|
هناك على راسيات الحجرْ |
جلست أغازل ضوء القمر |
وبالقرب مني يصب الغدير |
ويجري الشراع ، ويهفو الشجر |
أخا النور الي أراك تئن |
كأنك في رحلة أو ضجـر |
قطعـــت السماء مع السابحات |
فأنت إمـام وهن خفــــر |
تعاليت في مجدك المستديم |
فليس يدانيـك فيه البشـــر |
وأمسكت في قبضتيك الزمام |
لتزجي إلينا خيوط القـــدر |
لك الشرق والغرب ملك فسيح |
تهيــم بحبك بين الخضــر |
وتحضن تلك الـربوع إليك |
وتجمع في راحتيك الزهر |
وتسمو على راسيات الجبـــال |
منيرا تداعب ماء النهــــر |
ولكـنَّ مثلي أضاع الحيـــاة |
يغامــر في كونه المستتـــر |
نزحت من الأرض غض الإهاب |
لأعلــو هناك علو النســــر |
هناك على عاليات الجبــــال |
وفـوق السهول سقاها المطـر |
وقفت لأنعي صوت الضعيف |
يئن من القيــد بين الحفـــر |
ولا مـن مكان يلذ الجليــس |
ويحلو اللقاء ويصفو الكــدر |
سوى الروض فيه ترف الظلال |
وفيه تموج صنوف الفكـــر |
هناك على راسيات الحجــر |
جلست أعانق ضوء القمــر |
وبالقرب مني يصب الغدير |
كان المياه تناغــي الوتـــر |
وفيه تراقص في ناظــريّ |
غصون تدلت تجوب القعــر |
تعانق فيه بهاء الصخــور |
وتجمع منه نفيس الـــدرر |
وتنثر فــوق اللجين ورودا |
تخال إليك طيورا تمــر |
على النهر تشرب من شهده |
وتغسل ريشا علاه الغبـــر |
وليس هناك سوى عندليــب |
يغنّي فيطرب أهل الســـمر |
فغنى إليّ " أغانــي الحياة " |
وفي معبد الحب يتلو السور |
وأثنى بلحـن يهـز الفــؤاد |
وترقص معه نجوم السحــر |
وأمسكــت كاسي وقد خلته |
لرعشــة حب خلاه الخمـر |
فما نلت منه سـوى رشفــة |
علاها رضاب مليح الشــذر |
أما هل تجوز إليَّ الحيـاة؟ |
إذا بــت ليلي أنا والقمــر |
أقبـل ثغـرا بـه لــؤلــؤ |
وخــدا منيــرا كنجم ظهـر |
وأجني عن الغصن حلو الثمــار |
جنيا تدانــت عليها الصــور |
فمنها الســفرجل والبرتقــال |
تراقـــص فوق ثنايا الصدر |
وفوق الضفائــر ... يبدو إلينـــا |
من التبر تاج صنيع القــــدر |
وعينان فيها صفـــاء الحياة |
ونـور السماء ولج البحــــر |
وجيد كجيـــد الغــزال رقيق |
ترى الماء منه كسح القطــر |
ووجه نقي كسـطح الجليـــد |
إذا الشمس تبدو عليه نظـــر |
وطبع يجل عن الوصف حتى |
غدا الوصف شيئا قليل الأثــر |
فليـس لديَّ حياة النســـــور |
تحلق فوق دروب الوعــــر |
وليس لديَّ قداســــة موسى |
ولا طهر أحمد بين البشــــر |
ولكنْ لقلبي فَــوح الزهـــور |
وطهر المياه إذن فانتظــر |
سأتلو عليك من الحـب طـرفا |
تجلى عن الوصف منه الشـذر |
رحلت هناك إلى القـدس يوما |
لأجني ورودا لنا أو ثمر |
هنــاك على ربـــوة العاشقين |
غرست حنيني وطول السهــر |
هنــــاك لى قمــة الراسيات |
جلسـت لأنحت منها الصــور |
هنـــاك على صخرة الخالدين |
نقشــت لها بالبنان العبـــــر |
هناك علــى ناصعات البياض |
بنيت لها مـن فؤادي قصـــر |
هنـاك هنــاك إذا جئتنــي |
سأهديك حبي على بيت شعـر |
وأنقش منه لــكِِ أسطـــــرا |
تخلـد ذكــرى لنا كالقمـــر |
أما لو تجيئي معي في الخيــال |
نهيم كطفـــل رعاه القــــدر |
نلذ بطعم الحياة ويصفـــــو |
لنا العيش يوما كفى لا شهــر |
سنبني من الحب بيتا صغيـرا |
ككـوخ يلــم شتات الأســـر |
غدا يصبح الحب صرحا منيفـــا |
وتحنو عليه ظـــلال الشجــر |
ويكبر في ناظرينا الجمـــال |
ليكســو الجبال ثياب الزهـر |
هنـــاك يطيــــب لنا منهل |
ونشرب منه لذيذ النصــــر |