حَانَ الرَّحِيـــلُ وَدَاعَــاً يَا مُحيَّــــاهُ
حَيَّــا الزَّمَــانَ الذِي أَغْنَى وَحَيَّــــاهُ
أَسْــتَوْدِعُ اللهَ مَنْ فِي العَيْنِ مَنْزِلُـهُ
مَهْمَا يَغِيبُ وَمَنْ فِي الرُّوحِ سُـكْنَاهُ
أُكَابِـــرُ الْجرحَ لا أَقْوَى عَلَى أَلَمِي
وَأُكْذِبُ القَلْـــبَ أَنَّــــا قَدْ نَسِـــــينَاهُ
لا الوَجْدُ يَشْفَعُ فِي عَيْنِ الأَسَى لِغَدٍ
وَلا اللِقَـــــاءُ سَـــيَحْيَا إِنْ بَكَيْنَــــاهُ
أَكَادُ وَاللَهْفَـــةَ الْحَرَّى عَلَى أَثَرِي
يَضُــمُّنا مِنْ ذُهُـــولٍ فِيـهِ مَعْنَـــــاهُ
وَا تِيهَ دَرْبِي ، عُيُونِي أَغْرَقَتْ سُفُنِي
وَرَاوَدَتْنِي لِنَوءِ الرِّيحِ عَيْنَـــاهُ
أُسَـــافِرُ العُمْرَ مَأْسُــورًا بِأَجْنِحَـــةٍ
فِي أُفْقِـــهِ شَغَفًا مَا انْفَــكَّ يَأْبَــــاهُ
فَيَا مَدَى الكَوْنِ هَلْ فِي الكَوْنِ مِنْ وَطَنٍ
يَأْوِي إِلَيْــهِ كَسِــيرُ القَلْبِ مُضْنَـــاهُ
وَهَلْ يَضُـــمُّ لِدِفْءِ الصَّـدْرِ أَوْرِدَةً
تَحْنُــو عَلَيــهِ بَأَنَّ الْحُزْنَ مَجْــــرَاهُ
رُحْمَــاكَ رَبِّي ، أَنِيْنُ البَيْنِ يَسْـحَقُنِي
وَيَسْــتَبِيحُ مِنَ الإِحْسَـاسِ أَقْصَــــاهُ
أَجْرَى النَّوَى بِدَمِي رُوحًا تَهِيــمُ بِهِ
فَمَا تَجِفُّ جُفُونِي عِنْدَ ذِكْـــرَاهُ
بَاتَتْ عَلَيْـــهِ رُؤَى الأَحْلامِ وَالِهَــةً
وَالذِّكْرَيَـــاتُ تُذِيـــبُ القَلْــبَ وَالآهُ
يَضُمُّ جِفْنًا عَلَى شَوكِ السَهَادِ هَوَى
لَعَلَّ طَيْــفَ الذِي يَسْبِيهِ يَلْقَـــــاهُ
رَعَى الْمُهَيْمِنُ عَهْدَ الوَصْلِ إِنَّ غَدِي
يَكَادُ يَقْضِي أَسَىً بِاليَاْسِ لَولاهُ
قَدْ أَخْصَبَ العُمْرَ مِنْهُ عَارِضٌ كَلِفٌ
رَوَّى الفُــؤَادَ بِفَيْضٍ مِنْ سَــــجَايَاهُ
وَقَدْ أَذَاقَ مِنَ الشَّهْدِ الشَّــهِيِّ فَمَــا
ذَاقَتْ كَشَـــهْدِ حَبِيبِ القَلْــبِ أَفْــوَاهُ
تألُّــــقُ الــــدُّرِّ بَعْضٌ مِنْ تَأَلُّقِــــــهِ
وَاليَاسَــــمِيْنُ بَقَايَـــا مِنْ بَقَايَـــــــاهُ
فَالفَجْرُ وَالبَدْرُ وَالأَزْهَارُ مِلْكُ يَــدٍ
وَالطَّهْرُ وَالفَخْرُ وَالأَشْــــعَارُ وَالْجَاهُ
تَرَقْرَقَ النَّحْلُ لِلْبُسْــتَانِ فِي وَلَــــهٍ
يُلامِسُ الثَّغْــرَ كَي يَحْظَى بِرَيَّــــاهُ
فَمَا تَسَاقَى رَحِيقَ الْهَمْسِ فِي شَــفَةٍ
إِلا سَـــرَابًا بِعَـــذْبِ اللَّفْظِ أَغْــــرَاهُ
وَاليَوْمَ نَمْضِي وَعَيْنُ الدَّرْبِ زَائِغَةٌ
وَالدَّوْحُ أَقْفَـــرَ وَالأيَّـــامُ أَشْـــــــبَاهُ
أَشْـــكُوْ إِلَيْـــهِ وَلا أَشْكُوهُ مِنْ عَتَبٍ
أَخْشَى عَلَيهِ مِنَ الشَّكْوَى وَأَخْشَـــاهُ
أَشْـــكُو إِلَيْــهِ بَأنَّ الهَجْــرَ يَهْصِرُنِي
وَالصَّبْرُ عَزَّ وَدَاعِي الشَّـوْقِ أَرْدَاهُ
فَإِنْ تَوَلَّى أَعَــادَ الرُّوحَ فِي جَسَـــدٍ
وَإِنْ تَوَلَّـــى فَعَيْـــنُ اللهِ تَرْعَـــــــاهُ