ليلاس
ما بين السماء والأرض..تمتدّ المسافات الشاسعات.. لتخترق هذا الجسد المتكتــّـلِ أثيراً من ذكريات..تصيب فيه القلب لتحرره من بين ضلوع الأسى.. إلى فضاء يضمحلُّ حتى التلاشي.
ترينَ مثلي دخاناً في كل مكان.. يبعث سُمَّه إلى العيون.. يمتزج في الأنفاس حتى كاد يأتي على بقية من رمق.. لولا هذا الأمل الذي لا زال يذكرنا.. ليرسل لحنَه الوئيدَ إلينا صامتاً من بين ركام الضجيج.
نكِراتٌ من رَخَمٍٍ وضيع تعتلي ساريةَ البُــزاة... وتحشد من حولها ألف غراب ٍ تنعق مثل الــ... "غربان!!". تُطلقها.. لتتعقّب ألوانَ النور هنا وهناك.. حتى إذا ما لمحتها.. تأبّطتها.. وطارت بها بعيداً لتدفنها في قرار تخيّرته.. بعدما استنفذت في البحث عنه قصاصاتٍ من عقلها المهترئ.. تدفن فيه كل رزقها الحرام.. وتواريه ذاكرتها قبل أن تعود أدراجها..كأنّ شيئاً لم يكن.
هذه حال القمّة إذ تبحر في الجهات دون ربّانها..يستحلّها بغاثٌ ليس يلاطمه سوى الرّخامى..
لا بدّ رأيتِ مثلي ذاك الرَّخَم.. تنفخ صدرَه النحيل قِطعٌ من ورق مُقوّى.. تردّ ريحاً قد تأتيه بغتة.. في حين.. تنخره أسراب الذرّ التي تقتات عفن ريشه الاصطناعي..
يمشي الخـَوزَرى.. يحيط به ضربٌ من طير لا يظهر منها سوى نابين انعقفا حتى كادا يلمسان مخالب رجليها.. في موعد ٍ قد دُبــِّر في خفاء قبل دهر من الزمان.. ليتعرّى رَخمُنا هذا من خِرَق الوحي الذي زعمه يتنزّل عليه تنزيلا..
في حين.. يتهدّجُ صدرُ البــزاة الأسيرة حنقاً بألم.
أليس تبعث فيك هذه الملهاةُ قهقهة ً تعتملُ في حلقك ِ غصّة؟؟..
لعلك تدركين الآن.. لماذا ذبُـلَ النيلوفر.. واحترق الشيح.. وانتحب الدّفلى.. وحُمَّ البنفسج...
ترى.. بعد كل هذا..
هل يبقى على وجه هذه الأرض.. مكان لنا !!..
"القروية"
____________
مريم العموري