أحدث المشاركات
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 23 من 23

الموضوع: الارهاصات والبشائر والمعوقات

  1. #21
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    2

    ......وكأني بالشيخ العصري المبهور بالعولمة لم يقرأ القرآن الكريم في حياته، ألم يقرأ وصف القرآن لأهل الكتاب بالكفر؟ لذا فأذكره ببعض آيات من سورة " المائدة ": ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسـيح ابن مريم) ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) ( لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة ) ( لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ) وفي مخاطبتهم قال تعالى في سورة " الكافرون " مُعَلِمُناً وآمراً إيانا كيف نخاطبهم بالأمر الصريح: " قل " حين قال:( قل يا أيها الكافرون* لا أعبد ما تعبدون* ولا أنتم عابدون ما أعبد* ولا أنا عابد ما عبدتم* ولا أنتم عابدون ما أعبد* لكم دينكم ولي دين* ) وحدد مصيرهم المحتوم في قوله تعالى من سورة " البينة ": (إنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شَرُّ البرية*)

    فهل يا شيخنا الفاضل نقوم بحذف سـورة " الكافرون " ومئات الآيات التي تصف النصارى واليهود بالكفر، وذلك في طريقه لاستحداث قاموس فقهي عصري للمصطلحات الشرعية ولألفاظ القرآن الكريم، لكي يتفق القرآن والفقه مع حداثة وعولمة أهل الصليب الكفار شر البرية كما يصفهم القرآن، الذين لم يتورعوا في وصف الإسلام والمسلمين بأوصاف الشر والإرهاب....(1)، ووصف رسولنا وديننا بأحط الأوصاف، وأشهروا سيوفهم في وجه ما يصفونه أنه الإرهاب الإسلامي والإرهابيين المسلمين والأصولية الإسلامية، وأوسعوا المسلمين في أقصى العالم وأدناه قتلا وتشريدا، واستباحوا حُرُمات وأموال المسلمين وأعراضهم في فلسطين والعراق والبلقان والفلبين وأفغانستان والعراق وكشمير والهند وأوزباكستان وفي كل بقاع الدنيا.

    وأنصح الشيخ الفاضل والنصيحة من الايمان أن يرجع لدراسة أبحاث وكتب : الشافعي وأبي حنيفة وتلميذاه أحمد وأبي يوسف، وابن تيمية ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل وحسن البنا وعبد القادر عوده وسيد قطب ومحمد قطب وتقي الدين النبهاني وعبد القديم زلوم وابن كثير والفخر الرازي والطبري والقرطبي والجلالين وابني قدامة وابن قيم الجوزية وابن الجوزي والماوردي وابن حزم والخطيب البغدادي والنووي والآمدي والذهبي والسرخسي وأبو نعيم والعسقلاني والشهرستاني والفيروز أبادي وابن خلدون والصحاح الستة والمساند.... وغيرهم من أمهات كتب أعلام الإسلام التي تصفهم: ( أهل الذمَّة والكفار ) بما لا يتفق مع عصر العولمة، والتي لم تعد مقبولة مع إخوانه وليس إخواننا من الأقليات الكافرة، مع التنبيه إلى أن الإسلام يفرض علينا أن لا نتخذ غير المسلمين كإخوان لنا، فأخوتنا الوحيدة هي أخوة الإسلام، أما القومية والوطنية فهما رابطتان فاسدتان لا تصلحان للربط بين البشر والأخوة معهم، وقد نبهنا رسولنا لفسادها وعدم الأخذ بها في أحاديثه الداعية لذم وتحريم دعاوى العصبية القبلية النتنة في قوله: " دعوها فإنها جيفة منتنة "، و لا مجال لاستعراض الأحاديث المتعددة في ذلك هنا، وأنبه أن الكافر الصليبي المستعمر قد تمكن من القضاء على دولة الخلافة بإثارة دعاوى ونعرات القوميتين العربية والطورانية، فتخلى كل من العرب والأتراك عن أخوة الإسلام، أخوة بعضهم للآخر حين حُمِّلوا دعاوى ونعرات الجاهلية أي القومية فتحولوا من أخوة متحابين إلى أعداء متناحرين مما سهل للكافر الصليبي المستعمر القضاء على دولة الخلافة، ونحن كمسلمين نرفض ونحتقر الدعوة إلى القومية والوطنية ونحتقر الداعين لها، والرابط الوحيد بيننا هو اعتناق الإسلام فقط.

    وقد سبقه لذلك السفيه الوقح المُرتد معمر القذافي رئيس دولة ليبيا الذي طالب بصفاقة بإلغاء السنة النبوية الشريفة، وحذف كلمة ( قل ) من القرآن الكريم لأنها مخاطبة للرسول والرسول قد مات، فخرج بذلك من ملة المسلمين واستحب الكفر على الإيمان غير مأسوف عليه.

    وأذكر الشيخ العصري الداعي لتطويع أحكام وألفاظ الإسلام لتتوافق مع العولمة الكافرة، ولكي تناسب مزاج الكفار شرّ البرية، بقوله تعالى وفي سورة المائدة أيضا: ( لتجدن أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا أليهود والذين أشركوا ولتجدَنَّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورُهبانا وإنهم لا يستكبرون*) ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون* أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حُكما لقوم يوقنون* يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين*)

    لقد أعلمنا الله تعالى أن أمثال هؤلاء اللاهثين وراء تطويع أحكام الإسلام لتلائم أذواق الكفار شر البرية، ولتتناسب مع الحداثة وعصر العولمة لن ينالوا رغم ذلك رضا الكفار، قال تعالى: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم.) وهم أشد خطراً على الإسلام من الكفار أنفسهم، خاصة وقد اعتلوا المنابر، وسلطت عليهم الأضواء، وتلقفتهم الفضائيات، وبناء على خطرهم الشديد أرى أن يعامل مثل هؤلاء كأعداء لله ودينه، وأن تكشف أحوالهم للناس، وأن يكشف للناس بعد فتاواهم عن الإسلام، حتى لو أدى ذلك إلى كشفهم بالاسم، كيف لا وهم من أخطر العثرات والمعوقات والموانع، لا بل هم أشد خطراً على الدعوة من الكفار أنفسهم، ويجدر أن ننتبه إلى أنّ معظم هؤلاء هم ممن يعلمون بفساد فتاواهم، مثال ذلك الفتاوى المتعارضة لشيخ الأزهر في موضوع الربا، والفتاوى المتعارضة في نفس الموضوع للشيخ شلتوت، وغيرهم.

    يقول الشيخ بن لادن: ( قال تعالى: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم. وأما علماء السوء ووزراء البلاط وأصحاب الأقلام المأجورة وأشباههم فكما قيل: لكل زمان دولة ورجال. فهؤلاء رجال الدولة الذين يُحَرفون الحق ويشهدون بالزور حتى في البلد الحرام في البيت الحرام في الشهر الحرام ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويزعمون أن الحكام الخائنين ولاة أمر لنا ولا حول ولا قوة إلا بالله. يقولون ذلك من أجل تثبيت أركان الدولة، فهؤلاء قد ضلوا سواء السبيل فيجب هجرهم والتحذير منهم. وإنما تركز الدولة على علمائها وتظهرهم في برامج دينية للفتوى من أجل دقائق معدودة يحتاجهم فيها النظام كل مدة لإضفاء الشرعية عليه وعلى تصرفاته كما أباح الملك بلاد الحرمين للأمريكيين فأمر علمائه فأصدروا الفتوى الطامة التي خالفت الدين واستخفت بعقول المسلمين والمؤيد لفعله الخائن في تلك المصيبة العظيمة، والأمة اليوم إنما تعاني ما تعانيه من مصائب وخوف وتهديد من جراء ذلك القرار المدمر وتلك الفتاوى المداهنة.)(2)

    (1) ورد في جريدة " القدس " بتاريخ 14.02.1424هـ الموافق 16.04.2003م. نقلا عن رويترز/ واشنطون: أبدى المسلمون العاملون في وزارة الدفاع الأمريكية غضبهم مما قالوا أنه دعوة تفتقر إلى الذوق وجهت إلى القس فرانكلين جراهام الذي وصف الإسلام بأنه " دين شـــــرير للغايه وخطير"عقي احداث 11 أيلول 2001، لالقاء عظه في يوم الجمعه الحزينة السابق على عيد القيامه في البنتاغون.
    (2) - الشيخ أسامة بن لادن – خطبة عيد الأضحى 1423 هـ . نقلا عن: WWW.1924.org.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #22
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي #22-25 .......25

    في التكتلات الفاسدة


    ولجميع متا تقدم وجب أن نعود لدراسة واقع كل تلك التكتلات والجماعات والأفراد كل على حده، ومدى خطرها على الدعوة، ومدى عمالتها بصورة أو أخرى للكفر، ونوعية ارتباطها بأنظمة الحكم وأجهزة المخابرات، لكي نعمل على إزالة خطرها على الدعوة. ومن الممكن، بل من ألأفضل أن نقوم بواجب نصحهم وتنبيههم أولاً لخطورة ذلك وحُرْمُتِه، ومن ثم ـ إن لم يُغيروا خط سيرهم ويلتزموا بما يُمليه عليهم كونهم مُسْلِمين ـ تنبيه الأمة لخطر تلك التكتلات عليها، وأن نكشف للأمة واقع ارتباطاتها المشبوهة، وأنبه هنا أن العمالة للكفر وفكره لا يُشترط فيها التعاون المقصود من المتعاون معهم، بل قد يكون الشخص عميلا بغباء فاحش لجهله وسطحيته وعدم وعيه واستنارته، حتى أن بعضهم يحسب أنه يُحْسِنُ صُنعا.
    وشاهد ذلك استغلال أمريكا لبعض المسلمين أفراداً وجماعات من الذين باشروا جهاد الكفار الروس المحتلين الغزاة في أفغانستان فمدتهم بالمال والسلاح والدّعم مما أدى إلى عمالتهم لها وهم يحسبون أنهم يُحسنون العمل، فما أدى لعمالتهم الغير مقصودة من معظمهم هو غبائهم وعدم وعيهم السياسي والفقهي حتى وإن أطالوا لِحاهم وتزيوا بلبس الدشداشة والعمامة، في حين أن بعضهم امتهن العمالة والخيانة بقصد وتصميم وبسابق علم لتحقيق مكاسب دنيوية آنية. وبعد الخلاص من الكافر المستعمر الروسي انقلب هؤلاء وأولئك إلى بُغاة يضرب بعضهم برقاب الآخر في معارك عِرقية قبلية عصبية باغية، ومن ثم استغلال أمريكا لهم في غزوها الصليبي على أفغانستان، وقتالهم إخوانهم المسلمين (طالبان) ليسلموا أمريكا بلادهم لقمة سائغة يستعمرونها ويقتلون أهلها، وينتهكون حُرُماتها جراء خياناتهم لله ورسوله وجماعة المسلمين.
    ونفر آخر انتهج سبيل التوفيق بين الإسلام والأفكار والعقائد الكافرة، فنادى بعضهم بتعانق الهلال والصليب، واشترك البعض الآخر في مؤتمرات التوفيق بين الإسلام والأديان الأخرى بمباركة وإشراف بابا الفاتيكان وقساوسة النصارى وأجهزة المخابرات الكافرة.
    وتبرع آخرون لمحاولة إثبات ديموقراطية الإسلام واشتراكية الإسلام، وتمييع فهم واقعة الطير ألأبابيل والحجارة من سجيل في سورة الفيل ففسروها بالجراثيم والميكروبات المعروفة في عصرنا، ونفي أن الإسراء قد كان بجسم وجسد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل حرفوه أن ذلك تم بالروح فقط ( أي بأحلام ) ،تطويعاً منهم لآيات الله القطعية الثبوت والدلالة، لصرفها عن حقيقتها كمعجزة من معجزات الرٌّسُل إلى ما يتلاءم مع ذوق الكفار شر البريه. هؤلاء اللذين ردّ عليهم أمير الشعراء قائلا:

    يتسـاءلون وأنت أعظم هيكلٍ بالروح أم بالهيكل الإسراء
    بهما سـموت مطهراً وكلاهما نورٌ وروحـــانية وبهاء
    فضل عليك لذي الجلالة ومنة والله يفعل ما يرى ويشـاء

    وآخرون طفقوا بتطويع أفكار الإسلام وأحكامه ليقاربوها لأفكار الكفر فحاولوا تحريف أحكامه لتتفق مع أفكار الغرب الكافر، فنادوا بحرية المرأة، وطالبوا بتغيير الحكم الشرعي في معظم أحكام النظام الاجتماعي في الإسلام من مثل أحكام الطلاق وأحكام تعدد الزوجات وأحكام سفر المرأة بصحبة محرم وأحكام الاختلاط والسفور والنشوز وأحكام الحياة الخاصّة والحياة العامّة، التي أعملوا فيها مشارطهم في عمليات جراحية تشويهية لتتوافق مع مقتضيات عمالتهم الفكرية للكافر الصليبي، وتغنوا بالحريات الرأسمالية وخاصة الحرية الشخصية المؤدية لانحلال المجتمع وفساده، وقسم امتهن فبركة الفتاوى الفاسدة فأحلّ ما حرّم الله وحَرّم ما أحل، فكل هولاء هم عملاء للكافر وفكره، قصدوا ذلك أم لم يقصدوا.
    وقسم لم يرَ ضيراَ في الاتصال بأعداء الله وأخذ المعونة منهم متجاهلاً منع الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، بقوله: ( لا تستضيئوا بنار المشركين)، والاتصال بالحكام العملاء والتعاون معهم في محاولة منهم لتصحيح أوضاع جزئية !!! وحامل الدعوة العامل لتغيير الأوضاع، يُشترط فيه الوعي والكياسة والفطنة والاستنارة، ولا يكفي الإخلاص والورع بدون الوعي والاستنارة، وان عدم توفر الوعي والاستنارة والتقيد التام الغير منقوص بالحُكم الشرعي والطريقة التي انتهجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تغيير الأوضاع، سيؤدي حتماً إلى خطأ العمل وفشله الذريع. ومثال ذلك ما أشار إليه فضيلة الشيخ حسن البنا أنه تلقى تبرعاً بقيمة 300 جنيه من السفير الإنجليزي حين بناءه مكتب الإخوان في الإسماعيلية ! نسأل الله تعالى لأخانا الشيخ حسن البنا الرّحمة والمغفرة، وأن يجمعنا به في جنان النعيم مع الأنبياء والشهداء والصالحين.
    وفي سياق البحث في التكتلات القائمة في بلاد الإسلام ممن انتهج نهجاً مخالفاً للطريقة التوقيفية، ننوه لحركات استغلها أعداء الله من الحكام العملاء واستغلها الكفار المستعمرين مباشرة، وذلك بهدف تنفيذ مآرب معينة مستغلين في تنفيذها تلك التكتلات وزعمائها، من تلك الحركات، وكان أشهر وأخطر تلك الحركات كان " الحركة الوهابية " التي استعان بها السعوديون عملاء الإنجليز في محاربة الإسلام، وشق عصى الطاعة على دولة الخلافة.
    وقبل تأسيس مملكتهم، وعندما حاولت انجلترا عن طريق عميلها " عبد العزيز بن محمد بن سعود" ضرب الدولة الإسلامية من الداخل، كان للوهابيين كيان داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود، ثم بزعامة ولده عبد العزيز، فأمدتهم بالمال والسلاح، واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الخاضعة لسلطان دولة الخلافة، أي رفعوا السيف في وجه خليفة المسلمين والعياذ بالله تعالى، وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض وتوجيه وعون من أعداء الله الإنجليز. فكانت الحركة الوهابية من أخطر الحركات التي وجدت في بلاد الإسلام، والتي كان لها اليد الطولى في جريمة القضاء على الخلافة، بعمالتهم الفاحشة لأعداء الله الكافرين.
    وفي ذلك يقول سماحة الشيخ " عبد القديم زلوم " في كتابه " كيف هُدِمَت الخِلافة ": ( ....... وكان معرفاً أنَّ هذه الحملة الوهابية عمل إنجليزي. لأن آل سعود عملاء للإنجليز، وقد استغلوا المذهب الوهابي ـ وهو من المذاهب الإسلامية، وصاحبه " محمد بن عبد الوهاب " مجتهد من المجتهدين ـ، استغلوا هذا المذهب في أعمال سياسية لضرب الدولة الإسلامية، واصطدام مع المذاهب الأخرى، لإثارة حروب مذهبية داخل الدولة العثمانية، دون أن يدرك ذلك أتباع المذهب. ولكن عن إدراك ووعي من الأمير السعودي ومن السعوديين. لأن العلاقة لم تكن بين الإنجليز وصاحب المذهب محمد بن عبد الوهاب، وإنما كانت بين الإنجليز وعبد العزيز بن محمد بن سعود ثم بينهم وبين ابنه سعود. وذلك أن محمد بن عبد الوهاب الذي كان حنبلي المذهب قد اجتهد في بعض المسائل، ورأى أن ما عليه المسلمون من أصحاب المذاهب الأخرى يخالف رأيه في هذه المسائل. فأخذ يدعو لآرائه ويعمل لها، ويهاجم الآراء الإسلامية الأخرى بعنف، فجوبه بالمعارضة والصد من العلماء والأمراء ووجوه الناس، باعتبار أن آرائه تخالف ما فهموه من الكتاب والسنة. فمثلا يقول أن زيارة قبر الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم حرام وهي معصية من المعاصي. حتى أن من يذهب لزيارة قبر الرسول لا يجوز له أن يقصر الصلاة في سفره لأنه مسافر في معصية....)
    وبما أن معظم آراء واجتهادات محمد بن عبد الوهاب قد رآها غيره من أصحاب المذاهب الأخرى أنها آراء خاطئة تخالف ما يفهمونه من الكتاب والسنة، فقد اشتد الخلاف بينه وبينهم حتى نفي من البلاد. ثم يتابع سماحة الشيخ أبو يوسف " عبد القديم زلوم ": ( ..... وفي سنة 1740 التجأ إلى محمد بن سعود شيخ قبيلة عنزة، وكان خصماً لشيخ عيينة يقيم في بلدة الدرعية، وكانت تبعد ست ساعات فحسب عن عيينة. وهناك لقي محمد بن عبد الوهاب حفاوة وترحيباً وصار يبث آراءه وأفكاره بين الناس في الدرعية وما جاورها. وما أن مضت مدة حتى اكتسبت أفكاره وآراءه هذه أنصاراً ومؤيدين، فمال إليها الأمير محمد بن سعود وأخذ يتقرب من الشيخ. وفي سنة 1747 أعلن الأمير محمد قبوله لآراء محمد بن عبد الوهاب وأفكاره، وأعلن مناصرته له ولهذه الآراء والأفكار. وبهذا التحالف بدأت الحركة الوهابية وظهرت للوجود بشكل دعوة وبشكل حكم. فقد كان محمد بن عبد الوهاب يدعو لها ويعلم الناس أحكامها، وكان محمد بن سعود ينفذ أحكامها على الناس الذين تحت أمرته وسلطانه. وأخذت تمتد فيما جاور الدرعية من البلدان والقبائل في الدعوة والحكم، وأخذت إمارة محمد بن سعود تتسع حتى وفق في مدى عشر سنوات إلى أن يخضع لسلطته وللمذهب الجديد رقعة من ألأرض مساحتها نحو ثلاثين ميلاً مربعاً، ولكنه كان اتساعاً عن طريق الدعوة وسلطان شيخ عنزة، ولم يعترضه أحد ولم يخاصمه أحد، حتى أن أمير الإحساء الذي أخرج محمد بن عبد الوهاب من عيينة لم يعارض خصمه في هذا التوسع، ولم يحشد قواته لمحاربته إلا في سنة 1757، ولكنه هزم فاستولى محمد بن سعود على إمارته وصارت سلطة عنزة أي سلطة محمد بن سعود وسلطة المذهب الجديد تحكم الدرعية وما جاورها وتحكم الإحساء............. وصاروا مدعاة قلق وإزعاج لجيرانهم في جزيرة العرب والعراق والشام، وللدولة العثمانية بوصفها دولة الخلافة، وصاروا يحملون السيف لمقاتلة المسلمين لترك ما يعتنقون من آراء غير المذهب الوهابي، ولاعتناق المذهب الوهابي، ويقاتلون الخليفة ويفتتحون البلدان الإسلامية. ثم في سنة 1792 توفي محمد بن عبد الوهاب فخلفه ابنه في منصبه في الدولة بالنسبة للمذهب الوهابي كما خلف سعود أباه عبد العزيز. وهكذا سار الأمراء السعوديون متخذين المذهب الوهابي أداة سياسية لضرب الدولة العثمانية دولة الخلافة، وإثارة حروب مذهبية بين المسلمين.)

    >>>>>>>>>>>>>>>>25

  3. #23
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي


    مختارات
    أثر الروح عند المسلمين
    وأثر فقدانها في الحضارات الأخرى


    الحمد لله الذي أنزل إلينا هذه الحضارة صافية نقية من فوق سبع سماوات فتعرضت لجميع مناحي الحياة فعالجتها، وإلى الإنسان وحاجاته فأشبعتها. الحمد لله الذي عرفنا إلى نفسه من خلال عقيدة عقلية. حكم العقل بصحتها، فبعد أن تتالت النصوص النقلية لتحديد علاقة الخــالق بالمخــلوق، وذلك أن الإنسان وما حوله في هذا الوجود مخلوق لخالق واجب الوجود، واستطاع العقل أن يقف على هذه الحقيقة ويقرها، فكانت الناحية الروحية عند المسلمين جلية واضحة في أبهى صورها، وهي حقيقة راسخة لا ريب فيها، وهي أن الكون وما عليه من إنسان وحياة مخلوق لخالق. فكانت هذه الصلة بين الإنسان وخالقه هي الناحية الروحية عند المسلمين، وكانت هي الأساس الراسخ لإدراك الصلة بالله أنها صلة عبد بمعبود، فكان إيماناً نابعاً عن إدراك، لا إيماناً شعورياً في مهب الريح.
    فإدراك هذه الصلة، أي إدراك كون الأشياء مخلوقة لخالق هو الروح. وأن هذه الروح ليست من الإنسان و لا جزءاً من تركيبه، وإنما من الإدراك نفسه، ومن خلال هذا الإدراك يتقيد المؤمن بكل ما جاء به الوحي من عند الله من أفكار وأحكام طائعاً لله عز وجل وحده لأنه أدرك أنه عبد له وحده. فوجود هذه الروح عند المؤمن يشكل الضابط الأساسي في تقيده بالأحكام الشرعية بشكل ثابت و مستمر، فتجعل سلوكه الدؤوب في إشباع جوعاته سلوكاً منضبطاً بالوازع الداخلي، ومنطلقاً من إيمانه بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [1 ] وذلك رغبةً في نيل رضوان الله ودخول جنته وهروباً من عذابه.
    فما أعظم هذه الروح عند المؤمنين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن التابعين وغيرهم ممن تربوا في ظل خلافة تنمي عندهم هذه الروح وتحرسها من الضعف والضياع! فقد كان لها الأثر الكبير في بناء شخصيات عظيمة متميزة وبناء مجتمعات راقية يشار لها بالبنان.
    وقد أثبت التاريخ الإسلامي على مر العصور أثر هذه الروح في بناء الشخصية الإسلامية المتميزة ذات اللون الواحد والطابع المحدد، وذلك من خلال التزامهم بأوامر الله التزاماً ثابتاً مبنياً على إدراك الصلة بالله عزّ وجل طمعاً بنيل رضوانه سبحانه لا لتحقيق مصلحة دنيوية أو منفعة زائلة، وإنما طاعة لله دون الالتفات إن كان في ذلك ضرر أو نفع، فكان الخير ما أرضى الله والشر ما أسخطه.
    فقد التزم المسلمون بأوامر الله جميعها ولو خالفت أهواءهم، وأقلعوا عن عادات أحبوها وأسرت قلوبهم طوال جاهليتهم؛ فلم يكن ذلك إلا بفضل هذه الروح، فلم يكن الامتناع عن شرب الخمرة مثلاً إلا طاعة لله واستجابة لأوامره، فلم يكن ذلك لمذاق سيئ أو لغلاء سعر أو غيره، وكانت هذه الطاعة مبنية على إدراك الصلة بالله عز وجل، فما أن حرم شربها حتى جرت الخمرة في شوارع المدينة، هكذا كان التزام المسلمين بأوامر الله، وخاصة في زمن الصحابة الكرام وزمن من جاء بعدهم من التابعين، وهكذا يجب أن يكون (إن شاء الله تعالى) التزام الأمة في ظل الخلافة الراشدة القادمة، فتجعل أبناءها متصلين متواصلين مع ربهم، وتكون هذه الروح سبباً أساسياً في بناء شخصياتهم، وقوية حاضرة في كل لحظة من حياتهم، فيتمثل فيهم قوله عز وجل: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)2 ].
    إن غياب هذه الروح و ضعف الإدراك للصلة بالله عز وجل ولو لفترات بسيطة، تضعف المسلم في تقيده بأوامر الله وتجعله عرضة لحبائل الشيطان وعرضة للزلل؛ لأن هذه الروح ليست جزءاً من تركيب الإنسان أو المسلم وإنما هي طارئة عليه آتية من الإدراك ذاته، ولكن المؤمن الحق سرعان ما يفيء إلى أمر ربه فيجدد هذا الإدراك ويستحضر هذه الروح من جديد، فيرجع إلى إيمانه وتقواه، فها هي الغامدية في لحظة غياب هذه الروح وضعف هذا الإدراك فعلت ما فعلت من معصية، و لكنها عند تفعيل هذا الإدراك، أي تجديد هذه الروح أصرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يطهرها بإقامة حد الرجم عليها، خوفاً من عذاب الله، وقد أصرت على ذلك طيلة ثلاث سنوات، ولم يستطع الشيطان أن يردها عن ذلك، فما أعظم هذه الروح! وما أعظم هذه التقوى! عندما تكون مبنية على إدراك الصلة بالله (عز وجل)، أي مسيرة بهذه الروح!
    ولا يغيب عن أذهاننا أثر هذه الروح على ترابط وتراحم المجتمع المسلم، و ذلك من خلال تقيد أبناء هذا المجتمع بالتراحم و التكافل والإيثار وغيره تقيداً دائمياً غير منقطع، ذا وتيرة واحدة طاعة لله وطمعاً بالأجر والثواب من عنده، وذلك أثراً لوجود هذه الروح، فيتسابقون على كفالة اليتيم طمعاً بالأجر والثواب من الله عز وجل لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» ( 3) وأشار بالسبابة والوسطى، كما ويؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وذلك كما آثر الجرحى في جيش المسلمين كلٌ أخاه على نفسه في شرب الماء، رغم عطشهم حتى استشهدوا جميعاً دون أن يشرب أحد منهم . فكان ذلك أيضاً بفضل وجود هذه الروح العظيمة عندهم، كما أن حرص المسلمين على أن لا يبات جار أو قريب جوعان لأثر لهذه الروح تقيداً منهم بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» (4 )، وإن وجود هذه الروح يجعل المسلمين في جد واجتهاد وطاعة وانضباط وإخلاص، في كل مجال من مجالات حياتهم ومن ضمنها طاعة الحاكم الذي يحكم بالإسلام حيث طاعته من طاعة الله، فيثمر ذلك في تقدم وازدهار وتطور الدولة والمجتمع؛ ليكون مجتمعاً ربانياً متميزاً يتمثل فيه وصف الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (5 )؟ فكيف ينطبق هذا الوصف على واقعه إن لم تكن هذه الروح موجودة وحاضرة عند أبناء المجتمع المسلم حيث يتقيدون بأحكام الله سراً وعلانية، رغبة في ما عند الله ورجاء رضوانه؟ فكان عزوف المسلمين عن الغيبة والنميمة هو عزوف متصل بهذه الروح، استجابة لأمر الله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) [6 ]، وكان انصراف المسلمون عن النميمة لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»، وكان الالتزام بصلة الرحم لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يدخل الجنة قاطع رحم»، وانتهوا أيضاً عن قذف المحصنات الغافلات خوفاً من الله تعالى لقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [7 ]، فكل ذلك وغيره كان بفعل هذه الروح التي تجعلهم متصلين مع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ولهذا كانت العلاقات التي تربط أفراد المجتمع المسلم علاقات متينة مبنية على أساس واحد وهو خشية الله عز وجل، فكان مجتمعاً راقياً مصطلحاً مع نفسه، صادقاً مع ربه، يحكمه الوازع الداخلي، ويقوم على تقوى الله عز وجل النابعة بشكل مستمر من وجود هذه الروح أي هذا الإدراك القوي المتين.
    ____________________
    1 - النساء 1
    2- الأنعام 162
    3 - رواه أحمد وأبو داود
    4- رواه أحمد
    5 - رواه مسلم
    6- الحجرات 12
    7 - النور 23

    يتبع

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123