جاري ابومحمد..رجل اعطاه الله اكثر مما يتمنى..
زوجة جميلة..وصالحة..
أولاد..تبارك الله..ادب مع فطنة..مع توفيق في الدراسة..على طول..وكل سنة ..يلهفون
اكثر جوائز الإمتياز..!!
بالطبع لا علم لي بالمبلغ الذي يدخره أبو محمد لمفاجآت الأقدار ..
ولكن الرجل يصرف على أولاده ..من سعة..وبإسراف غريب !!كانه متواطيء مع الزمن..!!
بالتأكيد هناك تفاصيل أخرى في حياة"أبو محمد"..تدل على أن الرجل محظوظ ايضا !!
ولكن رواية هذه التفاصيل ستأخذ مني وقتا..وساجد فيكم من سيتهمني بالحسد.. ساقول لكم فقط..
ان جاري العزيز..كسب ثلاث مرات..ورقة اليانصيب..
وتم تعينه مسؤولا لفرع الحزب المحلي..رغم أنه لا يتفوق بشيء على بوش في عالم السياسة !!
بل ..وتم تكليفه برآسة نادي الشعر بمدينتنا..رغم أنه لم يقل في حياته..شعرا ولا نثرا..
طيب ستقولون..هذا كله محض صدفة !!..
شدوا أحزمتكم إذا..جاري ابو محمد يُدير أكثر جرائد البلد رواجا !!رغم أن مستواه التعليمي..
لم يتجاوز الإعدادية !!
وعندما أساله عن سر نجاح جريدته..وفشل جرائد أخرى..يُديرها نخبة القوم..يبصق على الأرض
ويحك رأسه بسبابته..ويتنحنح..قبل أن يمن علي بما يعتبره..إكسير النجاح..":شعاري..
فرفش ودع غيرك يفرفش..هي الناس عايزة إيه..غير الفرفشة..شوية أخبار عن الفنانين..
مع شوية فضايح.مع شوية سياسة ...مع شوية كورة ..مع شوية أبراج..وخلاص !!"
"طيب –أرد عليه-ما الجديد في هذا..أغلب الجرائد..تكاد تقتصر على هذه الأمور..ولكنها لا تنجح !!"
"يا صاحبي –يرد علي بعصبية-افهمني..وخذ نصف عمري..هذه الجرائد..تنقل للناس الواقع
كما هو..بدون رتوش..صحافيوها..ينقصهم الخيال..تصور يتحدثون للناس عن غلاء المعيشة .."
قاطعته متسائلا:"وانتم ألا تتحدثون عن الواقع ؟"
"بلى..ولكن نحن عوض ان نتحدث عن غلاء السعار..نتحدث عن انفراج قريب في الأسواق..
وعوض ان نتحث عن اسعار المحروقات المشطة نتحدث للناس عن اكتشاف آبار جديدة للنفط..
وعوض ان نتحدث عن القهر نحدثهم عن امكانية إجراء انتخابات نزيهة في القرن القادم..
وعوض أن نحدثهم عن فشلنا في تحقيق التقدم العلمي نحدثهم عن نجاح منتخب الرقبي..
في دورة جنوب إفريقيا ..!!"
سرحتُ بخيالي بعيدا.. إلى ما وراء الشفق البعيد..قبل أن أعود وأسأله:"يعني انتم تبيعون الأحلام والأوهام..ولكن ألا تخشون يوما تُحاسبون فيه على أكاذيبكم ووعودكم التي تذهبُ أدراج الرياح ؟"
قهقه جاري أبو محمد..حتى اهتز جسمه الشبيه..ببالون ضخم..
فبل أن يُجيبني واثقا :"لالا ..الشعوب ذاكرتها قصيرة..وهي تنسى بسرعة..كما اننا محتاطون للأمر..
فهناك ..أقانيم جاهزة لتبرير كل شيء..الإستعمار..الظروف الدولية..الهيمنة الأمريكية..
وجود بعض المخربين.عدم نضج الشعب..ضرورات المرحلة..وقس على ذلك .."
توقف صاحبي عن الكلام..ريثما يُعيد شحن غليونه...بالتبغ..قبل أن يواصل :
"إذا انت متأكد أن لك خيالا خصبا..أستطيع توظيفك عندي من اليوم..وبأجر مُجز.."