|
يا ضِدَّنا لِمْ يَعْتَرِيكَ عُرَامُ؟ (1) |
وكأنَّنَا فَحْمٌ، وأنتَ رُخَامُ! |
وكأنَّمَا أنتَ الإمَامُ بذي الدُّنا |
أو قَسُّها، أو أنَّكَ الحَاخَامُ! |
أَقْصِرْ، فإنِّي ما رأيتُ ضَغِينَةً |
إلاَّ وفيها للحقودِ ضِرَامُ |
النَّاسُ حُبُّ واشْتيَاقٌ كلُّهُم |
إنْ كانَ (سامٌ) جدَّهُمْ أَوْ (حَامُ) |
الشَّوقُ خَمْسَةُ أسْطُرٍ في خَافِقِي |
ضَاقَتْ بِنَسْجِ حُروُفِهَا الأقْلامُ |
- سَطْرٌ: لأمي- يا لَقلبي- غارِقٌ |
بدمُوعِهَا يبْكِي، ولاتَ فِطَامُ |
أمِّي، ومَدْرَسَةُ الحياةِ كتابُها |
تحْنُوْ ، فيَخبُتُ في الفؤادِ سَقامُ |
في راحتَيْها كَمْ صنعْتُ سفينةً |
أبحرتُ فِيها، والصِّبَا أوْهَامُ |
في راحتيها رَتَّبَتْ ليْ أَنْجُمِي |
فنَمَا بأسودَ خافقيْ الإلهامُ |
-ثانِي سُطورُ الشَّوقِ أكتبُ نَصَّها |
دَنِفَاً- وعُذراً- فالحديثُ غَرامُ |
لحبيبةٍ يحيي الوُرودَ عَبيرُهَا |
فيموتُ شوقاً- في الكلامِ- كَلامُ |
تتبادُلُ الأطْيَارُ هَمْسَ حَدِيثِنَا |
فينُمُّنَا بينَ الغُصونِ حَمَامُ |
نَرْعَى نجوماً في السماءِ خيامُهَا |
والحبُّ فوقَ العاشقين خِيَامُ |
-والثَّالِثُ: الأقْصَى على جُدْرَانِهِ |
كمْ هَزَّنا من جانبيهِ سَلامُ |
يا ليتَ شِعري هلْ أنامُ بروضِهِ |
فتلفُني في حضْنِها الأنْسَامُ؟ |
وأَعيْشُ في الأقْصَى أقبلُ أرضَهُ |
وأعافُهَا وتعافُني الآلامُ |
وألملمُ الآهاتِ بينَ ضلوعِه |
وأضمُّ من صَلُّوا بهِ أو صَامُوا |
- والرَّابعُ المخفيُّ بين أَجِندَتِي: |
بطلُ الوَغَى، والسَّيِّدُ الضِّرْغَامُ |
ضاقتْ بهِ أرضٌ فَصاحَ مُزمجراً |
حتى اهترتْ من عزمِهِ الأجْسَامُ |
لمْ يخشَ إلا اللهَ.. يخطِبُ مجدَهُ |
حتَّى ولو قيل الجزا: (إعْدَامُ) |
- والقدسُ خامِسُهَا- وإنْ أخَّرْتُهَا |
فلِأنَّ مِسْكَ العَاشِقينَ خِتامُ |
يا قدسُ كمْ أشعَلتِ قلبيَ، لوعةً |
وا حرَّ قلبٍ في هَواكِ يَهامُ |
لا تحزنِي فيهودُ تلبَسُ عارَهَا |
وسليلُهمْ بيدِ الفداءِ يُضامُ |
حَطُّوا حمَالَ حديدِهَمْ، لَمْ يَعرفُوا |
كمْ حطَّ فوق ترابِكِ الأطغَامُ؟! (2) |
فمَضُوا حفاةً لا حديدَ يضمُّهُمْ |
وبقيتِ سيفاً والرُّؤوسُ حُطَامُ |
قُصِّي ثيابَ الحزنِ فوقَ رُؤوسِهِمْ |
خسئَتْ يهودُ، وشعبُها الأقزامُ |
مرَّتْ على هاماتِ صخْرِك أرجلٌ |
فتَفَطَّرَتْ في قَصدِكِ الأقدَامُ |
كمْ كانَ أثقلَكِ الزمانُ بعابِرٍ |
حتى أتََتْكِ بنصرِهَا الأيامُ |
شُدِّي على حمِمِ الظلامِ عَصائباً |
وتحزَّمِي فالحقُّ ليسَ ينامُ |
يا قدسُ يا أمَّ الثَّقافةِ أبشرِيْ |
فالأرضُ صِدْقٌ، والعداةُ مَنامُ |
تعِبَ الفؤادُ من البِعادِ وقبلَكُم |
قدْ أوسعتْهُ- سِهامَها- الأعوامُ |
كُنَّا على سُحُبِ الشَّآمِ نزورُهَا |
فتَضُمَّنا وكأنَّنَا أيتامُ |
"ثمَّ انقضَتْ تلكَ السُّنونُ وأهلُها |
فكأنَّها وكأنَّهم أحلامُ"(3) |