يعتبر هذا الكتاب الإصدار الوحيد للشريفة تقية بنت الإمام يحيى حميد الدين الذي حكم اليمن في الفترة من 1904م وحتى تم اغتياله في الانقلاب الفاشل عام 1948م.. وتولى الحكم بعده الإمام أحمد حميد الدين الذي قامت عليه ثورة سبتمبر سنة 62 م وأعلن قيام الجمهورية العربية اليمنية في الجزء الشمالي من اليمن .
الكتيب يحكي عن مرحلتين مهمتين من تاريخ اليمن .. وهما عام 1948 م وقيام الجمهورية عام 1962م ..
تم منع الكتاب في اليمن لأعوام طويلة .. لكننا اليوم وبعد قرابة خمسين عام من قيام الجمهورية لا بد أن نكون محايدين في تناولنا لأحداث التاريخ وقراءة التاريخ برواية المنتصر والخاسر معا ..
هذا الكتاب عبارة عن ذكريات شخصية تتخلها رؤى سياسية مختلفة .. قضيت أكثر من عام وأنا أبحث عنه في الشابكة.. وجدت جزءا منه في صفحة السفير الأستاذ فيصل أمين على الفيس بوك.. سفير اليمن في لبنان وكان هذا الجزء مليئا بالأخطاء ثم تعبت بحثا عن الجزء الأخير دون فائدة.
حتى تمكنت بمساعدة صديق هو الأخ ابن الأمير من الحصول على الأجزاء المطلوبة مصورة .. فقمت بإعادة طباعتها ومراجعة الجزء الأول الذي كان مليئا بالأخطاء ..
وها هو الكتاب جاهزا للباحثين عليه ..
بدأ الحديث عن الكتاب يستدعي اهتمام الباحثين في تاريخ اليمن عندما تحدث عنه الأستاذ علي المقري في مقال بصحيفة الاتحاد الإماراتية هذا نصه
«يتيمة الأحزان من حوادث الزمان».. محاولة لمحو صورة قديمة
أميرة يمنية تتجاوز عبء الحريم
تاريخ النشر: الخميس 05 أغسطس 2010
علي المقري
لم يحصل كتاب “يتيمة الأحزان من حوادث الزمان” على الاهتمام الواسع من قبل القارئ اليمني؛ لكونه يضيء منطقة معتمة من تاريخ اليمن أو يكشف جوانب من أسرار التحولات التي عصفت بهذا البلد خلال منتصف القرن العشرين (1948 ـ 1965)، وإنّما لكون غلافه يشير إلى أن كاتبته هي: تقيّة بنت الإمام يحيى حميد الدين، الذي حكم اليمن حتى عام 1948، حيث قتل حينها على يد ثوّار سرعان ما أخمدت ثورتهم ليعود الحكم، إلى نجل القتيل الإمام أحمد.
فما الدافع لدى هذه الأميرة، من كتابة هذا الكتاب، الذي من كثرة تداوله واستنساخه لم يعد يعرف ناشره أو مكانه؟. إشارة المؤلفة إلى شغفها بالأدب قد يكون من أبرز هذه الدوافع، إلاّ أن القارئ المتفحص لصفحات الكتاب سيجد، ربّما، أن المؤلفة تقوم بتصفية تاريخية، عائلية على الأرجح، ضد كل من ساهم وقتل والدها الإمام، عاكسة رواية الثوّار في اتجاههم. فهم إذ قتلوه باعتباره مستبداً ومتسلطاً وظالماً، كان عصرهم الذي سيترسخ لاحقا مع ثورة 26 سبتمبر 1926، بالنسبة إليها، علامة على عصر الاستبداد والتسلط والظلم.
ليس هناك تفاصيل كثيرة يجد فيها القارئ ما يضيء أو يلفت إلى زاوية خاصة. تكتب بنت الإمام وكأنّ همّها هو محو صورة زوجها الأوّل (عبدالله بن علي الوزير) التي ظهرت في كتابات الثوار كمناضل حرّ ضد نظام الإمام يحيى. يبدو الزوج في الصورة الجديدة هو المتآمر الأوّل لاغتيال والدها، المراوغ والمخادع والكذّاب. وهي حين ترسم الصراع بحذر بين أسرتها (آل حميد الدين) وبين أسرة زوجها (آل الوزير)، فإنّها لا تعمم العداء، بل إنها تقوم بالمراجعة لدى شقيقها الإمام الجديد (أحمد) لإطلاق بعض المعتقلين من آل الوزير الأبرياء، حسب قولها.
ما وصل لابنتها عن مشاركة أبيها في التخطيط لمقتل جدّها الإمام، بعد عشرين سنة من الأحداث، هو ما حملته الأم تقية كأمر خاص، أرادت أن تظهره، أخيراً، في هذا الكتاب. لم يكن بخاف أن ابنة الإمام قد انحازت لأبيها القتيل، ولحكمه وتاريخه ضد المتطلعين الجدد. كما أن وقوف زوجها عبدالله الوزير مع ما سمّي بأحرار ثورة 1948 لم يكن مجهولاً، فالزوج الذي سرعان ما توفي بعد فشل هذه الثورة أفصح عن ذلك بمراسلاته وكتاباته التي نشرت في ما بعد.
هناك ذكريات بثتها المؤلفة عن جوانب من طفولتها، وزواجها وهي في الثالثة عشرة من عمرها، وعن ظروف احتجاز عائلتها من قبل الحكام الجدد، إلاّ أنها اقتصرت على إشارات خاطفة، ولم تذهب هذه الذكريات بعيداً في التفاصيل التي كان يمكن أن تضيف الكثير لما هو معروف ومنشور.
تقول ابنة الإمام، التي ترى في أبيها الحاكم العادل المحقق لاستقلال اليمن، أنها تجاوزت في كتابها هذا الأحقاد الشخصية، ولم تقل كيف يمكن أن نصنّف ما أوردته من أحكام قطعية على أشخاص كانوا في القرب منها، وما روته من أحداث مضت إلى جوارها، خلف جدار أو أكثر. جدران بدت الكاتبة تتسمّع من خلفها ما يحدث، مكتفية بما عهد إليها من دور مجتمع الحريم.
مع هذا، إذا كانت ثورة 26 سبتمبر 1962 قد أزاحت أسرة هذه الأميرة من حكم اليمن، فإن فعل الكتابة، يبدو وقد أخرج ذكرياتها من عبء الحريم.
أترككم مع الكتاب وأتمنى لكم قراءة مفيدة
د. مختار محرم