عَدَلت فأمِنْت فنِمْت يا عمرُ
أرسل ملكُ الفُرس رسولاً إلى عمرَ بنِ الخطّاب ((رضي الله عنه)) فلما دخلَ المدينةَ سأل أهلَها
أين ملكُكم ؟
فأجابوهُ : ليسَ لَدينا ملكٌ بل لنا أمير ! وقد ذهب إلى ظاهرالمدينة .
فذهبَ الرّسولُ في طلب عمرَ ((رضي الله عنه)) فرآه نائمًا في الشّمس على الأرض فوق الرّمل وقد وضع عصاه كالوِسادة ، والعرقُ يتصبَّبُ من جبينه .
فلمّا رآه على هذه الحالة وقع الخشوعُ في قلبه وقال : رجل تهابه جميعُ الملوك وتكون هذه حاله
ولكنّك عَدَلت فأمِنْت فنِمْتَ ياعمر
وقد أسلم رسول ملك الفرس بعد ذلك .
قلتُ : قد صور الشاعر حافظ إبراهيم هذا الموقف بهذه الأبيات الشعرية الرّائعة كما في الدّيوان ص 437 :
وَرَاعَ صَاحِبَ كِسْرَى أَنْ رَأَى عُمَراً ... بَيْنَ الرَّعِيَّـةِ عُطْـلاً وَهْـوَ رَاعِيهَا
وَعَـهْدُهُ بِمُلُـوكِ الفُرْسِ أَنَّ لَهَـا ... سُوْراً مِنْ الجُنْدِ وَالحُرَّاسِ يَحْمِيْـهَا
رَآهُ مُسْتَغْـرِقـاً فِي نَـوْمِهِ فَـرَأَى ... فِيْـهِ الجَلاَلَةَ فِـي أَسْمَى مَعَانِيْـهَا
فَوْقَ الثَّرَى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلاً ... بِبُرْدَةٍ كَـادَ طُـوْلِ العَـهْدِ يُبْلِيْهَا
فَهَـانَ فِـي عَيْنِهِ مَا كَانَ يُكْبِـرُهُ ... مِـنَ الأَكَاسِرَ وَالدُّنْيَـا بِأيْدِيْـهَا
وَقَـالَ قَـوْلَةَ حَـقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً ... وَأَصْبَحَ الجِيْلُ بَعْدَ الجِيْلِ يَرْوِيْـهَا
أَمِنْتَ لَمَّا أَقَمْــتَ العَـدْلَ بَيْنَهُمُ ... فَنِمْتَ نَوْمَ قَرِيْرِ العَيْـنِ هَانِيْـهَا