.... غادرت البيت بعدما كان الصبح يجفف ما تبقى من سواد الليل .. كان يرقبها، يقتفي أثرها، كأنه على موعد ..على لقاء .. ، يمشي وراءها مشية النعام .. يظهر ويختفي .. يستعد ويستعد..! تقلصت شفتـه.. وكبس الخوف على ذاته، نظراته تأكل جسدها وتعصف كالبرق الخاطف حول الأعضاء المخبوءة .. تجمعت الجرأة في جسمه ، همس قلبه ألف همسة ، وأخيرا تحفز الذئب للانقضاض ، فكانت نسبة الخطإ لديه ضعيفة.
المكان يشكو خواء منفراً ، يتذمّر من قتامة قاتلة غير معهودة، والوادي العميق يئن تحت وطأة الجفاف ، والأحجار الناتئة تحلم بمطر قد تجود به السماء..
ينتصب أمامها، شيطان مارد يرقص حولها ، يعترضها ، تغــيّر الاتجاه .. ينط أمامها ، تتراجع إلى الوراء ، تتوقف ، ويتوقف الزمن .. لعاب مُرّ غير معهود ينحبس في فمه ..؟ فاتنة .. رائعة .. منبع نقي .. حديقة زاهية لم تحرث بعد .. ؟
فار دمه بقوّة، تحاول مرة أخرى أن تنفلت منه ، تبعد جسدها عن جسده ، فمها عن فمه.. المحاصرة قوية والمطاردة عنيفة ، سكين لامع يتجول على رقبتها، ثيابها تتمزق بعنف ، ويدها اليمنى تخبّئ الزهرة بدون جدوى .. غيرت الأطيار نغمتها، وأضحت شقشقتها نواحاً، وتسقط الأوراق ، وتتلاشى الأغصان .. ! شيء ما يلوث الذات الآد...مية ..
غربان سود تحوم فوق الجثة الهامدة ، تحفحف بأجنحتها ، تنتظر نضج الديدان البيضاء ..