التغيير من الأبيض إلى الأسود
التغيير (change), كلمة أطلقها أوباما آلاف المرات في حملته الانتخابية التي نجحت بصعوده على عرش رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية كأول اسود يشغل هذا المنصب الأول في أمريكا بل العالم.
لاشك أن هناك تغير ملحوظ بالعبارات التي يرددها وابتعاد عما وقع به سلفه والاهتمام بالمواضيع التي أزعجت الكثيرين من شعوب وحكومات العالم الغربي أو الإسلامي
وان كان المسلمون هم أكثر المتضررين من فترة ولاية بوش الابن في بلادهم أو الذين يقطنون ببلاد المهجر الغير مسلمة
نحن دوما نُشعر أنفسنا بالظلم والمؤامرة,
مع أن لي وجهة نظر ذكرتها سابقا بأن هذا التخلف والظلم نحن من صنعه وهم يفعلون ما بمصلحتهم وهذا أمر صحي بحكم قوتهم وعلينا نحن نحذو حذوهم إن استطعنا .
علمتنا السنين أن لا نصدق كل ما نسمع ولا نتسرع بالتفاؤل, لكن هل علينا أن لا نسرع أيضا بالتشاؤم ؟
أنا اعتقد أن أمريكا ستظل أمريكا ببرواز مختلف وديكور جديد مغلف فقط بعنوان اسمه التغير وأظن أن التغيير الذي حصل فقط باللون من الأبيض إلى الأسمر
أتمنى أن لا تصدق تنبؤاتي بأنه سوف يفشل إذا كان صادقا, أو هو يكذب علينا نحن الشعوب العاطفيين المكبوتين على مر السنين من أنفسنا المحتلة أنفسنا بتعليق شماعتنا عليهم, مع عدم إنكار ما يسببوه لنا .
هل يكون من المستشرقين الجدد بدلا من المحافظين الجدد ؟ أم كما سموه دجالا ؟ أم هو بالفعل يحمل نوايا حقيقية للتغيير نحن لم نصدقها بسبب السياسة الأمريكية الثابتة في الماضي وان " ذيل الكلب عمرو ما يتعدل" ؟
إن حكم الناس على هذه الأفكار التي يطرحها لا تزال مرهونة بالأيام التي ستثبت إن كانت صادقة أم كانت مجرد فقاعات صابون جميلة تمر أمام أعيننا لحظة ثم تنفجر وتتلاشى.
هناك الكثير من الصعوبات التي تواجهه في السعي إلى تطبيق ما قاله في خطابه الموجه للعالم الإسلامي بالقاهرة
الذي ساد عليه مبدأ التكافؤ لإرضاء الجميع في حين أن الواقع ليس متكافئاً
أنا أتفهم تعاطف المسلمين معه لأنه من أصول افريقية أبوه اسمه حسين المسلم وهو الأقرب إلى العامة والأقليات على وجه الخصوص وبالتأكيد يشعر بالضغوط التي تمارس على السود في بلاده و ينظر من منظار المواطن العادي البسيط في كل مكان.
وربما أتفهم تأييده وتمسكه بعلاقات بلاده مع إسرائيل لصعوبة مواجهة هذا اللوبي الضخم بتأثيره هناك إعلاميا ورأس ماليا إن كان يطمح في البقاء لولاية ثانية وهذا مؤكد طبعا.
وصعوبة التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة ناتانياهو ذو السياسة التي لا تتعارض مع أوباما فحسب, بل مع بوش الابن المتشدد في أفكاره.
لست هنا بصدد أن أتطرق بشكل نصي عن خطاب أوباما بالقاهرة لان معظمنا سمع ما قال أو قرأ في الأخبار الملخص
ما لفتني ككاتب هو هذا الأسلوب الجيد في التعبير عن الأفكار والجمل التكافئية الجيدة وكل هذا كان ارتجالا ملفتا كما اعتقدت وكما رأيت على شاشة التلفاز, لا اعرف إن كان هناك تكنولوجيا تعمل عمل الورقة , ما هنالك شك انه اكتسب خبرة في إقناع الجماهير أثناء حملته الانتخابية وهاهو يستفيد منها في سياسته الخارجية في إقناع العالم الإسلامي بصدق نواياه وانه بالفعل هناك شيء قد تغير وربما يحتاج لوقت. لترميم ما تمزق من بلاده بخلق تحالف إسلامي لتحجيم التطرف مع المعتدلين وهذا يتوافق مع فكرة نتجت في آخر فترة بوش الابن وظهرت في توجه إسرائيل نحو المفاوضات مع سوريا لعزل إيران.
أنا لست معه أو ضده , هذه الحالة التي انتابتني كما انتابت معظمنا هذه الأيام حالة تشاؤلية فهي تتعامل مع الآتي إن كان خيرا فهذا جيد وان كان سيئا فهو كالعادة, حالة تنتظر شعاع ضوء تتعلق به, تنتظر القادم من سنين تنتظر وتنتظر وما من مخلص.
ـــــــــــــــــــــــــ ــ
4/5/2009م
طلال بدوان – كاتب فلسطيني من غزة