رد المتنبي
وجدت رد المتنبي في كتاب "البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها" فرغبت في إيراده إكمالا للموضوع.
فقال أبو الطيّب: "إنْ صَحَّ أَنَ الّذِي اسْتدرك على امرئ القيس هذا أعْلَمُ منه بالشعر فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطَأْتُ أنا، ومولانا الأمير يعلَمُ أنّ الثوب لا يَعْرفُه البزّاز معرفة الحائك، لأنَّ البزّاز لا يعرف إلاَ جملته، والحائك يعْرِفُ جُمْلَتَهُ وتفْصيله، لأنّه أخْرجه من الغزليّة إلى الثوبيّة، وإنَّما قَرَنَ امْرُؤُ القيس لذّة النساء بلذّةِ الرُّكُوب للصيْد، وقرنَ السماحة في شراء الْخَمْر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء.
وأنَا لمّا ذكَرْتُ الموتَ في أوّل البيت أبعتُهُ بذكْرِ الرَّدَى لتجانسه، ولمّا كان وجْهُ المنهزم لا يخْلُو من أن يكونَ عَبُوساً، وعينُهُ من أن تكون باكية، قُلْتُ: "وَوَجْهُكَ وضّاحٌ وثَغْرُكَ باسِم" لأجْمَعَ بَيْنَ الأضداد في المعنى..".
أقول (مؤلف الكتاب):
لقد أدرك المتنبّي بما لديه من ذوقٍ فنّيّ رفيع لدقائق الجمال في قَرْنِ الأشباه والنظائر والأضداد، أنّ قرن الأضدّاد الفكرية في تتابع اللّوحة البيانية، أجْمَلُ وأكثر تأثيراً في النفس من قرن الأشباه والنظائر بعضها ببعض، لأنّ تخاطرُ الأضداد في الأذهان أقربُ من تخاطر الأشباه والنظائر.