" مشاعر ومشاعر"
عندما خرجت من الرياض متجها نحو مكة تداعت ذكريات جمة وخيالات شتى رغم أن الطريق ابعد من طول حبل الذكريات أودية وجبال وسهول وصخور واستراحة للحافلة ينقطع عندها شريط الذكريات الطويل . ولكن هل يستريح الخاطر وينعم البال ومتعلقات الذهن الشاردة . تسوق أمامها ركاما من الخيال ثم تؤلف بينه فترى من هذه الأخلاط والأمشاج يخرج منها ودق الحنين للبيت العتيق. رغم طول الطريق .. وتستمر الحافلة حتى ميقات السيل الكبير بالطائف ورحلة الحبيب إليها ماثلة في طرقاتها... الطائف وعنقود عنب عدّاس وحباته النضيدة المرصوصة كأنها لا زالت في بساتينها
ودخلنا مكة وما أدراك ما مكة ؟؟ يا لروعتها ساعة المساء ؟؟ ويا لنضرتها في إبكار الصباح بالصيف والشتاء ؟؟؟ ومسير رحلة الشتاء والصيف وعبق يعج بها من دار الأرقم ... وسلسال عطر يضوع من غار حراء.. وثبات منثور في شعب أبي طالب .. وحكاية التنزيل وفضاء التنزيل .. وجمال الترتيل ... وليالي الأمين جبريل.. وأحاديث الخليل... "والله لولا أن اهلك أخرجوني منك ما خرجت...." "ما أنا بقارئ " "يا قومنا أجيبوا داعي الله" كلمات تسري في فضاء البلد الأمين .. في كل شبر منها قصة وفي كل د رب من دروبها حكاية . وفي كل شعب من شعبها رواية . في جنبات البيت . وحول البيت صيحات بن مسعود "الرحمن * علم القران" وصرخة أبي بكر "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " وفي عرفاتها لا زالت ترن " لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا " وعند ثنياتها وبين دروبها ما زلت اسمع " من دخل دار أبي سفيان فهو امن " ومسامعي طابت لقول الكريم (اذهبوا فانتم الطلقاء" كلها أحاسيس ومشاعر إنسان في مشاعر المكان والزمان يختلجان يعتلجان تتراءى لي عابرة بين الركن والمقام . وبين عرفة والمشعر الحرام . وفي ساحات منى والسعي والطواف....... شريط ممزوج بعبق الماضي الجميل وحافلة تمضي آيبة إلى دنيا الناس عائدة من بقاع الطهر الخالدة ...... وربما..... تعود كل عام
عند المشاعر ِكم فاضت مشاعُرنا والنفسُ نحو العلا بين المجراتِ يا سعدَ مكةَ ما جالَ الحجيجُ بها وفاضَ من طهرِها نبع ُالمسراتِ نسيتُ كلَ الملماتِ التي جُمعتْ وصرت ُاهزأُ من تلك الملماتِ لما ارتأيت جبال النور يا قومي ترنّح َالشوقُ موصولاً بلوعاتِ كأنما الشوق قد صاح المسير به أسرجْ بخيلك للدورِ العفيفاتِ يا سائرين إلى عرفاتِ في وجلٍ وآملين من الرحمنِ رحَماتِ وتاركين عيونَ الناسِ في سنةٍ ورافعين أكفاً في ابتهالاتِ وقد تَخلّقَ في إحرامكم عبقٌ ما بين سعيٍ وإحرام بميقاتِ وكالنسائمِ هبتْ من بواعثكم ومنطقُ القومِ تكبيرا بصيحات بياضُ وجهٍ علا الحانَ تلبيةٍ فغردَ الطيرُ يا قومي "تحياتي " وذي البلابلُ كم غنّت ْلقافلةٍ ومطلعُ البدرِ من طورِ الثّنيّاتِِ كأن مصعبَ في محرابه يهفو وابنَ الوليد وعمار بعرفاتِ ومع الحجيجِ أفاض بلالُ سيدُنا يا روعةً خلتُها تُشجي خيالاتي وتأسر النفس في إجلال فرحتها وسلسبيلُ الهوى ماض ِ بأوقات يا سائلي عن دموعِ يوم تروية كم اجدبَ الجفنُ وانسابت حبيباتي وانهدَّ في اللحظ ِبركانُ الهوى عجبا لما استوى الدمعُ في محراب أناتي ثاوٍ على صخرها والسعدُ يغمرني فأسكرتني أنا في العقلِ والذاتِ فصرتُ ارقبُ ساعاتِ المنى شوقا طابَ المبيتُ وكم طابتْ عذاباتي بين الخيامِ كأن اللهَ أمطرها نورا ومعنى التقى يطوي المسافاتِ هذي المشاعرُ أحلامي التي بزغت وعبقريُّ الندى في صبح مولاتي
ابو خلاد هشام فتحي
مصر – المنيا= مطاي- الكوادي