قال العباس بن الأحنف:
جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرى ..... وفاضت له من مقلتي غروب
وماذاك إلا حين خبرت أنه .............. يمر بواد أنت منه قريـــــب
يكون أجاجا ماؤه فاذا أنتهى .............. اليكم تلقى طيبكم فيطيب
فياساكني شرقي دجلة كلكم ....... إلى القلب من أجل الحبيب حبيب
يفرح الانسان بالسيل لاأن يبكي منه او بسببه مالم يكن هذا السيل حدث بأسباب كارثية مثل تسونامي او فيضانات او ماأشبهها من الكوارث , أما السيل في الاوقات الطبيعية وخاصة في مثل منطقتنا فهو يضفي الفرح والبهجة والسرور ..
وشاعرنا هنا سبّب له السيل البكاء !! , كيف لا تنزل الدموع ؟!
كيف لايتسبب السيل بفيض تلك الدموع كالغروب , دموع تزيد الى السيل سيلا !. إنها دموع الحب .. دموع لذكرى الحبيب ... تضاف الى ذلك السيل الذي يمر بواد قرب الحبيب , بواد يقف على ضفافه الحبيب الذي يطيب بوجوده كل شيء حتى أجاج الماء يعود عذباً طيبا !! ..
المحب يحب كل مايمت الى الحبيب بصله , يحب الهواء ليس لانه يتنفسه هو , بل لأن الحبيب يتنفسه فتستمر حياته , يحب المكان ليس حبا فيه بل حبا للحبيب الذي سكنه , يحب الناس للحبيب فيهم نسبا ووجودا , يحب كل من سكن ناحية من الارض لسكنى الحبيب هناك ..!!
ألم يقل الشاعر :
أمر على الديار ديار ديار ليلى ... اقبل ذا الجدار وذا الجدار
وماحب الديار شغفن قلبي ..... ولكن حب من سكن الديار
وقال آخر:
ياحبذا جبل الريان من جبل .... وحبذا ساكن الريان من كانا
وقال المجنون :
وكبرت للتوباد حين رأيته .. وهلل لي التوباد حين رآني
يقال أن الشعر يوحيه ( الحب والحرب والموت ) وشاعرنا ( العباس بن الأحنف أوحى الحب بشعره ولم يكن في شعره مداحاً ولاهجاءً , اختص بشعر الغزل .. شعر الحب .. شعر العشق .. فلا غرابة أن يستبكيه السيل او ان يحب المكان والزمان والناس لعلاقة كل ذلك بمن يحب ..