|
أقيموا بني أمي ، صــــدورَ مَطِيكم |
فإني ، إلى قومٍ سِـواكم لأميلُ ! |
فقد حـمت الحـاجـاتُ ، والليلُ مقمرٌ |
وشُــدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛ |
وفي الأرض مَنْأىً ، للكــريم ، عن الأذى |
وفيها ، لمن خــاف القِلى ، مُتعزَّلُ |
لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضـيقٌ على أمرئٍ |
سَـــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ |
ولي ، دونكم ، أهــلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ |
وأرقطُ زُهـلـول وَعَـرفــاءُ جــيألُ |
هم الأهلُ . لا مستودعُ السـرِّ ذائعٌ |
لديهم ، ولا الجـاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ |
وكلٌّ أبيٌّ ، باسـلٌ . غير أنني |
إذا عرضت أولى الطرائدِ أبســــلُ |
وإن مـدتْ الأيـدي إلى الزاد لم أكن |
بأعجلهم ، إذ أجْشَـعُ القومِ أعجل |
وماذاك إلا بَسْطـَةٌ عن تفضـلٍ |
عَلَيهِم ، وكان الأفضـلَ المتفضِّلُ |
وإني كفاني فَقْدُ من ليس جــازياً |
بِحُسنى ، ولا في قـربه مُتَعَلَّلُ |
ثلاثةُ أصـحـابٍ : فؤادٌ مشـيعٌ ، |
وأبيضُ إصـليتٌ ، وصـفراءُ عيطلُ |
هَـتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُونِ ، يــزيــنـها |
رصائعُ قد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ |
إذا زلّ عنها السـهمُ ، حَنَّتْ كأنها |
مُـرَزَّأةٌ ، ثــــكــــلى ، تــــــرِنُ وتُعْــــــوِلُ |
ولـتُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ |
مُــــجَـــــــــدَعَةً سُــــــــــــقبانها ، وهي بُهَّلُ |
ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسـِـــهِ |
يُطـــــــــــــالعها في شــــــــــــأنه كيف يفعـلُ |
ولا خَـــرِقٍ هَيْــقٍ ، كأن فُــؤَادهُ |
يَظَـــــــــلُّ به المكَّـــــــــاءُ يعلو ويَسْــــــــــفُلُ ، |
ولا خـالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ، |
يــــروحُ ويـــغــــــدو ، داهـــــــــــــــناً ، يتكحلُ |
ولستُ بِعَلٍّ شَــرُّهُ دُونَ خَيرهِ |
ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهـتاجَ ، أعزلُ |
ولستُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت |
هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ |
إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسـمي |
تطـاير منه قـادحٌ ومُفَلَّلُ |
أُدِيمُ مِطالَ الجـوعِ حتى أُمِيتهُ ، |
وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحاً ، فأذهَلُ |
وأـتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ |
عَليَّ ، من الطَّـوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ |
ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشربٌ |
يُعـاش به ، إلا لديِّ ، ومأكلُ |
ولكنَّ نفســاً مُرةً لا تقيمُ بي |
على الضـيم ، إلا ريثما أتحولُ |
وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ |
خُـــيـُوطَــةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ |
وأغدو على القوتِ الزهـيدِ كما غدا |
أزلُّ تـهـاداه التَّــنــائِـفُ ، أطـحلُ |
غدا طَاوياً ، يعـارضُ الرِّيـحَ ، هافياً |
يخُـوتُ بأذناب الشِّعَاب ، ويعْسِلُ |
فلمَّا لواهُ القُـوتُ من حيث أمَّهُ |
دعــــــــــا ؛ فأجابته نظـائرُ نُحَّلُ |
مُهَلْهَلَةٌ ، شِيبُ الوجوهِ ، كأنها |
قِداحٌ بكفيَّ ياسِــرٍ ، تتَقَلْقَلُ |
أو الخَشْـرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ |
مَحَابيضُ أرداهُنَّ سَـامٍ مُعَسِّلُ ؛ |
مُهَرَّتَةٌ ، فُوهٌ ، كأن شُدُوقها |
شُقُوقُ العِصِيِّ ، كالحاتٌ وَبُسَّـلُ |
فَـــضَـجَّ ، وضَجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّها |
وإياهُ ، نوْحٌ فـوقَ عــلياء ، ثُكَّلُ ؛ |
وأغضى وأغضتْ ، واتسـى واتَّســتْ بهِ |
مَـرَامــــيلُ عَــــزَّاها ، وعَــــزَّتهُ مُــــرْمِـلُ |
شَكا وشكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت |
ولَلصَّـــــــبرُ ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ! |
وَفَـــاءَ وفـاءتْ بادِراتٍ ، وكُـلُّها ، |
على نَكَـــــظٍ مِمَّا يُكـــــــاتِمُ ، مُـــجْــــمِـــــــلُ |
وتشربُ أسآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما |
سرت قـــــــرباً ، أحـــناؤها تتصــلصلُ |
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْدَلَتْ |
وَشَـمــَّرَ مِني فَــارِطٌ مُتَمَهِّلُ |
فَوَلَّيْتُ عنها ، وهي تكبو لِعَقْرهِ |
يُباشرُهُ منها ذُقـــــونٌ وحَوْصَلُ |
كأن وغاها ، حجرتيهِ وحولهُ |
أضاميمُ من سَفْـرِ القبائلِ ،نُــزَّلُ ، |
توافـينَ مِن شَتَّى إليهِ ، فضَمَّها |
كما ضَمَّ أذواد الأصاريم مَنْهَل |
فَعَبَّتْ غشاشاً ، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها ، |
مع الصُّـبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ |
وآلف وجه الأرض عند افتراشــها |
بأهـْدَأ تُنبيه سَناسِنُ قُـحَّـلُ ؛ |
وأعدلُ مَـنـحوضـــاً كــأن فـــصُوصَهُ |
كِــعَــابٌ دحـــاها لاعــبٌ ، فهي مُثَّلُ |
فإن تبتئس بالشنـفـرى أم قسطلِ |
لما اغتبطتْ بالشـنـفرى قبلُ ، أطولُ ! |
طَـرِيدُ جِـناياتٍ تياسـرنَ لَــحْــمَــهُ ، |
عَـقِـيــرَتـُهُ في أيِّـهــا حُــمَّ أولُ ، |
تـــنـامُ إذا مــا نـــام ، يــقــظــى عُــيــُونُـها ، |
حِـثـاثــــاً إلى مكـــروهـهِ تَتَغَــلْغَـلُ |
وإلفُ هــمومٍ ما تـزال تَـعُـودهُ |
عِــــيــاداً ، كـــحــمـــى الرَّبعِ ، أوهي أثقـــــلُ |
إذا وردتْ أصدرتُــــها ، ثُمَّ إنها |
تـــثـــوبُ ، فــتــأتــي مِــن تُــحَــيْتُ ومن عَــلُ |
فــإمـــا تــريــنــي كـابنة الرَّمْلِ ، ضـاحياً |
على رقـةٍ ، أحفى ، ولا أتنعـلُ |
فأني لمولى الصـبر ، أجتابُ بَزَّه |
على مِثل قلب السَّمْع ، والحزم أنعلُ |
وأُعدمُ أحْـياناً ، وأُغـنى ، وإنما |
يـــنـــالُ الغِـــنى ذو البُــعْـــدَةِ المـــتــبَذِّلُ |
فلا جَـزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ |
ولا مَـرِحٌ تحـت الغِــنى أتخيلُ |
ولا تزدهـي الأجبـال حِلمي ، ولا أُرى |
سـؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ |
وليلةِ نحـسٍ ، يصطلي القوس ربها |
وأقـــطـــعـــهُ اللاتــي بــهــا يــتـنبـلُ |
دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصـحبتي |
سُــعارٌ ، وإرزيزٌ ، وَوَجْرٌ ، وأفكُلُ |
فأيَّمتُ نِسـواناً ، وأيتمتُ وِلْدَةً |
وعُـدْتُ كما أبْدَأتُ ، والليل أليَلُ |
وأصـبح ، عني ، بالغُميصاءِ ، جالساً |
فريقان : مسـؤولٌ ، وآخرُ يسـألُ |
فقالوا : لقد هَــرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا |
فـــقـــلنا : أذِئــبٌ عـسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ |
فـلمْ تَـكُ إلا نبأةٌ ، ثم هـــوَّمَــــتْ |
فقلنا قـطـاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْـدَلُ |
فإن يَكُ من جنٍّ ، لأبرحَ طَارقاً |
وإن يَكُ إنساً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ |
ويومٍ من الشِّعرى ، يذوبُ لُعابهُ ، |
أفاعيه ، في رمضـائهِ ، تتملْمَلُ |
نَصَبـْتُ له وجهي ، ولاكنَّ دُونَهُ |
ولا سـتر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ |
وضافٍ ، إذا هبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ |
لبائدَ عن أعطـافـهِ ما ترجَّـلُ |
بعيدٍ بمسِّ الدِّهـنِ والفَلْى عُهْدُهُ |
له عَبَسٌ ، عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ |
وخَرقٍ كظهر الترسِ ، قَفْرٍ قطعتهُ |
بِعَامِلتين ، ظهرهُ ليس يعملُ |
وألحقتُ أولاهُ بأخراه ، مُوفياً |
على قُنَّةٍ ، أُقعـي مِـراراً وأمـــــثُلُ |
تَرُودُ الأراوي الصحـمُ حولي ، كأنَّها |
عَـذارى عليهنَّ الملاءُ المُذَيَّلُ |
ويركُـدْنَ بالآصــالٍ حولي ، كأنني |
مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحي الكيحَ أعقلُ |