السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأفاضل
أشكركم جميعًا على حسن حواركم وسعة صدوركم ، وتقبلكم لمجمل الآراء التي تم طرحها وأستأذنكم في طرح آخر ما أريد قوله حول هذا الموضوع .
كلنا فهمنا سؤال الأخ أنس وما هو القصد من وراءه ، وأعتقد جازمًا أنْ الأخ أنس قد وجد إجابة شافية على تساؤله .
وكنت قد عرضت وبفضل الله وحمده ما قررته آيات الله وبينته السنة الشريفة حول هذا الأمر والذي يتلخص فيما يلي : الله خالق هذا الكون وكل ما فيه ويعلم سبحانه بما هو كائن وبما سيكون ، وما علمناه نحن فهو بفضل الله وما خفيّ علينا فهو من رحمة الله علينا ، وكون أنْ أعمال الإنسان كتبت مسبقًا وهي في علم الله تعالى معلومة سلفًا فهذا لا يتنافي و إرسال الرسل للبشر لكي يبينوا لهم شرع الله تعالى ، ، قال تعالى "رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًاِ " سورة النساء آية 165 وهذا يعني .ِ ... لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا ما أرسلت إلينا رسولاً، وما أنزلت علينا كتاباً وفي التنزيل قال تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [ الإسراء :15] وقوله تعالى : ولو أنّا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك [طه:134] فهل كان الله سبحانه وتعالى سيحاسبنا بعلمه المسبق بما سنفعل ؟ قطعًا لا ؛ إن من رحمة الله بنا أنه سبحانه يحاسبنا بما نفعل باختيارنا مع علمه المسبق بما سنفعل ، فلماذا نتكل على علمه المسبق بأفعالنا ونحكم على أنفسنا بما لا نطيق ، إنْ هذا الأمر قد يؤدي بنا إلى سوء الظن بأفعالنا – وبالله - وبأن نحكم على أنفسنا بما لا نعلم ، وقد نتقاعس على أداء واجباتنا تجاه الله ونتخذها حجة لنا في دحض مشروعية إرسال الرسل ، وهو الرحيم بنا ويحاسبنا بعملنا وليس بعلمه المسبق ، وهل علمه بما سنفعل يكون عذر لنا في ما نفعل ؟
قال تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " الذاريات آية 56 والعبادة هنا تعني التوحيد والتوحيد يدور على ثلاثة أنواع :
الأول: توحيد الربوبية.
والثاني: توحيد الألوهية.
والثالث: توحيد الأسماء والصفات.
ويكون الجزاء من جنس العمل لمن خالف ، والله تعالى أعلم
بالنسبة لأخي الفاضل أبو بكر سليمان الزوي فأقول :أشكرك أيها العزيز فقد كنت فعلاً إنسان ملتزم بآداب الحوار ورائع في تقبلك وسعة صدرك لما تم طرحه هاهنا من أفكار ، وإيمانك الصادق وتطبيقك العادل لمقولة "إنْ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية " ، فلقد رأيت وسمعت بحوارات كثيرة كانت نتيجتها غير محمودة ، وأدت بالنتيجة إلى التفرقة وإشعال نار الحقد والكراهية بين المتحاورين ، وهذا ما لم يحصل معنا بفضل الله سبحانه وتعالى .
بالنسبة لأخي خليل حلاوجي فأقول بخصوص الشروط التي يجب توفرها في مفسر القرآن :
أخي الفاضل : تعلم يقينًا أنه لا يمكن لأي أحد كان أنْ يتصدى لتفسير القرآن إلا بعد أن يكون قد درس وفهم تلك الأمور التي قررها العلماء ، فهناك أمور تتعلق باللغة والحديث وأسباب التنزيل والناسخ والمنسوخ والإسرائيليات ..ألخ وهذه الشروط لا تدرس دفعة واحدة وكما تعلم بل تحتاج إلى سنوات وسنوات ولا يعني أنْ العلم يتطور والمعارف الإنسانية تتطور أنْ نلغي هذه الشروط ، لأن من لا يمتلكها سوف يعمل برأيه وبعلمه الذي قد يكون استقاه من مصادر بعيدة كل البعد عن مصادر الشريعة ، نعم العلم يتطور والمعارف الإنسانية تتطور ، وقد يصل عالم ما إلى تفسير آية تكون في معناها تتطابق وظاهرة علمية ما قد خفيت على من سبق وتصدى لمثل هذا الأمر ، ونعم هناك أمور قد تتطور وينتج عنها فهم آخر لما كان معلومًا عند السلف ، لكن هناك أمور ومهما طال عليها الزمن فلا يمكن أنْ تتغير أو أنْ تتبدل ومنها - وكما تعلم - تلك المتعلقة بأركان العقيدة الإسلامية وبأساسيات الإيمان ومن أهمها القضاء والقدر ، وإلى أنْ يرث الله الأرض ومن عليها .
كما أشكر الأخ الفاضل سيف الدين على مداخلته القيّمة - وأخص بها الأخيرة - وما تفضل به مما أريد قوله ، فشكرًا له ولأخي أنس وللجميع .
أشكركم جميعًا وبارك الله فيكم وكل عام وأنتم وواحتنا الطيبة بألف خير .
تقديري واحترامي للجميع