أحبك ِ؛ بلا قيد أو شرط .
أحبك ؛ هاأنذا أعلن بياني الأخير من دهاليز قلب ما زال ينبض بذكراك ، لا تقفلي الأبواب في وجهي فصدّك ينحت في الفؤاد أخدودا ؛ أضرمت فيه نار قطّعت شراييني و قلّلت من ضغط الهواء في سمائي فتمدّدت في جراحي وهبط نبضي إلى ما دون الأمل ، فهل يرضيك ذلك ؟ مهلًا على رسلك أيتها السمراء ، فما زال في العمر بقية لأحبكِ أكثر ، دعيني أحيا على وعد متشائل لا يعرف الهزيمة لعلّ الزمان يعيدك إلى وصلّ تقوقع في حصن فراق ذاق الأمرّين من جفاك و تحطم صبره بين مطرقة عنادك وسندان السهاد .
ليْت ما مضى يرجع وتصحو سمائي على ضجيج حرفك من جديد ، لأطير خلف الغيوم باحثًا ألتمس لكِ حبة مطر لم يلوثها كذب البشر وكلام أهل الفضول ؛ أغسل بها ما جفّ من أوردة قلبكِ وأصنع تعويذة عشق من ضوء القمر تضيء حجرات اسودّت بقول عذول و فعل حسود .
أحبكِ ؛ فأنت لي كما الدم يجري في العروق لا يستطيع العيش بغير ذلك سبيلا ، مسكنك الشغاف وحبة القلب ، أحتاجك ؛ كما الصحراء تشتاق قطرة ماء ، كشوق الروض إلى الغيث ، فلا تدّعي الصمم كأني أنادي صخرة رعاها بخيل يظنّ أنها ثمرة ، سائلك محروم ومالك عن الزكاة مكتوم ، فيظنّ الجاهل بك السوء وأنّك بلا رحمة ولا شفقة تمشي على الجفون والأكباد ، وأنتِ أبعد ما يكون عن ذلك ، فعودي كما عرفتك مذ عرفتك سمحة المنظر ، زكيّة النفس طيبة المعشر حلوة الكلام ، لا تفطري فؤادي بكبرياء مصطنع قد أسكرته خمرة الكبر ، يا نقية الروح عودي ، فقلبك أبيض كالثلج أعرفك ومثلي لا يجهلك ، اِرجعي بلا قيد أو شرط ، فقلبي لا يعرف الغدر ، وعهدي نقش صخر ؛ صحيح العقد سليم الصدر في الودّ ، أوفيت مع الصدق بكل العهود و من أجلك أصبر وجمر الأرق يكويني ، لا تتركيني فريسة الظنون أتسول الهوى ؛ فالذلّ وغدٌ لا يطيب للكريم .
عودي يا سمراء بلا قيد أو شرط لأكمل لكِ ما تبقى من حكايات ألف ليلة وليلة في شهر آذار ، أنظري إلى قلبك وحدّثي عني عقلك ، لا تهربي من قدرك و لا يغرنّك طول الأمل ووعود الصبا وحسن الجفون ، فمصيرهم إلى زوال ؛ شيك بلا رصيد ، و لا يبقى بعد رحيل العمر إلا الحبيب .
ها قد ألقيت بكل أوراقي دفعة واحدة وقد أعذر من أنذر يا قلب ، فكوني كما تريدين وتعسفي في قراراتك كما تشائين ، وعند مغيب كل شمس تذكّري فقط أنّني جالس هناك على شاطئ الأمل ، أنتظر خلف صخرة ما زالت صامدة رغم تقلبات الزمن كتبت عليها اسمك وعنوان وحيد ؛ عندما يستيقظ قلبك أنا هنا مقيم .