من حيث تحديد الفرق
قال الشيخ يوسف محمد الغفيص:
"في هذا الحديث امتياز ذكر عدد الطوائف المخالفة، وأنهم ثلاثٌ وسبعون فرقة، وهذا الامتياز ليس تحته حقيقة كثيرة؛ لأنه علم كلي.
ومعنى أنه علم كلي أي: أنه لا يستطيع أحدٌ لا من السلف ولا من الخلف أن يحدد هذه الفرق الثلاث والسبعين على القول بصحة الحديث، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله إنه لم يكن من طريقة السلف الجزم بتعيين هذه الفرق، وإن عينوا أصولها كقولهم: أصول البدع أربع: المرجئة، والقدرية، والجهمية، والشيعة، أو ما إلى ذلك من جمل السلف، فهم قد يعينون أصول البدع.
أما أنهم اشتغلوا بتسمية الفرق المخالفة للسلف -وهم ثنتان وسبعون فرقة- فإن هذا الاشتغال لم يقع من أحد من السلف، وإنما اشتغل به بعض المتأخرين...
لكن هذا الاشتغال ليس اشتغالاً سلفياً، بل هو من القول على الله بغير علم...
فإن صح هذا الحرف عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حرفٌ يعلم علماً مجملاً، كلياً، فيعلم أن الفرق ستكثر، وكأن المراد من كلمته صلى الله عليه وسلم: أن البدع ستكثر، وأنه سيكون لها أوجهاً متعددة.
وأما أن المكلفين يعلمون أسماء هذه الفرق فهذا ليس بصحيح...
إذاً قوله: (على ثلاث وسبعين فرقة) هذا التحديد هو الذي أفاده هذا الحديث.
فإن صح قيل: هذا من العلم المجمل الكلي، وإن لم يصح فالاعتبار بثبوت الافتراق وليس بماهية العدد".