|
قَدْ نُحْتُ حَتَّى قِيلَ هَلْ ثَكَلا |
وَضَحِكْتُ حَتَّى قِيلَ هَلْ خَبَلا |
مَا هَذِهِ الأَيَّامُ تَفْجَعُنِي |
فِي كُلِّ أَمْرٍ كَانَ مِنْ وَإِلى |
صَبَّتْ كُؤُوسَ الصَّابِ مُتْرَعَةً |
فَشَرِبْتُ حَتَّى اعْتَدْتُهُ عَسَلا |
وَقَنعْتُ أَنْ أَقْتَاتَ مِنْ أَمَلٍ |
لَكِنَّهَا لَمْ تُقْنِعِ الأَمَلا |
قَالَتْ حَمَلْتَ الهَمَّ قُلْتَ لَهَا |
هَلْ كَانَ إِلا الهَمُّ مَا حَمَلا؟ |
مَا حِيلَتِي؟ لا اليَأْسُ جَادَ بِهِ |
فَأَكُفُّ عَنْهُ وَلا النَّدَى بَخِلا |
مَنْ لِي بِعَينٍ غَيرِ مُبْصِرَةٍ |
أُعْطِيهِ مِلْءَ العَينِ مَا سَأَلا |
مَنْ لِي بِنَفْسٍ غَيرِ لائِمَةٍ |
أَرْتَاحُ مِنْ هَمِّي الذِي ثَقُلا |
فَتَّشْتُ عَنْ قَلْبٍ أُعَاتِبُهُ |
فَرَأَيْتُهُ قَدْ ذَابَ حِينَ خَلا |
قَلْبِي الذِي بِاللِينِ أَرْهَقَنِي |
يَا لَيتَهُ يَقْسُو وَيَعْرِفُ لا |
كَمْ صَاحِبٍ آثَرْتُهُ فَغَضَا |
حَتَّى إِذَا ذَاقَ الرِّضَا جَفَلا |
أُهْدِي لَهُ حُبِّي عَلَى طَبَقٍ |
فَيَصُبُّ لِي بِالجَوْرِ كَأْسَ قِلَى |
أَوْ كَاشِحٍ يَجْتَرُّ مِنْ حَسَدٍ |
بُغْضًا وَيَلعَقُ بِالهَوَى العِلَلا |
قَدْ أَنْجَبَتْ كَفَّاهُ قِرْدَ زِنَا |
فَيَظُنُّهُ بِالوَهْمِ رِيمَ فَلا |
يَا غُرْبَةً فِي الرُّوحِ مَا فَتِئَتْ |
تَنْأَى وَسَرْجُ الرِّيحِ مَا احْتَمَلا |
مَا زَالَ طَيرِي فِي مَوَاسِمِهِ |
غَضَّ الجَنَاحِ وَشَيْبُهُ اشْتَعَلا |
مَا زَالَ يَشْدُو دُونَ حَنْجَرَةِ |
مِنْ أُغْنِيَاتِ الوَجْدِ مُرْتَجِلا |
أَنَا أَنْتَ يَا قَلْبِي أَتُنْكِرُنِي |
وَأَنَا الذِي لِوَفَائِكَ امْتَثَلا |
أَوْفَيتُ مَا ظَنِّي قُتِلْتُ بِهِ |
وَمِنَ الوَفَاءِ المُرِّ مَا قَتَلا |
زَيَّنْتَ أَحْلامِي فَعِشْتُ لَهَا |
لا أَبْتَغِي عَنْ خَيلِهَا حِوَلا |
وَطَفَقْتَ تُقْنِعُنِي بِصَفْوِ غَدٍ |
حَتَّى نَسِيتُ الذِّئْبَ وَالحَمَلا |
أَسَفَى عَلَى قَومِي وَقَدْ صَدَفُوا |
عَنْ كُلِّ دَرْبٍ جَلَّ وَاعْتَدَلا |
فِي كُلِّ كُرْسِيٍّ رُوَيْبِضَةٌ |
أَحْنَوْا إِلَيهِ الرَّأْسَ فَانْتَعَلا |
مَأْفُونُ لَكِنْ بَاتَ مُلْهِمَهُمْ |
رِعْدِيدُ لَكِنْ أَصْبَحَ البَطَلا |
إِنْ شَادَ أَهْلُ العَزْمِ مَدْرَسَةً |
لِلفِكْرِ شَادَ القَهْرُ مُعْتَقَلا |
زُمَرًا تَرَاهُمْ فِي مُفَاخَرَةٍ |
هَيْهَاتَ تَلْقَى مِنْهُمُ الَّرُجَلا |
مَا اشْتَاَقُهُمْ عِلْمٌ وَلا عَمَلٌ |
إِلا وَأَغْرَوا فِيهِمَا الكَسَلا |
مِنْ كُلِّ مَسْرُورٍ بِشقْوَتِهِ |
مَا رَاقَهُ وِرْدٌ وَطَابَ كَلا |
لَوْ سَالَ مَاءُ العِلْمِ مِنْ فَمِهِ |
مَا كَانَ إِلا الهَزْلَ وَالغَزَلا |
وَعَلَى نَشِيجٍ مِنْ سَلامَتِهِ |
قَالَ الهَوَانُ أَلا فَقَالَ بَلَى |
حَسْبُ المَنَايَا أَنْ يَكُنَّ لَهُ |
سَوْطًا يُزَلْزِلُ قَلْبَهُ وَجَلا |
أَسَفَى فَإِنِّي لا أَكَادُ أَرَى |
سَهْلا يَقِينَا الخَسْفَ أَوْ جَبَلا |
الفُلْكُ تَجْرِي وَالمُنَى لُجَجٌ |
وَالقَوْمُ صَرْعَى وَالهُدَى اعْتَزَلا |
وَالعَالمُ المَفْتُونُ مُعْتَصِمٍ |
بِالعُجْبِ فِيمَا قَالَ أَو فَعَلا |
ظَنَّ الكَمَالَ فَطَارَ مُبْتَهِجًا |
وَمَآلَهُ لِلأَرْضِ أَيْنَ عَلا |
أَفْتَى فَمَاذَا لِلعُقُولِ جَنَى |
أَرَبًا وَمَاذَا لِلعُيُونِ جَلا |
إِنَّ اكْتِمَالَ العَقْلِ حِينَ يَعِي |
أَنِّ الذِي فِي العَقْلِ مَا اكْتَمَلا |
كَيفَ الشُّعَاعُ يَلُوحُ مُؤْتَلِقًا |
نُورًا وَجِرْمُ النَّجْمِ قَدْ أَفَلا |
يَبِسَ الضِّيَاءُ عَلَى مَحَاجِرِهِ |
وَإِلَى المَشَاعِرِ ظِلُّهُ اتَّصَلا |
إِنِّي لأَعْجَبُ كَيفَ هَانَ عَلَى |
حُرٍّ بُلُوغُ عُلا وَكَيفَ سَلا |
كَيفَ اسْتَطَابَ ظُنُونَ حِصْرِمِهِ |
عَصَرَتْهُ بِالنَّجْوَى كُؤُوسَ طِلَى |
العَدْلُ مُرٌّ عِنْدَ ذِي غُرُمٍ |
وَأَمَضُّ مِنْ نُصْحٍ أَمَامَ مَلا |
وَالحَقُّ مِيزَانُ الرِّجَالِ عَلَى |
قَدْرِ الفَضَائِلِ خَفَّ أَوْ ثَقُلا |
وَالنُّصْحُ صِدْقٌ لا يُبَرِّرُهُ |
إِنْ خَانَ ذُو رَأْيٍ وَإِنْ خَتَلا |
وَالعَهْدُ مَسْؤُولٌ بِصَاحِبِهِ |
سِيَّانِ مَنْ وَفَّي وَمَنْ مَطَلا |
وَالمَرْءُ مَحْكُومٌ بِظَاهِرِهِ |
مَنْ شَقَّ صَدْرًا أَدْرَكَ الزَّلَلا |
شَبَّتْ حَيَاةُ الغَابِ وَاسْتَعَرَتْ |
وَالخَاسِرُ المَحْمُودُ مَنْ عَدَلا |