أحدث المشاركات
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 17 من 17

الموضوع: 3- حمارٌ وفيلسوف وحكماء

  1. #11

  2. #12
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    في نصّ يتألق روعة وجمالا ، يحكي زمن الوجع هذا بلغة سلسة تصل إلى القلوب قبل العقول ، تخاطب إنسان اليوم ليتفكّر ويتدبرّ ويقول له لو أنّه استقبل من أمره ما استدبر لما رضيّ بحاله هذه ، ولانتفض على نفسه وعلى محيطه بكل قواه أو ما تبقى منها ؛ وليقول كلمته بدون خوف أو وجل ولراجع قراراته وتحمّل مسئولياته كما ينبغي .
    نصّ ثري اللغة متوهجًا بعمق الدلالات والإيحاءات التي يطرحها بثقة وفلسفة رائعة ؛ تثبت بما لا يقبل مجلا للشك أنّ إنسان اليوم تحوّل إلى وحش كاسر ، سادي يلهو بمقدرات البشر بدون وازع من ضمير ، غير أنّّني لمحت – وهذا لا يقلّل طبعًا من قيمة النصّ - أنّ فيلسوفنا هنا ألقى خطابًا لم ينزل إلى مستوى فهم المخاطب ؛ فقد كانت لغته تحتاج إلى بيان مقصده بصورة أعم وأشمل مما بدا لذلك الفتى – إنْ أخذنا مدلول هذا المعنى على الحقيقة لا المجاز – فوضعه في زاوية حرجة مع نفسه ومحيطه فجعلهما سواء بسواء ، أي أنّ الفتى ودلالة وجوده كانت تقتضي فتح حوار يتناسب و حجمه ، لأنّ الحكمة إنْ لم تكون في موضعها تفهم بشكل خاطئ ، وعلى صاحبها أنْ يعمل جاهدًا لإثبات منطقه ، وما نلحظه هنا أنّ الفيلسوف كان يخوض حوارًا غير متكافئ مع ممثل – فتى – لمجتمع غارق في الفوضى ، وأغلبه قابع في معتقل صغير تفصل بينه وبين أقرب حضارة عاصرت التطور ولم يعشها قرنين من الزمان على أقل تقدير ؛ وهذه المسافة الضوئية قد أعطى الحمار صورة واضحة وجلية عن أسبابها وبدون أدنى شك كانت صورة مبهرة ورائعة أحييك عليها من كل قلبي وصفت بدقة متناهية عصرنا الحالي ، في اختزال مدهش .
    لكن ما قصدته هو أنّ الفيلسوف بدا لي رغم عمق فلسفته بحاجة لأنْ يكون أكثر رفقًا بالفتى – بصرف النظر عن رمزية وجوده في هذا النصّ – لأنّ هذا الأخير ملتصق بمفاهيم بدا واضحًا أنّه لا يملك حولًا ولا قوة أمامها ، بل كان يائسًا وفاقدًا للأمل في تغييرها ، في مقابل آخر رأى أنّ البحث والتجوال عن شيء كان موجودًا ثم اختفى بفعل عوامل السياسة والاقتصاد والظروف الاجتماعية ، والسؤال الذي يطرح نفسه ؛ أين كان يتوقع فيلسوفنا أنْ يجد ذلك الإنسان إنْ لم يجده حيث كان ؟
    ما يدعوني لهذا التساؤل هو أنّ بعض النّاس يهربون بحثًا عن الحكمة ، وإيجاد متنفس معقول لإعادة صياغتها وتعميمها بما ينفع النّاس حتّى يشعر بكيانه ووجوده كفرد يقدم واجبه نحو أمّته ، ولأنّني – وهنا فأنا لا أقصدك حتمًا – وجدت أناسًا كانوا ينشدون فلسفة وفكر يريدون لها أنْ تكون العلاج لكل ما نعانيه ، لكنها ثبت فيما بعد أنّها بعيدة جدًا عن العنوان الذي رفعه كشعار يبين مقصده ووجهته ، وخذْ عندك مثالًا على ذلك الفيلسوف الساقط خالص جلبي المتحصن في جبال كندا والذي كان حتى الأمس القريب يمتطي دراجة هوائية ثمّ رأى المرسيدس في ألمانيا فجنّ جنونه ؛ ثمّ أذهله بياض ثلوج كندا فنال جنسيتها ليقول فيما بعد ؛ إنّ فلسفة اللا عنف هي الحل الأمثل لحل مشكلاتنا في الشرق الأوسط بل في العالم كله من فساد وخراب يعمّ أرجاء وفضاء هذه البقعة الجغرافية المنكوبة ، ويا جماعة لمَ لا تضعوا الورود في فوهات البنادق – ويضرب أمثلة عن أوكرانيا وتركيا وإسرائيل أيضًا – في فوهات الأمريكان والصهاينة الذي يعيش في مجتمع متراحم ؛ رحماء بينهم أشداء على من حولهم ؛ بدلًا من هذا العنف الذي تمارسونه ، لمَ لا تكفون أيها الفلسطينيون والعراقيون عن سفك الدماء ، لمَ لا تتوقف موضة الانتحار التي أوجدها الفلسطينيون والتي جعلت أولمبياد بكين – في وقته – يعيش على أعصابه ، ولمَ كل هذه الوحشية في قتل عميل في غزة حيث أحرق فيما بعد ، وبالطبع هو ينسى هنا أنّ أمثال هذا العميل قُتل بسببه قيادات كبيرة وعظيمة ووطنية ما كان لإسرائيل أنْ تعرف بأماكنهم لو لا هؤلاء العملاء ، كما أنّ - يضيف هذا الساقط - الشهداء الحقيقيون هم من امثال غادني الذي يعتبره رمزًا له و وسقراط وأفلاطون والقس الفلاني والبابا العلاني وحدث ولا حرج عن فساده وفسقه الذي ملأ الآفاق ويوجد على شاكلته الكثير من أصحاب الكتب والفلسفة الفارغة .
    ومما سبق – وأرجو أنْ لا يأخذك التفكير بعيدًا لأنّني لا أٌقصد النصّ ولا كاتبه في هذا الكلام إنّما أقصد كل مفكّر لا ينزل إلى أرض المعركة ويثبت وجوده الفعلي ، بدلًا من أنْ يوجهها بالريموت كنترول فإن أصابت كان بها ، وإن أخطأت فهو في حلّ من كل تبعاتها – أقول إنّ الفلسفة والفكر الذي يتلبسها عليه أن يكون قريبًا جدًا ما استطاع إلى ذلك سبيلا من عقول وقلوب النّاس ، وكلما جهل النّاس واستشرت مفاسدهم عليه أنْ يتقرب أكثر وأكثر ، هذا هو واجب المفكّر ، أنْ ينزل بفكّره وعلمه إلى الحارات والشوارع والأزقة متسلحًا بإيمانه وعقيدته الفكرية قائدًا لا تابعًا لرغبات من حوله ، مترفقًا بهم ، متواصلًا معهم .
    أرجو أنْ لا تكون مداخلتي قد سبّبت لك أي إزعاج ، وأنا شخصيًا معجب بكل ما طرحته ههنا ، ويشرفني أنْ أتابع كل ما تكتب ، وما تعليقي إلا محاولة لخوض حوار بناء ، لأنّني بصراحة أمقت التعليقات الفارغة وكلمة شكرًا وجميل ويعطيك العافية ؛ لأنّها هي من تقتل تلك الأفكار الرائعة التي يطرحها من هم يحملون فعلًا هموم وقضايا ومشاكل هذه الأمّة ، وأنتَ منهم أخي العزيز أحمد فارس .
    تقديري واحترامي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #13
    الصورة الرمزية احمد فارس قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2008
    العمر : 47
    المشاركات : 49
    المواضيع : 5
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي خفف الوطء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحية طيبة أستاذ راضي
    أكثر ما أبهجني من كلامك قولك: (( بصراحة أمقت التعليقات الفارغة، وكلمة شكرًا، وجميل، ويعطيك العافية ؛ لأنّها هي من تقتل تلك الأفكار الرائعة .... )). لأني أنا أيضا امقت هذا وأنظر إليه كنظرتي إلى الحضيض؛ إلا إن يكون مجاملة تلقائية، لا سلوكا مرضيا يتفشى فينا، على حساب الحق والموضوعية؛ لا سيما حين يكون الممدوح امرأة أي إمرة، المهم أنها امرأة. وهذا سلوك الصغار يا أخي؛ وهو متفش في منتدياتنا إلا من رحم الله. فهل رأيتني انتظر هذا ؟؟ لا أظنك. هههههه
    أما تعليقاتك فهي وجهاتُ نظرٍ قد نتفق فيها وقد نختلف. ولا املك إلا أن احترمها.
    ألفت نظرك أن النص جزء من مجموع، وهو يتكافل مع بعضه ليشكل رؤية استراتيجية لتصورات لا أظن بك تسلم بصلاحية امتدادها لتكون نصا يقرأه كل قارئ. وارجو ان تقرأ: نص " قبل عشر من السنين " وبنات الليل؛ لمزيد من التوضيح.
    أما النزول إلى الجمهور فهذا طور من أطوار الخطاب؛ لست بصدده مباشرة؛ لأن هذا لا يجدي الآن فالتلوث جاوز القاعدة وأصاب الرأس والرأس بؤرة الآلام.
    أما بخصوص " خالص جلبي " فببساطة لا اعرف الرجل ولم اطلع على أفكاره بما يعطيني الحق لأحاكمه. ومَن أنا كي أحاكم الناس؟ لكن أذهلتني مقارناتك رغم انك كررت الاستثناء. تمنيت أن تنظر إلى النص نظرة لا علاقة لها بافرازاتٍ وخلافات لست طرفا فيها ولا يعنيني أن أكون.
    أميل هنا إلى التجريد لتصحيح الأفكار ونقدها ودحض مرتكزات التخلف والوهن من الداخل. وأرجو أن تعرف أنني أتصدى في هذه السلسلة لأعتى منافذ الشر ومصادر الظلام وبآليتها وخطاباتها، ليس في واقع المسلمين فحسب بل أهاجم روح الشر أين ما حل وعلى أية هيئة تشكل، وخصوصا في مضمار جرائم الفكر والخطاب واللغة وفلسفة القيم، وهذا أمر يطول شرحه، لكنْ أحجم عن بسط كل الأفكار لأنك تعرف أن هذا ليس مكانها؛ بدليل أن مَن تعنيهم ويكترثون بها قليلون. ولعل كلماتي ليست لآذانهم، وما الضير؟ ليبحثوا لهم عن كلمات يسمعونها.
    ليس هذا خطاب للجمهور الذي تعني، وهذا ليس ترفعا بل تخصصا بل تمييزا بل فرزا؛ والا لكانت سلسلة تاريخ الفكر كلها على نمط واحد.
    وحتى لو حملنا الأمر على مستوى الفن والأدب فانا مؤمن تماما أن من الفنون والآداب وتحولات الجمال وتعبيراتها ما ترتقي إلى مستويات بحيث لا تستسيغا إلا ذوائقَ خاصة. علينا أن نحمل الناس على الارتقاء نحوها لان الجمال تجريدي. وسترى لاحقا إن شاء الله كيف تحارب الكلمات على كل المستويات حتى مستويات الفن واللغة ونظريات المعرفة والدين والسياسة. أما مصطلحات السلام والعنف والقوة والضعف والتميع والتشدد والغلو والأبراج العاجية والانكفاء فهذه كلمات لا تعنيني الآن، وليست هي إلا افرازات وقائع معينة ونتائج تمخضات لأشياء سبقت. وأجدني مضطرا أخيرا – لأني اشعر بحاجة إلى التوسع حيث لا يسعفني المقام - أن اختصر لك الأمر فأقول إن هذا النص وسابقه ولاحقه هو تعريف مستجد لروح الشر؛ فالشر أصبح متخفيا بلبوس الخير فما عاد من السهل تسميته بهذا الاسم وتلك هي الفاجعة. فلا تتعجل وتطالبني بحلول فأنا لست من قادة ثوار العرب.
    يسعدني أن تكون قسيمي في هذه الرحلة التي اطرح شذرات منها؛ على ضعف بشريتي وقلة حيلتي. وهل أنا في هذه إلا عابر سبيل.
    نعم يسعدني أن تكون قسيمي بذكائك الوقاد ونفسك الوثابة، لكن خفف الوطء فما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد. كما يقول المعري.
    بارك الله فيك واسعد قلبك.


  4. #14
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    تحية طيبة عطرة أستاذ أحمد
    سيكون كلامي تحديدًا عن أول 15 سطر – ولن أقتبسها تجنبًا للإطالة – ففيها برأيي كان ردك ، وفيها اختصرت كل ما تريد قوله .
    أمّا بخصوص الإشادة التي أشكرك عليها فهي واقع ملموس ، وإنْ كنت لا أعني بها كل أخ أو أخت بشكل عام ؛ لأنّ النوايا لا تستطيع أنْ تحكم عليها إلا من خلال شواهد تؤكد وتثبت حقيقة مذهب سين أو صاد من النّاس .
    أمّا بالنسبة للاختلاف أو الاتفاق على وجهات النظر ؛ فهذا حقّ مشروع للجميع ، كما تفضلت وقلت " يحترم "، وهذا واجبنا جميعًا كقراء وكتّاب .
    أمّا بخصوص لفت نظري لقراءة النصوص التي أشرت إليها فقد قرأتها أكثر من مرّة ، ولعلك لاحظت ذلك على الأقل مرّة واحدة لأنّك ردّدت عليّ فيها . .
    أمّا بخصوص النزول إلى الجمهور وقولك أنّه طور من أطوار الخطاب لست بصدّده مباشرة ، فلديّ قناعة تقول : نحن هنا نتكلم عن أمور فكرية بالدرجة الأولى - وبثوب فلسفي بديع كما نراه واضحًا من كلامك - الهدف منها إصلاح منظومة من الأفكار الدخيلة - والعميلة - والتي أفسدت العقول ، و شوهت المفاهيم ، تحت شعارات الحداثة والتجديد وحاضنتها الأمّ العولمة ؛ وهذه الأمور لا مجال لتفكيك أوصالها وفرزها للاشتغال على جزء منها دون آخر ، والاشتغال على جزء دون الآخر يترك مساحة كافية وزيادة لكي يلعب ليس طرف واحد بل أطراف ؛ يحملون معاول الهدم ويمتلكون كل أدواته ، ونحن بحاجة إلى تضييق الفجوة تلك ، وعدم منح الفرصة أثناء محاولتنا للإصلاح لأولئك الذن يدّعون أنّهم من حملة لواء الإصلاح ، والإعلام له سلطة حقيقية على جمهور لا أريد أنْ أطلق حكمًا قد يبدو قاسيًا عليه ؛ كي أبدو وكأنّني لست منهم أو متعالي عليهم لا قدر الله تعالى ، ولكن أقل ما يمكن قوله أنّ هناك شريحة كبيرة منه لا تملك القدرة على تمييز الغث من السمين ، وأولئك صوتهم يصل حيث لا تستطيع أصواتنا أنْ تصل حاليًا على الأقل ، ويمتلكون من المؤهلات – لغة ، علم ، مال ، منابر إعلامية لها وزنها ..الخ – فلمَ لا يكون الخطاب عام وموجه .؟ ستقول لي اقرأ ما كتبته ، سأقول لك قرأت ما كتبته ، ستقول لي ألم تفهم ما أعنيه ؟ سأقول لك فهمت ؛ ولكن لم أرَ أي إشارة في نصّك هذا يقول بأنّه تتمة للأفكار التي سبق وأنْ طرحتها في النصوص التي أشرت إليها سابقًا ، مع العلم أنّني قرأت ردًا لعضو أديب فاضل أشار عليك بجمعها في متصفح واحد لكونها سلسلة تكمل بعضها بعضا ، إضافة إلى أمر مهم يقول : كيف يمكن لمن يقرأ هذا المقال الجميل – وهذه ليست مجاملة لأنّني لا أجامل في مثل هذه الأمور وأعلم أنّك ترفضها من حيث المبدأ – أنْ يعرف أنّها ضمن سلسلة ولها تتمات وأنت لم تشر إليها هنا في هذا المقال بالذات ؟ إذا افترضنا أنّه لن يقرأ سوى هذا النصّ ؟ بينما نجد في نصّ " بنات الليل وأبناؤه " أنّك ذكرت في مقدمته تفاصيل الرحلة التي ستقوم بها ، وهذا الأمر الذي ذكرته هنا هو تابع أصيل لما سأقوله لاحقا .
    النقطة الأخرى المهمة في حديثي – وهي لاحقا - تقول بعد أنْ أقتبس هذه الفقرة :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد فارس مشاهدة المشاركة
    ((
    أما بخصوص " خالص جلبي " فببساطة لا اعرف الرجل ولم اطلع على أفكاره بما يعطيني الحق لأحاكمه. ومَن أنا كي أحاكم الناس؟ لكن أذهلتني مقارناتك رغم انك كررت الاستثناء. تمنيت أن تنظر إلى النص نظرة لا علاقة لها بافرازاتٍ وخلافات لست طرفا فيها ولا يعنيني أن أكون.
    .

    بداية أنا لم أشر إلى هذا الرجل لمعرفة شخصية لسابق عداء ومعرفة شخصية بيني وبينه ، ولا يحق لأحد محاكمته دون الرجوع إلى ما يكتبه هذا هو العدل ، وإنّما قلت ذلك للفت نظر القارئ الذي قد لا يكون قرأ – ربما- باقي نصوصك ، ولأقول له أنّ هذا الفيلسوف الذي يخاطب الفتى والباحث عن الإنسان والحق والفضيلة والتارك لمن هم خلفه على خلفية جملة من الأسباب كان " الحمار " أبرز مثال لها جسد الواقع على صورته الحقيقية وبمنتهى الدقّة ، إلى أين سيذهب ؟ أين سيجد مراده بعيدًا عمن تركهم خلفه ؟ سؤال قد يوجهه أي قارئ لنصّ لم يطّلع على باقي فصوله الأخرى ، لأنّ من السهل أنْ نتحدث بلسان الحكمة ، ولكن التطبيق العملي وقراءة ما بين السطور لهذا الحكيم أو ذاك هي التي تجعلنا نحكم على الفعل والقول ومدى مصداقيته وشفافيته ، وعدم خروجه أيضًا عن سكته الصحيحة ، وليشوه فيما بعد القيم ؛ ويبث شكوكه وسمومه في ثوابت هذه الأمّة ؛ وخير مثال على ذلك خالص جلبي هذا ؛ وهو أمر عادي أنْ نستشهد حين نتكلم عن مثل هذه الأمور الفكرية أنْ نستعرض نماذج حيّة لأشخاص سواء أكانت مع الفكرة أو ضدها .، وهنا أقتبس للمرّة الثانية ما يعزّز رؤيتي من " 3 قبل عشر سنيين " إذْ تقول :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد فارس مشاهدة المشاركة
    3


    لا تدعْ لسانَك ينطق بكل ما يسمع؛ حينها ستجد أن قليلا من الكلماتِ هي التي يجب أن تقالَ قُبالةَ الكثيرِ من الأفعال. فلا تجعل عقلك عبدا ذليلا لتصوراته؛ يظن انه قد أوتيَ حكمةَ الشمس.
    ****
    وهل من عار أحط من عار أولئك الذين يجعلون الكلماتِ مطية يجتازون بها مفاوز المسؤولية هربا من الواجب؛ أو يتخذون منها شاهدَ زورٍ أو وسيلة تدليسٍ؛ ليمرّروا بها مواقف الأنانية والطمع في آرائهم وأمانيهم.
    ****
    لا تحوّل اللغةَ إلى بغيّةٍ لعوب لتجعلِ المعاني ماخورا للأهواء، فتحول الكتابة إلى سلعة تتكسب بها؛ ثم توهم نفسك انك عن الحقيقة تدافع؛ وبالمعرفة تنطق، وهذا لن يدعك حتى تتحول إلى مهرج أفّاق لا يرى إلا نفسَه وهو - على الحقيقة - لا يرى إلا ظلالا شاحبة.
    ****
    وها أنت تشهد صبيان المعرفة قد تناوشوا أثوابه التي كان بها مسجّى. فراح ارث الفلاسفة تتخطفه سماجة كل منحل معاق تتفجر نفسه شبقا وعنجهية؛ فحتى مواخير الليل بات لها فلاسفة وفلسفات.
    ****
    كم من كلمةٍ أحرقتْ عالما بأسره، وكم من حروف أزهقتْ أرواحا وحطمت آمالا فتية! فلا تحسبْ أن ما تلقيه على العُشبِ اليابس لن يخلُفَ وراءَك حَطْما ودمارا.
    ****
    وكل ما ورد ذكره في كلامك القيم والرزين ؛ ينطبق قولًا واحدًا على هذا المذكور أعلاه ، وهذا واجبنا أنْ نكشف خلال محاولاتنا هذه المتواضعة كل أساليب وأفكار من يحولون دون تنقية الأجواء وخلق المناخ المناسب لبعث الروح وإيقاد شعلة الإصلاح في ذهن وعقول أبناء هذه الأمّة. ولا يعني عدم معرفتك بخالص أنْ لا نقحمه في مواضيع تتناول كل ما سبق ذكره وهو يتناولها أيضًا ؛ ولكن صوته مسموع أكثر ، وسبق لي وبينت كل ذلك .
    الخطاب أستاذ أحمد عام ، ولكل إنسان حقّه المشروع في فضح وكشف زيف إدعاءات كل أولئك الذي يعملون على تخريب وعينا بل وإفساده ، وأنا طبقت عمليًا كل ما جاء في الاقتباس الثاني من " 3 قبل عشر سنيين" .
    أمّا حديثك حول أمنية تناولي للنصّ بعيدًا عن خلافات وإفرازات لا علاقة لك بها ولا يعنيك ؛ فهنا دعني أقول بصراحة مطلقة أرجو أنْ تكون هي سمة أي حوار قد يدور مجدّدًا في المستقبل ؛ هذا الكلام يشي بأنّني كنت في عالم ونصّك في عالم آخر ، ويقول أيضًا بأنّك حكمت على الأمر برؤية شخصية ولم تنظر لها من زاوية ما يقول الرجل بدليل أنّك على الأقل لم تبدي تأييدًا أو اعتراضًا على ما ذكر ، وهذا من حقك ولا نتدخل به ، لكن قولك لا يعنيني فاسمح لي هنا أنْ أقول لك أستاذ أحمد و بالرجوع إلى الاقتباس الثاني من " 3 قبل عشر سنيين " أنّك معني بشكل أو بآخر ، لأنّ الإصلاح ومحاربة الفكر الفاسد والدخيل والمجرم - وهذا كله ذكرت أنّك ضده بل ذكرت أكثر من ذلك - فكيف لا تكون معنيّ بمن يهدم في حين أنّك أنت تبني ، وكيف لمن يبني بإمكانيات محدودة أنْ يستمر ويأمل بأنْ تثمر ما يقوم به من محاولات و جهود صادقة في مواجهة من يملك إمكانيات هائلة ويهدم بسرعة قياسية .
    هذا ما أردت أنْ أقوله أستاذ أحمد ، ذكرت " الحمار " فكان شاهد عيان على الحال الذي نعيشه ونتخبط فيه ، وذكرت الحكماء فكانوا خير مثال على فسادهم وبؤس مجالسهم ؛ وسوء أعمالهم ، وقبح أفكارهم ، ثمّ ذكرت الفيلسوف وكانت وجهته غير محدّدة في هذا النصّ على اعتبار أنّ للحديث بقية ، وهذا الحديث كان له خلفية ، فجاء مثالنا عن فليسوف – وهو على أية حال لا فيلسوف ولا ما يحزنون – لنقول لمن يقرأنا أنّ بعض النّاس يبحثون وقد يتوهون في معمعة هذه الدنيا ، وحين تقف المصلحة الشخصية أمام المصلحة العامة ويبدأ ميزان التجارة لعبته المكشوفة ، فنرى عندها كيف يتحوّل الفيلسوف أحيانًا إلى تاجر شاطر بالمعنى الحرفي لمعنى شطار .
    وأتفهم تمامًا كل ما جاء في ردّك ونحترمه ونقدّره .
    أرجو أنْ لا أكون قد أطلت في الحديث ، وأتمنى لك التوفيق من كل قلبي ، وسنكون قارئين لكل ما تكتب ، وقلمك أمام مهمة جليلة؛ ونحن نبارك هذه المهمة .وأرجو أنْ لا يكون الاقتباس من نصوصك قد شوه النصّ أو أنْ يفهم منه ذلك .
    بارك الله فيك وأسعدك في الدارين .
    تقديري واحترامي

  5. #15
    الصورة الرمزية احمد فارس قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2008
    العمر : 47
    المشاركات : 49
    المواضيع : 5
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحية طيبة مباركة استاذ راضي
    اشكرك وافر الشكر على ملاحظاتك القيمة
    وددت ان اضيف شيئا يا اخي:
    عندما قلتُ: انني غير معني فانما اردت انني غير معني بالرد على الاشخاص في هذا المضمار؛ وانما عنايتي منصبة على مقارعة النظم التي تسير هؤلاء الاشخاص وتصنّع مواقفهم وتتحكم بمنتجاتهم. ولك ان تقول: هدفي ان اكون خزافا يصنّع من يقاومهم بوصفهم أشخاص.
    مشكلتنا اننا بتنا لا نستطيع االحصول على اسلحة مناسبة للاتيان على معاقل الشر بادوات مستجدة. اما حملة أفكار الشر والانحطاط بكل الوانه فلا قيمة لسعيهم لو تمكنا من دحض وتحطيم مرتكزات الافكار والنظم التي تصنعهم.
    والتساؤل الان: هل يعني هذا اننا نتركهم يسرحون ويمرحون. الجواب لا . لكن لكل مضمار ادواته ولكل مهمة رجالها و نساؤها. فهذا يحارب من على منبر وهذا يحارب بريشة وذلك يحارب بسيف، وثمة من يحارب بابتسامة . ثم أن هنالك من يحارب الجراثيم التي يعاني منها الجسد وهناك من يحارب الجراثيم التي تصيب القيم والسلوك. لكن هناك على الدوام حاجة ملحة الى من يصوغ قوانين تعبئة الجنود ..... هناك حاجة الى من يحدد ويؤشر على مواطن ومعاقل الشر ومرتكزاته وادواته؛ وهذا هو المستوى الاستراتيجي الذي لا بد من اجراء عملية احيائية له؛ مع مراعاة التبسيط وانزال الافكار من عليائها - لاسباب كثير - بحيث تخاطب العقل والوجدان بمستوى ما تخاطب الفكر والافهام؛ لأجل هذا اتت هذه النصوص مبحرة على امواج الفن والكلمة الجميلة، وليقل عنها من يقول ما شاء؛ فلن ادعي غير انها تجربة.
    واعترف اني اخطأت بانزال المقتبسات هنا لانها على الرغم من ان موضوعاتها مصنفة تصنيفا منظما بحيث يمكن لكل واحدة منها ان تفي بغرضٍ تصدت له؛ لكن اعود واقول بان الافتقار الى التركيب والربط افة ثقيلة. وعلى اية حال ارجو قبول هذا الاقتباسات على اساس انها موضوعات مستقلة. اما الكل، اما الهدف الاكبر منها فلمّا يحن وقته بعدُ، فافترضْ ان هذا قصور مني. فمعذرة

    تحياتي لك وامنياتي

  6. #16
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    أخي الأستاذ أحمد فارس
    أنت إنسان نبيل ، وثقتي بك كبيرة ، ولم يكن هناك من داعي لكلمة "المعذرة" ؛ ونحن هنا نتحاور حول أمور غاية في الدقّة الغاية منها النهوض بهذه الأمّة والمحافظة على ثوابتها وقيمها ، وكشف زيف كل من يدّعي أنّه مع هذا الهدف ؛ في حين أنّه يحمل مشرطًا - وإنْ شئت قل مدفعًا - ليهدم كل ما سبق ذكره.
    قد نتفق أحيانًا مع بعض الطروحات وقد لا نتفق ؛ وهذا مؤشر صحّي لا غبار عليه ، ما دام الاختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية ، وما دامت الثقة بيننا كبيرة والهدف واحد .
    أحترمك كثيرًا ، وبانتظار جديدك .
    تقديري واحترامي

  7. #17
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد فارس مشاهدة المشاركة

    شكرا لمرورك الكريم أستاذ عبد الصمد. ولقد أبهجتني طريقة اختصارك لتصوراتك عن معاني النص. لكنني وقفت أمام قولك: هو الهدم المكسر لوحدة الذات المتشاركة حد التشاكس. والحقيقة أنا لا افهم هذه اللغة الحداثية أو ما بعدها كما يقولون. فهل لي أن اطمع بمزيد من تفسر لعلي أفيد من فكرتك شيئا غاب عني. كن مرآتي. وتحياتي لك وأمنياتي

    يقول رب العزة في محكم تنزيله :
    { ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا } (الزمر:29)
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. حمار ابوسعد
    بواسطة عبدالله سليمان الطليان في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 15-01-2024, 05:42 PM
  2. حالة حمار
    بواسطة ملك الحروف في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: 23-06-2006, 06:31 PM
  3. نميرة2 - اعترافات حمار
    بواسطة معاذ الديري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 16-09-2005, 04:34 AM
  4. حمار يقود أرنبا ...
    بواسطة د.إسلام المازني في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 03-09-2005, 09:32 AM
  5. حمار / جحا
    بواسطة ابو نعيم في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-02-2005, 04:37 PM