المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معروف محمد آل جلول
إخواني
نناقش ههنا / المبدئيون..و التراث..
المعرفة بنت المعتقد..ذلك أن المعتقد هو المصدر الأصلي الذي يشكل فكر الانسان..و المعارف كلها تنبثق عن هذا المعتقد...المعتقد منبع و المعرفة رافد..وشتان بين الأصل و الفرع..
فمن كانت قناعته تامة بأن عقيدته صحيحةو ترسخت الفكرة دوغمائيا في شعوره الباطن..فلن يخضع المعرفة إلا لها..خوفا من الوقوع في الزلل و الانحراف..
ومن كان منطلقه الفكري..مبدأ فصل الدين عن الدولة..ميز بين المعتقد والمعرفة..وجعل لهما مصدران متباينان..ويسهل علينا استقراء مبدئه المنطلق من فكرة فصل الدين عن الدولة..وكأنه يقول: عطل عقيدتك حين تتعاطي المعرفة..
كل معرفة إلا و لها منطلق عقدي..عندنا في الاسلام :إن وافقت عقيدتنا قبلناها..و إن عارضتها رفضناها..بل و حكمنا عليها بالخطأ..ومن الادلة أن التكنولوجيا التي تخدم البشرية كهذه الآلة ؛ رحبنا بها واستفدنا منها..الأفلام الاباحية أيضا معرفة صنعتها التكنولوجيا..لكنها تعارض شريعتنا و بالتالي عقيدتنا..رفضناها..
أما التراث ـ باختصار ـ المسلم به و الذي يصلح لكل زمان ومكان فهما المصدران : الكتاب و السنة..الباقي كلام بشر فيه من جال في فضاء المصدرين الكريمين ..خلد بخلودهما..وفيه ما عالج وضعية مستهدفة في بيئة ما..في زمن ما..
الأدب مثلا ..منه من يموت بموت صاحبه ..وفيه من يموت في حياة صاحبه..// رويات تمجد الاشتراكية أين تعيش الآن؟ أي قلب يحضنها في هذا الزمان..الفتاوى التي عالجت ظاهرة ما في زمان ما ..تموت بموت الظاهرة وتحيا بالأسلوب الجديد بانبعاث الظاهرة في المجتمع..
فمن التراث ما هو مطلق في الزمان.. ومنه ما هو مقيد بشروط..ومنه الظرفي..لذا قيل: نأخذ الصالح و نترك الطالح..نأخذ ما يخدم عقيدتنا و ينفعنا في حياتنا..و نترك ما تجاوزته الأحداث..../ وأما الزبد فيذهب جفاء//..
الأستاذ معروف ..
أشكرك على آرائك هنا ..
وأدلي برأيي أيضا..
فيما يتعلق بالسؤال : هل المعرفة سابقة للمعتقد أم تالية له ؟
أقول:
إن ما يُكوّن المعتقد أصلا هو المعرفة ، بدليل أن الإنسان يبني قناعاته ، انطلاقا مما اكتسبه من معارف ، سواء أكانت :دينية أو نفسية أو اجتماعية ، تاريخية وغير ذلك ، وعليه تصبح هذه المعارف معتقدا ـ بعد ترسخها في الذات ـ يحكم به الإنسان على ما يمرّ به من أفكار ومواقف..
ونطرح هنا مثالا لتبيين ما نرمي إليه ، الدين مثلا ، مكتسب بالعادة لا بالفطرة ، وإن كانت هناك إشارة إلى النص الديني (يولد الولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو يُنصرانه)ولا أظن أن هذه الفطرة هي التي تجعل الولد يعرف الدين بكل أصوله ، وإنما هي ذلك الشعور الذي يشترك فيه البشر ، والمتمثل في حب الفضيلة وكره الرذيلة،وحتى تسمية الدين هي من الديدن ، والديدن العادة، وعليه يقوم الإنسان باكتساب الدين عبر مراحله المختلفة ، ويكوّن وفق ذلك عقيدة دينية..
فالإنسان الذي كان مسحيا مثلا ثم دخل الإسلام ، كوّن عقيدة نصرانية ، وفق ما اكتسبه من أفكار في بيئته التي نشأ فيها ، ومن ثقافاته التي تحصّل عليها،والتغيير الذي حدث له في المجال العقدي إنما كان سببه اكتساب معارف جديدة ، جعلته يكوّن عقيدة جديدة أيضا ، ومن ثمّة الرجوع عن العقيدة السابقة..
وعليه أنا أرى أن المعرفة تسبق المعتقد ، لأننا نبني معتقداتنا بما نكتسبه من معارف ، نغيّرها أيضا بالمعارف التي نكتسبها ، وهكذا تكون العقيدة أو المعتقد مرحلة تالية للمعرفة لا سابقة لها ..