المدينة .. قرع حزين على بوابة القلب
للشاعر / أحمد طارش خرصان
تئنُ المدينة حين نهاجمها بالأحاديث
حين نسوّرها بالصراخ
وحين تداعبها نسوة بالبكاء
نراها المدينة ...لابسة ً ثوب أحزانها
والمساء الذي يصهر البؤسٌ أركانه
خاض معركة ، فانتهت بالفناء .
تئن المدينة ...
تُفرِغ جام صباحاتها في الممرات
وتنثر وهج اِنكساراتها في الفضاء .
ونرجع ثانية
نستظل بناياتها من لظى الانحناء
ونطفو كقطعة فلين
حين تملّ كرامتنا الارتقاء ْ.
تئن المدينة ...
حين أُقِـر بذنبي _ ولا ذنب لي _
منذ أن رسمتُ في الحـــروب
مقاعــــد للبشر الخـــــائفين
وملكا ً يخضِّب أنصاره بالدماء
* * *
تئن المدينة ... ماذا تركنا لها ؟
غير تنهيدة عبرت بابها ..
فارتمى بين أحضانها فيلق من دموع
المدينة ...
هلآّ وضعتَ لها قُبلة ً في (الزقاق)
وبايعتَ أطفالها
واستمعتَ الى بوح موالهم كالشموع
سرى الوجد فيك
فألفيته في الطريق ، وزودته من صنوف البكاء.
* * *
تئن المدينة ... يذكرها الطفل
اِن مرّ في طيفه اللحن ُ واستنفرتهُ جيوش البقاء
أتدخلها كالشقاء المسافر في الأرض
أم كالندى ...
كالتلال التي اِدخرت شوقنا
كالخريف ...
الذي ظل ّ يشكو الى الغيم أوراقه الساقطات
كالسنين التي نامت الآن هاجعة
واحتوت وجع الكائنات ...؟
تئن المدينة ..
والليل يتلو حكاياته الباليات
ويتخذ الأنجم النيّرات
حصى ً يستفز بها القادمين
فيطرحهم عرضة ً للشـــقاء .
* * *
تئن المدينة ...
تعدو الى صوتك الآت
تتبعها صِــبية الحي
تسقط فوق صدى ً ميت ٍ ، ثم تذكر ما مر ّ من حلم ٍ
حينما كان للعشق أفئدةُ من طيور
توسّــدها جرحنا
جرح تلك الديار التي تَنْصُب ُ الآن راياتها
والرسوم التي تحرق القلب نيرانها
والصغار ..
تـُـرى هل هوت ْ كل تلك اللحون الجميلات
أم أنها حلقت في السماء ... ؟
* * *
تئن المدينة ...
وهي تخيط زجاج نوافذها
- خوف أن يدهس البرد أطفالها -
كلما حدّقتْ في البعيد
رأتك المُوشّى بـأحلامها
والحروف القناديل أُغنية في العراء...