همد القصف فجراً بعدما اختلط الموت بالحياة ، أخرسه الأسى ، شبعت نفسه بؤساً ، خرج خلسة من كهفه ، فما عاد يشكو ، لكنه يرى ...
دخان أسود ، في كل مكان ، يقطف أغصان الأشجار على مهل ، والظلمة ممدودة بين السماء والأرض .. فرت الأطيار من أوكارها ، غربان سود تحمل الموت في كل وقت وحين ، ما بقي في فمه سوى ملوحة هــم صامت ..
ود أن يصرخ ، لكن صوته تخشن .. أسر في نفسه ما تبقى من نخـوة ، حمل حفنة من التراب ، دسها في جيبه ، جال ببصره هنا وهناك .. مشى ومشى .. الثواني تقضم الثواني ، فاجأه جاره بالسؤال :
ـــ إلى أين أنت ذاهب .. ؟
ـــ إلى وطني ..
ـــ أليس هذا وطنك .. ؟
فحصه بعينيه مدة من الزمن ، كاد أن يجرده من ملابسه ،ابتسم ابتسامة ملتوية ، استلها من عنف ، ثم انصرف على عجل ولم ينبس بكلمة ..