الحُزْنُ يَكْتُبُ فِي قَلْبِي وَيخْتَصِمُ
فَكَيْفَ تَخْذُلُ حَرْفِي أَيُّهَا القَلَمُ
لَقَدْ كَتَبْتَ وَمُوقُ القَلْبِ نَاضِبَةٌ
فَكَيْفَ تَصْمُتُ عَجْزًا وَالمِدَادُ دَمُ
أُكْتُبْ وَسَطِّرْ وَفَجِّرْ كُلَّ قَافِيَةٍ
وَابْذُلْ بِدَمْعِكَ مَا لا تَبْذُلُ الدِّيَمُ
الدَّمْعُ يَسْفَحُ مَا أُخْفِي فَيُغْرِقُنِي
وَالنَّارُ تَلْفَحُ فِي صَدْرِي وَتَضْطَرِمُ
وَالوَجْدُ يَخْفِقُ فِي الوُجْدَانِ لا جَزَعًا
وَإِنَّمَا غَضَبًا أَنْ تَعْجَزَ الهِمَمُ
أُكْتُبْ فَإِنَّ مُصَابِي اليَوْمَ ذُو جَلَلٍ
تَكَادُ مِنْ هَوْلِهِ الأَرْكَانُ تَنْقَصِمُ
غَابَ السِّرَاجُ وَمَا غَابَ الضِّيَاءُ بِهِ
وَأَظْلَمَ البَّدْرُ لَمْ يَشْفَعْ لَهُ تَمَمُ
وَأَجْفَلَ الفَجْرُ أَنْ تُنْعَى بِغُرَّتِهِ
شَمْسُ الوُجُوْدِ وَأَنْ تَسْتَبْشِرَ الرَّخَمُ
قَضَى الإِمَامُ شَهِيْدًا فَاحْتَفَتْ زُحَلٌ
بِمَا أَصَابَ وَبُشَّتْ لِلنَّدَى النُّجُمُ
وَأَقْبَلَتْ مِنْ جِنَانِ الخُلْدِ عَابِقَةٌ
مِنَ النَّسِيمِ تَحُفُّ الرُّوحَ ، وَالسَّلَمُ
وَأَشْرَقَ الوَجْهُ فِي طُهْرٍ وَفِي جَذَلٍ
كَأَنَّهُ مِنْ سَنَاءِ النُّورِ يَبْتَسِمُ
أَبَا مُحَمَّدِ إِنَّ النَّفْسَ مُطْرِقَةٌ
وَالعَيْنُ تَدْمَعُ وَالأَحْزَانُ تَحْتَدِمُ
أَبَا مُحَمَّدِ لا غَابَتْ شُمُوْسُكُمُ
عَنِ القُلُوبِ وَلا أَوْهَي بِهَا الأَلَمُ
عَلَى فِرَاقِكَ فَلْيَبْكِ الرِّجَالُ دَمًا
وَلْيُطْرِقِ الكَوْنُ وَلْيُسْتَنْطَقِ البُكُمُ
أَيَا سَمِيَّ رَسُولِ اللهِ تَهْنِئَةً
نُلْتَ المُرَامَ وَنَالُوا الخُسْرَ وَانْهَزَمُوا
رُمْتَ الشَّهَادَةَ يَا شَيْخِي فَفُزْتَ بِهَا
وَمَا لِمِثْلِكَ إِلا الفُوْزُ وَالكَرَمُ
أَقْسَمْتَ بِاللهِ أَنْ تَحْيَا بِمَنْهَجِهِ
حُرًّا أَبِيًّا فَتَمَّ العَهْدُ وَالقَسَمُ
وَكَمْ تَمَنَّيْتَ رُضْوَانًا وَمَغْفِرَةً
فَاهْنَأْ بِصُحْبَةِ مَنْ فِي قُرْبِهِمْ نِعَمُ
يَا شَيْخُ أَحْمَدُ طِبْ نَفْسًا فَقَدْ غَرَسَتْ
يَدَاكَ مِنْ ثَمَرَاتِ العِزِّ مَا طَعِمُوا
فَكُنْتَ أَنْصَعَ نِبْرَاسٍ لِمَنْ جَهِلُوا
وَكُنْتَ أَسْطَعَ مِقْيَاسٍ لِمَنْ عَلِمُوا
وَكُنْتَ خَيْرًا عَلَى الكُرْسِيِّ مِنْ نُجُبٍ
مِنَ الرِّجَالِ وَمَنْ تَسْعَى بِهُمْ قَدَمُ
فَمِثْلِ عَزْمِكَ مَا قَدْ أَبْصَرَتْ مُقَلِي
وَمِنْ طِرَازِكَ لَمَّا تُنْجِبِ الأُمَمُ
وَمَا لِجُهْدِكَ نِدٌّ يَا جَوَادَ يَدٍ
وَمَا لِوَصْفِكَ إِلا أَنَّكَ الهَرَمُ
وَفَاجِرٌ مَدَّهُ فِي غِيِّهِ صَلَفٌ
حَتَّى تَطَاوَلَ فِي آلاتِهِ العَدَمُ
يُرِيْدُ حَتْفَكَ مَا أَغْبَاهُ مِنْ نَجِسٍ
وَكَيْفَ يَرْشُدُ مَنْ تَسْتَحْقِرُ البُهُمُ
وَكَيْفَ يَعْلَمُ هَذَا المُمْتَرِي سَفَهًا
أَنَّ الشَّهَادَةَ تُحْيِي وَالرَّدَى يَصِمُ
مَا مُتَّ فِيْنَا وَمَاتَ الجُلُّ مِنْ وَجَلٍ
بَلْ زِدْتَ قَدْرًا وَزَادَ العَزْمُ وَالشَّمَمُ
قَدْ عِشْتَ رَمْزًا لأَهْلِ العِزِّ قَاطِبَةً
وَقَدْ قَضَيْتَ وَأَنْتَ الرَّمْزُ وَالعَلَمُ
لَئِنْ تَصَرَّمَ عَهْدٌ وَانْقَضَى أَجَلٌ
فَإِنَّ عَهْدَكَ فِينَا لَيْسَ يَنْصَرِمُ
وَلَيْسَ يُجْحَدُ عِنْدَ النَّاسِ قَدْرُكُمُ
وَلَيْسَ تُنْكَرُ عِنْدَ الخَالِقِ الهِمَمُ
أُسْدَ الكَتَائِبِ هِذَا اليَوْمُ يَوْمُكُمُ
اشْفُوا الصُّدُورَ فَإِنَّ الحُرَّ يَنْتَقِمُ
هَذَا المُؤَسِّسُ قَدْ غَالتْهُ شِرْذِمَةٌ
مِنَ القُرُوْدِ وَغِيلَتْ قَبْلَهُ القِيَمُ
وَالفَاجِرُ الغِرُّ مَزْهُوٌّ بِمَا اقْتَرَفَتْ
مِنْهُ اليَدَانِ سَيَزْهُو فِيهُمَا النَّدَمُ
دُكُّوُا العَدُوَّ وَهُزُّوا الأَرْضَ تَحْتَهُمُ
لا تَنْثَنُوا وَجَلاً فَالخَاسِرُونَ هُمُ
وَأَطْلِقُوا مِنْ شَدِيدِ البَّأْسِ عَاصِفَةً
تَأْتِي عَلَيهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُمْ ظَلَمُوا
لا يَعْدِلُ الثَّأْرَ فِي يَاسِينَ كُلُّهُمُ
هَلْ يَسْتَوِي كُلُّ دُودِ الأَرْضِ وَالحَرَمُ
وَإِنَّمَا الثَّأْرُ لِلْكُرْسِيِّ فَانْتَقِمُوا
وَلْيَصْدُقُ الفِعْلُ فِيكُمْ مَا يَقُولُ فَمُ
تَمْضِي حَمَاسُ عَلَى آثَارِ قَائِدِهَا
وَتَسْتَمِرُّ بِهَا فِي كَفِّهَا اللُّجُمُ
الخَيْلُ تَرْكُضُ وَالقَسَّامُ فَارِسُهَا
وَالسَّيْفُ يَرْدَعُ مَنْ لا يَرْدَعُ الكَلِمُ
دَمُ الشَّهِيْدِ يَخُطُّ اليَوْمَ مَرْحَلَةً
مِنْ الجِهَادِ وَفَصْلاً حَدُّهُ الخَذَمُ
يَا مَنْ تَغَارُ وَيَا أَحْرَارَ أُمَّتِنَا
عُوْدُوا إِلَى الحَقِّ إِنَّ الحَقَّ عِزُّكُمُ
القُدْسُ تَهْتِفُ وَالأَقْصَى يَصِيحُ بِكُمْ
وَالطِّفْلُ يُسْمِعُ مَنْ فِي أُذْنِهِ صَمَمُ
لَيْتَ الذِّيْنَ بِدَعْوَى السِّلْمِ فِي خَتَلٍ
تَعُودُ عَنْهُ وَدَعْوَى العِزِّ تَلْتَزِمُ
مَا كَانَ أَخْلَقَكُمْ أَنْ تَنْصُرُوا وَطَنًا
عَاثَ العَدُوُّ بِهِ وَاسْتَفْحَلَ الوَخَمُ
لا كَالمَشَايِخِ فِي البَلْوَى وَقَدْ بَطِنُوا
شَلُّوا اللِسَانَ وَصَمُّوا سَمْعَهُمْ وَعَمُوا
وَقَادَةُ الذُّلِّ كَالأَصْنَامِ خَائِرَةٌ
لَوْ كَانَ يَغْضَبُ مِنْ إِذْلالِهِ الصَّنَمُ
يَسْتَعْصِمُونَ بِأَمْرِيكَا وَمَا عَلِمُوا
أَنَّا بِحَبْلِ إِلَهِ الكَوْنِ نَعْتَصِمُ
وَأَنَّنَا كَالبُزَاةِ الصِّيدِ مَطْعَمُنَا
أَعْلَى الجِبَالِ فَلا غَثٌّ وَلا رَمَمُ
هُمَا الجَنَاحَانِ فِي الآفَاقِ تَرْفَعُنَا
وَهَلْ سَيَرْفَعُ إِلا الدِّينُ وَالشِّيَمُ