمِي بِالحُرُوفِ الحَامِلاَتِ دَمًا
لاَ أَحْتَمِي بِالمَرَايَا
وَ التَّعَابِيرِ..
لاَ بُدَّ.. تَبْزُغُ مِنْ قَلْبِي
مُكَابَدَةٌٌ..
لاَ بُدَّ.. تَصْقَلُنِي طِينُ الأَعَاصِيرِ
وَ أَرْتَمِي فِي أُتُونِ الحَرْبِ
يَحْصُدُنِي جُرْحِي..
وَ يَعْجِنُنِي جُرْحُ الجَمَاهِيرِ...
8- معركة
الوَلَدُ الشَّقِيُّ لِلْفِرَاشِ
وَ النِّسَاءُ
لِلْمُعَانَقَهْ..
يُجَهِّزُ الجَالِسُ جَيْشَهُ العَنِيدَ
لِلصِّدَامِ
مِثْلَمَا
يُجَهِّزُ الفَارِسُ أَجْوَدَ الخُيُولِ
لِلْمُسَابَقَهْ..
9- قراءة
وَطَنٌ عَلَيْهْ..
وَ لِوَحْدِهِ..
وَ الوَقْتُ فِي مَنْفَاهُ
قُبَّرةٌ...
وَ بَابٌ تَنْتَهِي عَتَبَاتُ دَهْشَتِهِ إِلَيْهْ...
النَّهْرُ فِي دَمِهِ نَضَبْ..
وَ البَحْرُ مِنْ أَحْزَانِ مَرْفَئِهِ اقْتَرَبْ..
وَ البَابُ لَمْ يَفْتَحْ لِغَيْرِ الوَافِدِينَ إِلَى مَرَافِئِهِ..
تَنَاءَى جُرْحُهُ..
و المِزْهَرِيَّاتُ الحَزِينَةُ لَمْ تَعِشْ عَامًا
لِتَرَحلَ فِي غُيُومٍ تَسْكُنُ المَنْفَى
وَ ذَاكِرَةَ القِبَابْ...
الرِّيحُ فِي أضْغَاثِ ثَوْرَتِهِ كِتَابْ:
اقْرَأْ..
(فَأَنْتَ الآنَ حُرُّ)(*)...
اقْرَأْ..
فَهَذَا الحَرْفُ فِي مَنْفَاكَ
مُـرُّ...
10- أَيْقُونَة
....
وَ الوَطَنُ المَسْلُوبُ ؟ ؟
قَالَ:
عِنْدَمَا أُجَاوِزُ المَعْبَرَ دُونَ أَنْ أَخْتَرِقَ الجِدَارْ..
أَكُونُ قَدْ تَرَكْتُ مَا يُجُولُ دَاخِلَ العُلْبَةِ
مِنْ عُفُونَهْ..
أَكُونُ قَدْ فَتَحْتُ هَذِهِ الطَّرِيقَ
وَ رَفَعْتُ عَنْ بَقَايَا شَعْبِيَ الحِصَارْ..
وَ القُدْسُ ؟ ؟
قَالَ:
أكْتَفِي بِهَذِهِ الأَيْقُونَهْ..
...
----------------
(*) من قصيدة مشهورة لمحمود درويش