عَلَى سُوقِهَا تَنْمُو الغُصُونُ وَتُزْهِرُ
وَمِنْ مَائِهَا تَهْمِي الهَتُونُ وَتُمْطِرُ
وَعَيْنٌ بِصَافِي النَّهْلِ عَذْبٌ وُرُودُهَا
وَعَيْنٌ يَصُدُّ النَّفْسَ عَنْهَا التَّكَدُّرُ
وَفِي الأَرْضِ أَصْنَافُ الثِّمَارِ تَجَاوَرَتْ
فَذَا حَنْظَلٌ مُرٌّ وَذَلِكَ سُكَّرُ
وَفِي النَّاسِ أَشْبَاهٌ فَنَفْسٌ نَفِيْسَةٌ
وَنَفْسٌ تَمَادَى فِي ثَرَاهَا التَّكَبُّرُ
وَإِنِّي مَتَى حَلَّ الكَرِيمُ بِوَاحَتِي
لأَفْخَرُ وَالأَحْرَارُ بِالصِيْدِ تَفْخَرُ
أَجَبْتَ دُعَائِي يَا أَخِي فِي تَوَاضُعٍ
وَذَلِكَ مَا أَزْهُو بِهِ وَأُقّدِّرُ
بِشِعْرٍ كَنَظْمِ الدُّرِ فِي جِيْدِ مُهْجَةٍ
بِهَا الحُبُّ فِي اللهِ أَزْهَى وَأَنْضَرُ
مُهَفْهَفَةُ الأَلْفَاظِ مَاسَتْ بِحَرْفِهَا
كَمَا مَاسَ غُصْنٌ نَاعِمٌ وَهُوَ مُزهِرُ
تَكَامَلَ كُلُّ الحُسْنِ فِيهَا كَأَنَّهَا
عَرُوسٌ بِثَوْبِ السِّحْرِ وَالطُّهْرِ تَخْطُرُ
أَخَ الدِّينِ لا دُنْيَا بِغَيْرِ عَقِيدَةٍ
وَلا عَيْشَ إِنْ مَا خَالَطَ الرُّوحَ مُنْكَرُ
أَرَى فِي لِبَاسِ الزُّهْدِ خَيْرًا وَزِينَةً
وَلَكِنْ بِبَذْلِ الهِمَّةِ الخَيْرُ أَكْثَرُ
وَمَنْ لمْ يُوَالِ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى الهُدَى
وَيَبْرَأْ مِنَ الكُفَّارِ فَهْوَ يُكَفَّرُ
وَمَا أَنَا ذُو حِرْصٍ عَلَى الدِّينِ مُشْفِقٌ
إِذَا لَمْ أُقَدِّرْ لِلأُمُورِ وَأقْدِرُ
أَخَ العَزْمِ إِنْ تَنْهَضْ إِلَى الحَقِّ إِنَّنِي
إِلَى الحَقِّ نَهَّاضٌ وَلِلْحَقِّ أَنْصَرُ
أُدبِّرُ أَمْرًا فِيهِ إِصْلاحُ أُمَّةٍ
تُرَاوَدُ عَنْ دَرْبِ الإِبَاءِ وَتُقْهَرُ
تَهَاوَتْ قِلاعُ العِزِّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
تَلُوكُ الرَّدَى فِي مَا يُرَاقُ وَيُهْدَرُ
وَأَمْسَتْ تَرَى دَرْبَ الهَلاكِ نَجَاتَهَا
كَأَنَّ حِمَى الإِسْلامِ لِلغَرْبِ مَعْبَرُ
وَأَصْبَحَ عرْضُ المُحْصَنَاتِ بِضَاعَةً
وَأَضْحَتْ دِمَاءُ الطِفْلِ كَأْسًا تُخَدِّرُ
أَرَى عِلْمَهَا جَهْلاً وَإِيمَانَهَا هَوَى
وَقَدْ بَاتَ قَلْبِي لَوْعَةً يَتَفَطَّرُ
فَرِفْقًا أُبَاةَ الضَّيْمِ رِفْقًا بِأُمَّةٍ
عَلَى مَنْهَجِ التَّوْحِيدِ تُنْهَى وَتُؤْمَرُ
لَكَمْ قَالَ دَعْوَى النَّصْرِ بِالحَرْفِ شَاعِرٌ
وَلَكِنَّ عَنْهَا النَّصْرَ بِالسَيْفِ يُهْجَرُ
رَأَيْتُ اللَيَالِي تَخْدَعُ النَّاسَ بِالمُنَى
وَذُو العَقْلِ بِالأَيَّامِ لا رَيْبَ يُزْجَرُ
إِذَا غَدَرَ الإِنْسَانُ لِلهِ عَهْدَهُ
عَلَى غَيرِ جَهْلٍ فَهْوَ لِلنَّاسِ أَغْدَرُ
وَمَنْ يَدَّعِ الفِعْلَ الجَمِيلَ بِقَوْلِهِ
وَتَأْتِ يَدَاهُ الشَّرَّ كَيْفَ يُقَدَّرُ
وَمَنْ قَالَ فِي أَمْرِ الأَحِبَّةِ شَأْنُهُ
حَفِيظًا عَلَيْهِمْ كَيْفَ يَجْفُو ويَنْفِرُ
تَبَصَّرْ أَخَ الإِسْلامِ فِي حَالِ أُمَّةٍ
فَمِنْهَاجُ أَهْلِ العَقْدِ فِيْهَا التَّبَصُرُ
وَلَيْسَ يُعِيْدُ المَجْدَ فِيْنَا تَدَابُرٌ
وَلَكِنْ يُعِيْدُ المَجْدَ فِيْنَا التَّدَبُّرُ
وَكُنْ لِدُعَاةِ الحَقِّ ذُخْرًا وَنَاصِرًا
قَوِيًّا لِدِينِ اللهِ فِي الأَرْضِ تُظْهِرُ
وَصَابِرْ عَلَى البَلْوَى وَجَاهِدْ فَذُوْ التُّقَى
يُجَاهِدُ أَهْوَالَ الخُطُوْبِ وَيَصْبِرُ
وَثَابِرْ عَلى المَعْرُوفِ وَاغْرسْ مِنَ الهُدَى
فَإِنَّ غِرَاسَ الخَيْرِ فِي النَّاسِ يُثْمِرُ